محطات مضيئة في تاريخ برنامج الفضاء الإماراتي.. "طموح زايد" يعانق السماء
عندما يدون المؤرخون الأحداث الفضائية المهمة في القرن الحالي، سيتوقفون طويلا عند تاريخ 20 يوليو/تموز 2020، الذي شهد إطلاق مسبار الأمل الإماراتي لكوكب المريخ.
وبهذا المسبار، حجزت الإمارات مقعدا بين الدول الرائدة في مجال الفضاء، إذ وضعها بين مصاف الدول التي تشارك في الأحداث الفضائية وصناعة المعلومات.
وعند الحديث عن هذه المحطة الهامة، لابد أن نعود إلى بذرتها التي ترجع كما يكشف الأرشيف الوطني بالإمارات إلى أن الاهتمام بقطاع الفضاء يعود إلى عام 1974، أي بعد مرور 3 سنوات على تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971.
وتظهر صور أرشيفية استقبال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات لمدير المتحف الأمريكي الوطني لرحلات الفضاء آنذاك الدكتور فاروق الباز، وجيمس إروين، أحد رواد الفضاء الأمريكيين الذين قاموا برحلات إلى القمر.
وبعدها بعامين فقط استقبل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، 3 رواد فضاء أمريكيين هم توماس ستافورد وفانس براند ودونالد سايتون، ومعهم فاروق الباز، ما يؤكد انشغال القائد والأب المؤسس بعلوم الفضاء منذ بزوغ فجر الاتحاد، وطموحه في أن تضع الإمارات قدما في هذا المجال.
وتمر السنوات ليترجم أبناء زايد هذا الطموح إلى واقع عملي، ليمثل قطاع الفضاء واحدا من أهم الإنجازات الإماراتية التي يمكن أن يفخر بها المواطن الإماراتي والعربي، وهو يحتفل بمرور 49 عاما على تأسيس الدولة في 2 ديسمبر الجاري.
ومن الحلم إلى الواقع، تستعرض "العين الإخبارية" أبرز المحطات المضيئة في تاريخ برنامج الفضاء الإماراتي في هذا التقرير:
المحطة الأولى عام 1974
طموح أبداه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الأب المؤسس لدولة الإمارات، دفعه إلى الالتقاء بالخبراء المعنيين بهذا المجال.
المحطة الثانية من (1974- 1996)
تم خلالها التخطيط وبذل الجهد في بلورة هذا الطموح إلى مشروعات على الأرض، من خلال الاهتمام بالقطاع الفضائي والاتصالات الفضائية.
المحطة الثالثة (1997- 2013)
أسفر الاهتمام بالقطاع الفضائي عن مشروعات وضعت بذرة الإنجاز الذي تكلل بإطلاق مسبار الأمل، وتضمنت هذه المحطة التالي:
- تأسيس شركة الثريا عام 1997 لتقديم خدمات المحمول عبر الأقمار الصناعية، وإطلاق أول أقمارها الصناعية "الثريا 1" عام 2000.
- تأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء عام 2006، وهو الجهة التي تحتضن برنامج الإمارات الوطني للفضاء.
- تأسيس شركة "الياه" للاتصالات الفضائية عام 2007 لتلبية الطلب المتزايد على خدمات الاتصالات الفضائية من قبل الهيئات الحكومية والشركات والأفراد.
- إطلاق "دبي سات 1" عام 2009، وهو أول قمر اصطناعي تطلقه الإمارات لأغراض الرصد البيئي.
- إطلاق شركة "الياه سات" قمرها الصناعي الأول "الياه 1 " في أبريل/نيسان عام 2011، لتقديم خدمات الاتصالات الفضائية للقطاعات الحكومية وخدمات البث التليفزيوني عالية الدقة.
- إطلاق القمر الصناعي "الياه 2" عام 2012، والذي يتيح الوصول للإنترنت لمختلف المؤسسات التجارية والأفراد في مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا ووسط وجنوب غرب آسيا.
- إطلاق القمر الصناعي الثاني (دبي – سات 2) المخصص لأغراض الرصد في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2013، ليصبح ثاني الأقمار الاصطناعية الخاصة بالإمارات في المدار الأرضي.
المحطة الرابعة (2014)
استدعت كل مشروعات المحطة الثالثة، أن يكون هناك إطار تظيمي لقطاع الفضاء، فكان وصول قطار قطاع الفضاء إلى محطة تأسيس وكالة الإمارات للفضاء عام 2014، بموجب مرسوم قانون اتحادي.
وتهدف الوكالة إلى تطوير قطاع الفضاء في دولة الإمارات، عبر إقامة الشراكات والبرامج الأكاديمية، ودفع عجلة أبحاث الفضاء.
المحطة الخامسة (2015-2019)
وتضم هذه المرحلة عده إنجازات أبرزها:
- الإعلان في مايو/ أيار من عام 2015، عن المشروع الطموح للوصول إلى المريخ عبر ما يعرف بـ"مسبار الأمل"، وبدأت الخطوات التنفيذية لبناء المسبار بمركز محمد بن راشد لعلوم الفضاء في نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام.
- إعلان الاستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء، والتي قامت ببلورتها وكالة الفضاء الإماراتية وتم الإعلان عنها وإطلاقها عام 2015، لتحقيق 6 أهداف رئيسية، من خلال تنفيذ أكثر من 20 برنامجاً شاملاً و70 مبادرة في السنوات العشر القادمة، وتهدف الاستراتيجية كذلك إلى تعزيز العلاقات مع المنظمات الدولية في قطاع الفضاء، ودعم البحث العلمي، وتشجيع الابتكار، وتطوير قادة الفضاء في المستقبل.
- إعلان الخطة الوطنية لقطاع الفضاء عام 2016، وتهدف إلى بناء قطاع فضائي إماراتي قوي ومستدام، ويساهم في تنويع الاقتصاد ونموه، ويعزز الكفاءات الإماراتية المتخصصة، ويطور القدرات العلمية والتقنية العالية.
- إطلاق أول قمر اصطناعي "نانو متري" عام 2017، وهو القمر "نايف 1" ، واستغرق البناء عام واحد، وتم برمجة القمر لنقل الرسائل باللغتين العربية والإنجليزية باستخدام ترددات موجات الراديو.
- إطلاق القمر الاصطناعي "خليفة سات" عام 2018، وهو أحد أكثر أقمار الرصد والاستشعار عن بعد تقدما على مستوى العالم، وهو أول قمر اصطناعي يجري تصميمه وتصنيعه بالكامل في الإمارات، ويهدف القمر لالتقاط صور لكوكب الأرض وإرسالها إلى مركز محمد بن راشد للفضاء، وتساعد هذه الصور الحكومات ومنظمات القطاع الخاص لمراقبة التغيرات البيئية، بالإضافة إلى دوره في جهود الإغاثة خلال الكوارث البيئية.
- الإعلان عن الخطة الوطنية للاستثمار الفضائي وإطلاقها في عام 2018، بهدف زيادة مساهمة قطاع الفضاء الوطني في تنويع اقتصاد دولة الإمارات، وتحفيز التعاون والشراكات بين المؤسسات ذات الصلة في القطاع الحكومي والخاص والبحثي والأكاديمي، إلى جانب تشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي في صناعة الفضاء، وجذب الشركات الفضائية العالمية لتتخذ من الدولة مقراً إقليمياً وعالمياً لأنشطته.
- حفر هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، اسم دولة الإمارات بحروف من نور خلال رحلته التاريخية، التي قام بها في الفترة من ٢٥ سبتمبر/ أيلول وحتى ٣ أكتوبر/ تشرين الأول ٢٠١٩، وأجرى خلالها 16 تجربة علمية.
- نقل مسبار الأمل بعد تجهيزه في مركز محمد بن راشد إلى جامعة بولدر بكولورادو الأمريكية، حيث خضع لاختبارات بيئية بدأت في يونيو/حزيران عام 2019، واستمرت حتى ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، وشملت الاختبارات "الاهتزاز والتداخل والتوافق الكهرومغناطيسي والاختبار الحراري والفراغ والصدمة".
المحطة السادسة (2020- عام إطلاق المسبار)
يمكن وصف هذه المرحلة بأنها عام الفرحة بالإنجاز، حيث عاد مسبار الأمل من أمريكا إلى الإمارات في يناير/كانون الثاني عام 2020، وتم تجهيزه لرحلة الانطلق، حتى انطلق بالفعل إلى الفضاء في 19 يوليو/تموز من نفس العام.
كما تم الكشف خلال نفس العام، عن قانون تنظيم قطاع الفضاء، ويشمل مجموعة واسعة من الأنشطة المحتملة، بما في ذلك الرحلات الفضائية المأهولة والتعدين الفضائي، ويخلق بيئة تشجع على الاستثمار في الفضاء.
ويسهم قانون قطاع الفضاء الوطني في تنظيم الأنشطة الفضائية بطريقة تضمن تطوير قطاع مزدهر وآمن في دولة الإمارات يترجم رؤية القيادة الرشيدة.