من الدعم الإنساني إلى جهود الحل، تلعب دولة الإمارات دورا بناء وقويا في تخفيف معاناة الشعب السوداني إثر الحرب المستمرة منذ عامين.
إذ قال الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، في مقال بصحيفة "ذا ناشونال"، إنه "على مدى أكثر من خمسة عقود، ارتبطت دولة الإمارات العربية المتحدة والسودان بعلاقات وثيقة تربطها روابط عميقة من التجارة والثقافة والصداقة".
وأوضح أنه "منذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، تبادلت الدولتان السلع والأفكار والاحتفالات. واستثمرت الإمارات العربية المتحدة في السودان، من خلال تمويل الزراعة والمياه النظيفة، ودعم وخلق فرص عمل من خلال الاستثمارات التجارية".
وأضاف "طوال تاريخ السودان المضطرب من الحروب والانقلابات، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة دائماً موجودة لمساعدة الشعب السوداني ودعمه. وللأسف، أعادت الحرب الأهلية التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023 تشكيل واقع السودان من جديد، وجلبت الموت والدمار والمعاناة الهائلة لشعبه".
واستطرد "على مدى عامين تقريباً، عملنا بلا كلل مع شركائنا للمساعدة في التخفيف من حدة هذه الكارثة - في محاولات متضافرة لتجنب الحرب بعد الإطاحة بالحكومة المدنية ثم دعم المفاوضات وتقديم المساعدات وحث الطرفين المتحاربين مراراً وتكراراً على وقف القتال والسعي إلى حل سياسي".
ومضى قائلا "إن التزامنا بالسلام يتجاوز الكلمات. فعلى مدى العقد الماضي، ساهمت دولة الإمارات العربية المتحدة بأكثر من 3.5 مليار دولار في المساعدات الإنسانية للسودان، ومنذ اندلاع النزاع، بلغت قيمة هذه المساعدات أكثر من 600 مليون دولار. وعلاوة على ذلك، كان صوت الإمارات العربية المتحدة من أكثر الأصوات نشاطاً في تسليط الضوء على آثار هذه الحرب على المدنيين".
"الحل السلمي"
الدكتور أنور بن محمد قرقاش قال أيضا، "كما عقدنا شراكات مع الدول المجاورة لتعزيز الإغاثة الإنسانية وعقدنا اجتماعات مع الجهات الدولية الفاعلة للدفع باتجاه حل سلمي".
ووفق المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، تجلى ذلك مؤخراً في المؤتمر الإنساني حول السودان الذي استضافته دولة الإمارات العربية المتحدة في أديس أبابا على هامش قمة الاتحاد الأفريقي، إلى جانب إثيوبيا والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في القارة.
موضحا "اجتمعت العديد من الدول معًا للدعوة إلى وقف إطلاق النار في شهر رمضان وتأكيد التزامها بمستقبل السودان. وهناك، وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسالة صارمة: يجب على العالم أن يتصرف - بشكل عاجل وحاسم - لمساعدة الشعب السوداني على الخروج من هذا الكابوس. ونحن نتفق معه تمامًا، ولهذا السبب لا يزال سعينا لوقف إطلاق النار ثابتًا".
قبل أن يضيف "هذا الالتزام هو جزء من رؤيتنا طويلة الأمد لتعزيز السلام والازدهار والشراكة والتنمية الاقتصادية المستدامة في جميع أنحاء أفريقيا. لقد لعبت الشركات الإماراتية دوراً حيوياً في ربط القارة السمراء - بناء الموانئ وتوسيع شبكات الطيران وتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى".
وزاد "واليوم، تُعد الإمارات العربية المتحدة من بين أكبر المستثمرين في أفريقيا، مع إرث من التعاون يمتد لأكثر من 50 عاماً. هدفنا واضح: نريد لأفريقيا والشرق الأوسط أن يزدهرا معاً".
"إجراءات هزلية"
وانتقل الدكتور أنور بن محمد قرقاش، إلى نقطة أخرى، وقال إن "الإجراءات الهزلية التي اتخذتها الحكومة التي تقودها القوات المسلحة السودانية في محكمة العدل الدولية ليست أكثر من لعبة سياسية وحيلة دعائية، وهي محاولة لجر صديق قديم للسودان وأفريقيا إلى الصراع الذي أججوه هم أنفسهم".
وتابع "يأتي ذلك في أعقاب الإجراءات السخيفة التي اتخذتها القوات المسلحة السودانية في مجلس الأمن الدولي، والتي بنيت بالمثل على افتراءات وأكاذيب وخيال".
موضحا: "يجب ألا يكون هناك أي لبس: القوات المسلحة السودانية هي أحد الطرفين المتحاربين. فبعد استيلاء الجيش على السلطة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، والإطاحة بالحكومة الانتقالية المدنية التي عرقلت عملية الانتقال التي يقودها المدنيون في السودان، لعبت القوات المسلحة السودانية دورًا محوريًا في الصراع وعدم الاستقرار الذي أعقب ذلك".
وأضاف "وقد ساهمت أفعالهم بشكل مباشر في تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، مما يؤكد عدم شرعيتهم في نظر المجتمع الدولي. وتندرج الإمارات العربية المتحدة ضمن إجماع دولي عندما تنظر إلى القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع كطرفين متحاربين".
ومضى قائلا "إذا كانت القوات المسلحة السودانية تسعى حقًا إلى السلام، فالطريق واضح - فليأتوا إلى طاولة المفاوضات التي تم توسيعها بالفعل في شكل إعلان جدة ومجموعة الألب وغيرها.. يمكن أن تنتهي هذه الحرب اليوم إذا وافق الطرفان على فك الارتباط وقبول العروض المتكررة للمحادثات التي قدمها المجتمع الدولي والشركاء الموثوق بهم".
"طرفان يواصلان القتال"
المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أكد أيضا، أن "الحقيقة المأساوية هي أن الرصاص والقصف الذي يقتل المدنيين السودانيين الأبرياء تطلقه قوات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على حد سواء. ومن المحبط أكثر أن نسمع تقارير عن استخدام القوات المسلحة السودانية للأسلحة الكيميائية خلال هذا الصراع، وعلى مدار تاريخ السودان".
وزاد "من المؤسف أن كلا الطرفين يواصلان القتال، ويرتكبان الأفعال ذاتها التي أدت إلى فرض عقوبات عليهما من الولايات المتحدة وغيرها".
في هذا السياق، قال "في الوقت نفسه، توفر الإمارات العربية المتحدة الدواء والغذاء والمأوى والمساعدات الإنسانية. وعلى الرغم من حملات التضليل المستمرة، إلا أننا لا ندعم أو نمد أيًا من الطرفين. نحن ندين بشكل لا لبس فيه الفظائع التي يرتكبها كلا الطرفين وندعو إلى وقفها فوراً".
وتابع "لا نزال ملتزمين بتنمية أفريقيا وازدهارها. وسيستمر دعمنا للاجئين الأبرياء الفارين".
وأضاف "والأهم من ذلك، سوف نستمر في لعب أي دور بنّاء يمكننا القيام به للمساعدة في إنهاء هذه الكارثة الإنسانية والحرب العبثية. إن شعب السودان يستحق أكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة - إنه يستحق مستقبلاً مبنياً على السلام والكرامة".