العفو عن عبدالرحمن السويدي.. رسائل وطنية ودينية وإنسانية من الإمارات
دلالات وطنية ودينية وإنسانية يحملها العفو عن القيادي السابق بتنظيم الإخوان الإرهابي عبدالرحمن السويدي سواء من حيث التوقيت أو المضمون.
رسائل مهمة حملها قرار رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بالعفو عن القيادي السابق بتنظيم الإخوان الإرهابي، عبدالرحمن بن صبيح السويدي، بعد إدانته في قضية "التنظيم السري" في البلاد.
- الإمارات تعفو عن السويدي القيادي السابق بـ"التنظيم السري"
- عبدالرحمن السويدي المدان في قضية "التنظيم السري" يفضح خبايا الإخوان
دلالات وطنية ودينية وإنسانية، حملتها تلك الرسائل، سواء من حيث التوقيت، أو المضمون، فمن حيث التوقيت يأتي العفو في عام التسامح وفي شهر رمضان شهر العفو والرحمة والتوبة.
ومن حيث المضمون يحمل العفو رسالة واضحة للمغرر بهم بأن حضن الوطن يتسع لكل من تاب وندم وعاد إلى رشده ونبذ كافة أشكال العنف والتطرف والإرهاب والكراهية، ليبدأ صفحة جديدة في حياته.
عفو بعد توبة وندم
قرار رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بالعفو عن "السويدي"، جاء بعد توبته وندمه على الانضمام للتنظيم السري للإخوان، بعدما اكتشف سعي التنظيم لزعزعة أمن واستقرار الإمارات، ليقرر نقض البيعة والخروج منه، والعودة إلى حضن الوطن.
ولم يكتف السويدي بالتوبة والندم؛ بل أخذ على عاتقه كشف الوجه القبيح للتنظيم الذي يتخذ من الدين ستارا للوصول إلى أهدافه، وفضح تآمره على أمن دول الخليج العربي واستقرارها، من خلال عدة لقاءات تلفزيونية، وكتاب قام بتأليفه عرض فيه تجربته تحت اسم "كبنجارا.. قصتي مع تنظيم الإخوان المسلمين"، الذي يتحدث فيه عن خبايا العالم السري لهذا التنظيم الإرهابي، وطرقه في الإيقاع بالشباب واستخدامهم وقودا لتحقيق أغراضها الدنيئة.
وكان السويدي، قد صرح في لقاء تلفزيوني، في مارس/آذار الماضي، بأنه قام بتأليف كتابه "كبنجارا"، الذي يفضح الإخوان بمحض إرادته دون إكراه، وسرد فيه قصة حياته، وهدفه أن يتعظ الناس حتى لا يقعوا في مثل ما وقع فيه .
وقال القيادي الإخواني التائب: إن الكلمة غيرت حياته، وهي مكونة من جزأين "كب" و"نجارا" وتعني "إلى السجن"، موضحاً أن التنظيم السري في الإمارات لم تكن له القدرة على التقرير في أي شأن من شؤونه دون الرجوع للتنظيم العالمي للإخوان الإرهابي، وأن عمله قائم على التآمر والتغرير بالشباب لتخريب أوطانهم.
وأكد أن النظام القطري يعمل على شرعنة تنظيمات الإخوان المخالفة للقانون في بلدانها عبر منحها غطاء العمل الخيري لتنفيذ أجندته في دولها، ناصحاً الشباب بألا يكونوا أدوات في يد تنظيمات تخريبية لتنفيذ مصالح وقتية.
وأشار إلى أنه من الأجدى لمن يعملون على تشويه صورة دولتهم بدعم وتمويل من التنظيم الدولي والإعلام القطري أن يعودوا إلى رشدهم ويقضوا عقوباتهم وفقاً للقانون حتى يتسنى لهم الانخراط مجدداً في مجتمعاتهم.
ولقي كتاب "كبنجارا.. قصتي مع تنظيم الإخوان المسلمين" صدى كبيرا في معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي أقيم في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
واستمد الكتاب اسمه من كلمة ( KE PENJARA)، التي تعني بلغة الملايو "خذوه إلى السجن"، التي صاح بها ضابط شرطة في وجه المؤلف أثناء توقيفه والتحقيق معه في جزيرة "بَتَمْ" الإندونيسية، قبل إطلاق سراحه في ديسمبر/كانون الأول عام 2015 والعودة إلى أرض دولة الإمارات.
فضح قطر والجزيرة
في يوليو/تموز 2017، قدم السويدي خلال لقاء تليفزيوني اعترافات حول الجرائم التي قام بها التنظيم ومخططاته لزعزعة أمن الإمارات بدعم من حكومة الدوحة، علاوة على الدور المشبوه لبعض المؤسسات الخيرية القطرية.
وقال بن صبيح إنه تم إيقافه في إندونيسيا والقبض عليه؛ بسبب تزوير أوراق ثبوتية بدعم من التنظيم، ليتم تسليمه للجهات الأمنية الإماراتية باعتباره مطلوباً أمنياً، نافياً بشكل قاطع اختطافه من جاكارتا من قبل عناصر الأمن الإماراتية وتعرضه لأي من أساليب التعذيب المزعومة، وذلك ردًّا على ادعاءات تنظيم الإخوان.
ووصف معاملة الجهات الأمنية بالإماراتية بالرائعة، حيث تعاملوا معه في جو هادئ وأسلوب حضاري "سؤال وجواب"، مضيفاً: "المعاملة الحسنة من الأجهزة المختصة في الدولة هي ما دفعتني لأغير فكري وأتحدث وأكشف زيف دعاية التنظيم المتشدد، وما عشته خلال أيام التحقيق من راحة مخالف تماماً لما كنا نسمعه" .
وكشف عن دعم قطر وتقديمها جميع التسهيلات واحتضانها لتنظيم الإخوان الإرهابي، مشيراً إلى أنها دعمت التنظيم بطريقة علنية، وسهّلت تحركاتهم ودعمت الهاربين ماديا ومعنويا وإعلاميا.
وأكد أن قناة الجزيرة القطرية اضطلعت بدور كبير في دعم أعضاء التنظيم الهاربين وتدريب التنظيم السري، مستدلاً بدورة تدريبية تم تنفيذها لتدريب أعضاء التنظيم على إشاعة الفوضى عبر التواصل الاجتماعي وإثارة القلاقل في الإمارات.
ووصف العمل الخيري الذي تقدمه الدوحة، من خلال بعض مؤسساتها الخيرية بأنها ظاهرة ووسيلة لتغذية التنظيمات الإرهابية في العالم ودعمها.
رسائل مهمة
قابلت القيادة الإماراتية توبة السويدي بعفو عنه، يحمل في مضامينه وتوقيته رسائل مهمة وقوية، من أبرز تلك الرسائل، أن الطريق مفتوح دائما لعودة المغرر بهم من حاضنة الإرهاب إلى رحابة الاعتدال، ومن أوكار الإخوان إلى أحضان الوطن متى ما توفرت النوايا الصادقة للتوبة والإقرار بالخطأ والرجوع إلى الحق، والعفو متاح دائماً لمن يعود إلى الثوابت الوطنية والدفاع عن مصالح الدولة والحفاظ عليها، ويعلن توبته من الفكر الضال.
كما أن العفو يشكل لفتة كريمة من القيادة الرشيدة، تؤكد أن الدولة حريصة كل الحرص على احتضان كافة أبنائها إذا ما أعلنوا عودتهم إلى حضن الوطن، إضافة إلى أن العفو في عام التسامح وفي شهر العفو والرحمة يقدم للعالم نموذجا حقيقيا ومثاليا يعبر عن روح التسامح والتسامي الذي تتصف به القيادة الحكيمة للدولة، التي طالما عفت وتجاوزت عن أخطاء كل من أقر بخطئه وصحح مساره وفكره، ويجسد في الوقت نفسه القيم الدينية الحقة التي ينادي بها ديننا الحنيف.
أثبتت تجربة السويدي أن تجارب جميع من ذاق مرارة الإرهاب ثم تذوق حلاوة التوبة ورجع إلى حضن الوطن تؤكد أن هناك جهات تستغل المغرر بهم لتحقيق أهداف أبعد ما تكون عن الدين والقيم الإنسانية، فلا تكن بيدقا بأيدي أعداء الوطن يستغلونك أسوأ استغلال لخدمة أجنداتهم وأهدافهم.
لا يتخلف اثنان على أن الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ العنف والتطرف والتوازن الفكري والاجتماعي، هي الطريق المثالي للنهضة الحقيقية، ودولة الإمارات حريصة أشد الحرص على كل مواطن، والوطن يفرح بعودة أبنائه الراغبين في بداية فصل جديد من حياتهم، بعد إعلانهم نبذ كافة أشكال التطرف والإرهاب والكراهية، والأبواب مفتوحة دائما للعائدين إلى حضنه لمساعدتهم في بدء صفحة جديدة في حياتهم، ليكونوا أداة بناء لا معول هدم.
وأخيرا ودائما، ستبقى الإمارات مفتوحة الذراعين لكافة أبنائها الذين يراجعون أنفسهم، ويصححون مواقفهم وتوجهاتهم التي كانت تضر بمصلحة الوطن، ولن تغلق باب العودة أمام أبنائها الذين يعودون إلى رشدهم، ويكتشفون خبث المخططات الإخوانية التي تستهدف الدولة ومصالحها.
aXA6IDMuMTQ5LjIzMS4xMjIg جزيرة ام اند امز