لعل مقولة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل: "الإماراتي سعودي والسعودي إماراتي" اختصرت الكثير فيما يمكن أن يوصف.
نشارك أشقاءنا في السعودية فرحة احتفالاتهم باليوم الوطني الـ(90) لتأسيس المملكة، الذي يصادف غدا الأربعاء الموافق 23 سبتمبر؛ حيث أصدر الملك عبدالعزيز آل سعود في هذا التاريخ أمراً يعلن فيه توحيد المملكة في العام 1932 وتسميتها باسم: المملكة العربية السعودية، ومنذ ذلك التاريخ إلى الآن ولها مكانتها في السياسة الدولية، ولها مواقفها الإقليمية العظيمة كشقيقة كبرى للدول العربية.
وتسجل مشاركة دولة الإمارات وشعبها الأشقاء في السعودية استثناءً عن أي تفاعل أو مشاركة من دولة أخرى؛ لأن ما يربط بين البلدين من علاقات يتعدى ما هو سائد ومتعارف بين الدول. حيث ارتبطت علاقاتنا بمصير مشترك في الكثير من التغيرات التي عصفت بالعالم العربي وبالمنطقة الخليجية، مما زادت تلك العلاقة الممتدة منذ عقود رسوخاً ومتانة.
بل إن بعض تلك التغيرات، مثل حرب اليمن نصرة للشرعية، وما تلاها من تداعيات، أكدت على أهمية ترابط البلدين الأبدي ليس فقط من أجل مصلحة الشعبين مع أنهما يأتيان في مقدمة الأولوية، ولكن لمصلحة الشعوب الخليجية والعربية بأكملها، حيث أوضحت تلك التحديات أن لقيادة البلدين فهما ورؤية استراتيجية مختلفة وأدق عن الآخرين في مسألة الدفاع عن الأمن القومي العربي.
ونشير لمن يريد ولأي دارس للعلاقات الدولية إلى العلاقة الإماراتية- السعودية كنموذج للعلاقات الاستراتيجية التي تربط الدول بالمعنى الحقيقي والفعلي والتي توصف أحياناً بالتكاملية، على أنه لن يجد أفضل من الالتفات ومتابعة ما يتم بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية من تنسيق سياسي وشعبي.
ما وصل إليه التنسيق والتعاون بين السعودية والإمارات، عادة لا يتم إلا بين الأقربين، لأن الأخطار التي واجهتهما لم تكن تهدد طرفا دون الآخر، ما يعني أن المصير مشترك. أضف إلى ذلك أن الاستهداف الذي تعرضا له من أجل زعزعة العلاقة بينهما من قبل الآخرين أوضح أهمية كل طرف للآخر، من خلال زيادة التنسيق الثنائي على كل المستويات، حتى تم إنشاء مجلس للتنسيق السعودي-الإماراتي في العام 2016، ما أعطى رسالة صريحة للمتابعين لطبيعة العلاقة بينهما، أنهما سيواجهان ما يهددهما ويهدد الإقليم العربي بالتعاون معا.
ولعل مقولة صاحب السمو الملكي خالد الفيصل: "الإماراتي سعودي والسعودي إماراتي" اختصرت الكثير فيما يمكن أن يوصف حول الروابط بين الشعبين السعودي والإماراتي، وهي عبارة يمكن أن نرى تطبيقها على الواقع أثناء تعرض أو مواجهة أي طرف منهما لتحديات أو متغيرات والتي باتت كثيرة في أيامنا هذه. بل إنه خلال الاحتفالات أو المناسبات الوطنية يتداخل الأمر للبعض، فيعتقد سهواً أنها إحدى المناسبات الوطنية للدولة الأخرى بسبب المشاركة الكبيرة في الأفراح كما هو الأمر في الأزمات.
ما يميز العلاقة بين الدولتين في تفسير مفهوم العلاقة الاستراتيجية، أن هناك ترابطا فكريا ومصلحيا تعديا الجوانب المادية والدبلوماسية ليصل إلى دم مشترك، حيث قدم كل طرف منهما شهداء من أبنائه في سبيل حماية الأمن الوطني المشترك، فصار يشعر كل منهما بالآخر. حتى صار البلدان يكملان البعض في الأدوار السياسية الدولية. فإذا كانت السعودية اليوم الدولة الأكثر تأثيراً في السياسة الإقليمية والعربية ومرجعاً دولياً لقضايا المنطقة، فإن دولة الإمارات تشاركها في هذا الدور بفعل دبلوماسيتها النشطة في الملفات الدولية والإنسانية وبنموذجها التنموي وحضورها في العديد من الملفات المهمة.
هناك إحساس مشترك بين البلدين قيادة وشعباً بأهمية التكامل الثنائي بينهما؛ فمع أن هناك علاقات تجمعهما ضمن الإقليم الخليجي والإقليم العربي، إلا أن هناك فهماً ثنائياً مختلفاً عن الآخرين لحجم التحديات التي يتعرض لها الإقليم ويتعارض عما يستشعره الآخرون، من هنا كانت العلاقة خلال الفترة الأخيرة أكثر تنسيقاً وتكاملاً، وتمكنت بفضل ذلك التنسيق من صد كل محاولات اختراقها أو حتى التشكيك فيها بل كانت تزيدها رسوخاً وارتباطاً.
إن العلاقة الإماراتية – السعودية لديها الكثير من قصص التعاون الثنائي حول تفسير مفهوم العلاقة الاستراتيجية الحقة، كل واحدة منها تصلح لأن تكون مثالاً يحتذى بين الدول، وبالتالي لا يكون مستغرباً أن تحمل هذه العلاقة شعار.. معاً للأبد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة