لا يفهم الحاقدون ما يربط شعوبنا من وحدة الدم والمصير والتاريخ المشترك، ولا يدركون مبادئنا وقيمنا.
عندما نشبت الأزمة العسكرية الأخيرة في العاصمة اليمنية المؤقتة، عدن، استغلت وسائل الإعلام التابعة لقطر وتنظيمات الإرهاب ما يحدث في هذا البلد الشقيق؛ لمحاولة الوقيعة بين الإمارات والسعودية، مواصلة نهجها القائم على نظرية جوبلز، وزير الدعاية النازية الشهير في عهد هتلر، "اكذب، اكذب، اكذب حتى يصدقك الآخرون"، وطُبِّق هذه المرة أحد جوانب النظرية القائلة بأنه "كلما كبرت الكذبة سهل تصديقها"، وروجت للمزاعم القائلة بأن الإمارات تدعم أحد طرفي الصراع في عدن، وأن هناك خلافاً بين الإمارات والسعودية حول تقاسم المصالح في اليمن!!
لم تعرف ماكينة الدعاية القطرية كيف تروج جيداً لأكاذيبها ورواياتها المغلوطة، وأصرت على ترديد القصص المفبركة في اليمن، والتي دحضتها منذ اليوم الأول "تغريدة" معالي د. أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، التي قال فيها: "إن الأولوية في اليمن هي لهزيمة الحوثي ومشروعه"، وطالب الأطراف اليمنية بالتشاور بشأن أزمة عدن، معتبراً أن "الحوار اليمني الجاد مطلوب للتعامل مع قضايا حقيقية تراكمت سلبياً".
موقف رسمي واضح وصريح لدولة الإمارات، ومن المنطقي ألا يذهب الخيال بعيداً في ظل التراكم التاريخي للسياسة الخارجية الإماراتية، التي تتسم بقدر عال من الشفافية والوضوح وتتمسك بالمبادئ والثوابت المعلنة، ولكن هؤلاء لا يبحثون عن الحقائق ويتخذون من الإعلام وسيلة لنشر الفتن والاضطرابات، لا الحقائق والمعلومات!
بددت الجهود الإماراتية السعودية المشتركة كل ما تردد من أباطيل طيلة الأيام الأخيرة حول دور الحليفين في اليمن الشقيق، بل رب ضارة نافعة؛ فقد كشفت هذه الأزمة للشعب اليمني عن مدى حرص البلدين على مصالحه، والرغبة في مواصلة تحرير أراضيه من قبضة جماعة الحوثي الانقلابية الإيرانية.
ولأن أصحاب الغرض لا يقرؤون ولا يتابعون، بل يرددون ويروجون ما يرسم لهم أو يرسمونه لأنفسهم من أهداف تركز فقط على محاولة الوقيعة بين الدولتين الحليفتين؛ الإمارات والسعودية، لاسيما بعد فشل محاولة الوقيعة بين مصر وبقية الدول الأربعة الداعية لمكافحة الإرهاب، عبر محاول استقطاب موقف القاهرة والغمز من قناة المصالح والاستثمارات، فإن آلة الدعاية واصلت ترديد نفس التفسيرات المقولبة، فلم تنتبه إلى الموقف الرسمي الإماراتي، الوارد على لسان معالي د. قرقاش، والذي خاطب فيه هؤلاء قائلاً: "من الضروري التأكيد لأصحاب الفتن، ولمحبي التصيّد في المياه العكرة، أن الموقف الإماراتي مرآة للتوجه السعودي، نبني شراكة استراتيجية تشمل أزمة اليمن وتتجاوزها".
الرسالة الإماراتية كانت واضحة منذ البداية، ولكن أصحاب الغرض لا يسمعون، بل صموا آذانهم وأعموا عيونهم عن رؤية الحقائق، بل حالوا بين عقولهم وبين مجرد التفكير فيما يرددون، وإلا ما استطاعوا ترديد هذا الهذيان؛ إذ كيف يعقل للإمارات والسعودية أن تقفزان على التحديات الاستراتيجية التي تواجه أمن البلدين والمنطقة بأكملها وتدخلان في تنافس على مصالح في اليمن؟!
عندما انطلقت "عاصفة الحزم" بقرار تاريخي للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في 25 مارس 2015، لم تفكر القيادة الإماراتية كثيراً في الالتحام مع موقف الأشقاء في المملكة العربية السعودية، ووقتذاك لم يكن هناك سوى تهديد واضح للشعب والدولة اليمنية، فكانت الحملة دفاعاً عن الشرعية الدستورية، ولم تكن هناك حسابات مصالح لأي طرف، ثم أي مصالح تلك التي تقايض أو تضاهي دماء شهدائنا الأبرار على أرض اليمن الشقيق؟
لا يفهم الحاقدون ما يربط شعوبنا من وحدة الدم والمصير والتاريخ المشترك، ولا يدركون مبادئنا وقيمنا، التي تجعل من إغاثة الملهوف والاستجابة لندائه وعداً لا فكاك منه ولا فرار.
يعتقد بعض الحاقدين من دول وتنظيمات إرهابية أن استخدام سلاح الشائعات قادر على الطعن في أسس التحالف الإماراتي السعودي وركائزه، أو على الأقل إثارة الشكوك حول أهدافه، ولكن جاءت جهود الوساطة المباشرة التي تبذلها الإمارات والسعودية؛ من أجل نزع فتيل الأزمة في عدن، أبلغ رد على هؤلاء الحاقدين والمشككين.
الإشكالية الأساسية أن هؤلاء الذين تربطهم علاقات التآمر ببعضهم البعض لا يقدرون على فهم ديناميات التحالف الإماراتي السعودي ومبادئه وما يرتكز عليه من قيم العروبة الأصيلة، ولا يستطيعون استيعاب عمق رسوخه وثباته على أرض الواقع، فقد كانوا يتصورون أنها "جولة عابرة" لاقتسام "كعكة" النفوذ والمصالح، فهكذا كانت تخطط قطر عندما انخرطت في التحالف العربي في بدايات الأزمة، وهذا هو نهجها منذ أن كانت تتعامل مع نظام الراحل علي عبد الله صالح بوجه وتتعامل مع أعدائه الحوثيين بوجه آخر، منذ نحو عقدين من الزمن، وكيف لإيران أن تعترف، تصريحاً أو تلميحاً، بأن التحالف العربي قد أجهض أحلامها التوسعية في السيطرة على أراضي اليمن؟!
في عصر ثورة المعلومات والانكشاف غير المسبوق على الأحداث وأبعادها وتطوراتها، لم يعد من الممكن أن تتاح فرصة للجبناء والحاقدين والمشككين كي يكتبوا التاريخ، بل تكتبه الحقائق، ولَكَم يعد من السهل أن تحلق الأكاذيب عالياً في فضاءات المعرفة، بل تسقط بسرعة تفوق سرعة انتشارها فور بزوغ شمس الحقائق؛ وهكذا بدّدت الجهود الإماراتية السعودية المشتركة كل ما تردد من أباطيل طيلة الأيام الأخيرة حول دور الحليفين في اليمن الشقيق، بل رُبَّ ضارة نافعة؛ فقد كشفت هذه الأزمة للشعب اليمني عن مدى حرص البلدين على مصالحه والرغبة في مواصلة تحرير أراضيه من قبضة جماعة الحوثي الانقلابية الإيرانية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة