كيف دعّمت الإمارات مؤتمر الأطراف «COP» على مدار 5 عقود؟
دفع الجهود العالمية ووضع حلول للحد من تداعيات تغير المناخ
منذ تأسيس دولة الإمارات عام 1971، على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيّب الله ثراه"، أكدت التزامها بدعم جهود العمل المناخي على الصعيد العالمي.
تمتلك الإمارات مسيرة حافلة من العمل البيئي، فبعد 6 أشهر فقط من تأسيسها، شهد المؤتمر الأول للأمم المتحدة المعني بحماية البيئة والعمل من أجل استدامة الموارد الطبيعية، مشاركة وفد إماراتي رفيع المستوى، وبعد نحو 4 سنوات، تم صدور أول قانون وطني في المنطقة، يستهدف حماية البيئة، في عام 1975.
ونظراً للطبيعة المناخية القاسية في منطقة الخليج، التي تتمثل في ارتفاع الحرارة لمعدلات قياسية، ومعاناة دول المنطقة من الجفاف وندرة المياه، تعتبر دولة الإمارات التغيرات المناخية أحد أكبر التهديدات لاستمرار الحياة على الأرض، الأمر الذي يتطلب مواجهتها عبر عمل جماعي تتضافر فيه كافة الجهود الدولية.
دعم جهود العمل المناخي على الصعيد العالمي
انطلاقاً من هذه الرؤية، حرصت دولة الإمارات دائماً على أن تكون في مقدمة الصفوف للحد من التغيرات المناخية، منذ مؤتمر ريو دي جانيرو، عام 1992، الذي أسفر عن اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، التي تختص بتنسيق جهود العمل المناخي على الصعيد العالمي.
لتعزيز دورها في قيادة العمل المناخي، سواء على الصعيد الدولي أو الإقليمي، حرصت دولة الإمارات على المشاركة في مؤتمرات الأطراف التي تعقدها سكرتارية الاتفاقية الأممية (COP) سنوياً، لتيسير المفاوضات الحكومية الدولية بشأن تغير المناخ، ودعم تنفيذ أهداف الاتفاقيات المتعلقة بالعمل المناخي.
ومن بين 27 مؤتمراً للأطراف، شهدت مشاركة رفيعة المستوى من جانب دولة الإمارات، يحتفظ الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي رئيس مؤتمر الأطراف COP28، برقم قياسي من المشاركات، بواقع 11 مؤتمراً، قبل أن يتم تعيينه مبعوثاً خاصاً لدولة الإمارات للتغير المناخي، كما كان رئيساً للوفد الإماراتي في مؤتمر (COP21) في العاصمة الفرنسية باريس عام 2015.
- محمد بن زايد: أرحب بقادة العالم وممثليه على أرض الإمارات بمؤتمر COP28
- رئيس مؤتمر الأطراف COP28 للغارديان: «النتائج الاستثنائية» ممكنة
المصادقة على بروتوكول كيوتو واتفاق باريس
وتسعى دولة الإمارات لتقديم نموذج عالمي فعال للتعامل مع التغير المناخي، ومواجهة التحديات التي يفرضها على دول العالم، لضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، وتتمثل أبرز المحطات في مسيرة دولة الإمارات للعمل المناخي في عدة نقاط، منها:
- في عام 1989: انضمت دولة الإمارات إلى اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال لحماية طبقة الأوزون.
- في عام 1995: انضمت دولة الإمارات رسمياً إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
- في عام 2005: صادقت دولة الإمارات العربية المتحدة على بروتوكول كيوتو.
- في عام 2009: استضافت دولة الإمارات المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "أيرينا".
- في عام 2015: صادقت دولة الإمارات على اتفاق باريس للمناخ.
- في عام 2019: تم تنظيم مؤتمر أبوظبي للمناخ.
- في عام 2021: تم عقد حوار أبوظبي للمناخ، والمشاركة في حوار القادة للمناخ، إضافة إلى طلب استضافة مؤتمر الأطراف (COP28) في عام 2023.
تنمية وتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط
وجاء فوز دولة الإمارات باستضافة الدورة 28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، تعبيراً عن جهودها الاستثنائية في المجال البيئي، ومواجهة التغيرات المناخية، والتكيف مع آثارها، ودورها الفاعل في مواجهة التهديدات الناجمة عن تغير المناخ.
وباعتبار الإمارات دولة رائدة في قطاعي الطاقة والاستدامة، فقد عملت على تنويع اقتصادها، لتصبح أول دولة خليجية تهتم بتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، حيث اتخذت خطوات مهمة لدفع التحول إلى الطاقة المتجددة، وأصبح لديها محطتين للطاقة النووية ضمن مشروع براكة، وتعتبر الإمارات أول دولة في المنطقة العربية تقوم بتشغيل محطة للطاقة النووية، ومن المستهدف أن توفر الطاقة النووية 25 بالمئة من الطاقة النظيفة في الدولة، وذلك ضمن جهود الإمارات لتحقيق أهدافها فيما يتعلق بالحياد المناخي لعام 2050، كما أكدت التزامها بإنتاج الطاقة من الهيدروجين.
كما وجهت دولة الإمارات، خلال السنوات الأخيرة، استثمارات بقيمة تقارب 17 مليار دولار، في مشروعات الطاقة النظيفة في نحو 70 دولة بمختلف أنحاء العالم، مع التركيز بصورة خاصة على الدول النامية والفقيرة والأكثر تهديداً بتداعيات تغير المناخ.
وخصصت إمارة أبوظبي أكثر من 30 مليار دولار لبرامج الطاقة المتجددة، من خلال شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، التي شددت على التزاماتها المزدوجة تجاه البيئة العالمية، وتنوع مصادر اقتصاد دولة الإمارات.
وحاليا لدى شركة مصدر، التي تأسست عام 2006، مشاريع في أكثر من 40 دولة بقدرة إجمالية تتجاوز 20 غيغاواط. وتلتزم الشركة بالاستثمار في مشاريع عالمية بقيمة إجمالية تزيد على 30 مليار دولار أمريكي، مع خطط طموحة لرفع القدرة الإنتاجية لمحفظة مشاريعها من الطاقة المتجددة إلى 100 غيغاواط وإنتاج 1 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً بحلول عام 2030.
حلول للحد من تداعيات تغير المناخ
وتمثل حلول الطاقة النظيفة إحدى الركائز نموذج الإمارات للعمل من أجل المناخ، حيث تستهدف استراتيجية الطاقة حتى عام 2050، مزيجاً من مصادر الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية، باستثمارات تبلغ 600 مليار درهم.
وكذلك انضمت الإمارات مؤخراً، إلى التعهد العالمي للميثان، مستفيدةً من مكانتها كواحدة من أقل الدول في العالم من حيث انبعاثات الميثان، لتعزز من ريادتها الإقليمية في مجال الحد من غاز الميثان.
وعلى مدار 5 عقود، تمكنت دولة الإمارات من خفض معدلات حرق الغاز الطبيعي في قطاع الطاقة المحلي بأكثر من 90%، كما تعد الإمارات واحدة من أقل دول العالم في معدلات كثافة الميثان في الصناعات الهيدروكربونية بنسبة 0.01%.
وفي عام 2021، استضافت دولة الإمارات الحوار الإقليمي للتغير المناخي، وشاركت في قمة المناخ على مستوى القادة، حيث عززت التزامها بالزراعة المستدامة.
ونظراً لكون النظم الغذائية مسؤولة عن نحو ربع الانبعاثات الكربونية العالمية، فقد أطلقت دولة الإمارات، بالتعاون مع 39 دولة أخرى، مبادرة "الابتكار الزراعي للمناخ".