تتميز العلاقات الإماراتية – السورية بعمق الرؤية وقوة التلاقي والتفاهم والتنسيق في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
ففي مجالات العلاقات الثنائية، ارتبط البلدان بأواصر أخوية مميزة ومثالية كرَّسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - مع الرئيس الراحل حافظ الأسد.
وظلت هذه العلاقة عبر ثلاثين سنة تسودها الأخوة والتعاون بين البلدين، حيث قام الشيخ زايد (طيب الله ثراه) بسبع زيارات إلى سوريا، كانت الأولى عام 1973 بعد حرب أكتوبر مباشرة، وقام الرئيس الراحل حافظ الأسد بثلاث زيارات أيضًا إلى دولة الإمارات في الأعوام 1981 و1982 و1992.
كما عقد الزعيمان لقاءات عديدة وكثيرة على هامش اجتماعات القمم العربية والإسلامية وغيرها من الاجتماعات الدولية والإقليمية التي أسهمت في إيجاد جو من التوافق في مواقف ووجهات نظر الزعيمين إزاء معظم القضايا الأساسية التي تشغل اهتمام الأمة العربية والإسلامية.
لقد وقفت دولة الإمارات في المحافل العربية والإسلامية والدولية إلى جانب الحق العربي السوري، وأيدت مطالبه الداعية إلى إقامة سلام عادل على قاعدة قرارات الأمم المتحدة ومبدأ الأرض مقابل السلام، وانسحاب إسرائيل من كامل الجولان السوري المحتل حتى حدود الرابع من يونيو/حزيران عام 1967.
وفي فترة الثمانينات، زار الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - الأراضي السورية في عام 1983، وكانت له جلسة مباحثات مع الرئيس حافظ الأسد، أعرب فيها عن ارتياحه التام للنتائج التي نوقشت خلال الاجتماع وتضمنت قضايا هامة بالنسبة للعمل العربي المشترك الذي يتطلب من الجميع بذل الجهود الكبيرة لإعادة الثقة إلى التضامن العربي حتى تستعيد الأمة العربية حقوقها ومكانتها.
كما كانت للشيخ زايد زيارة أخرى في عام 1987، جاءت لبحث التطورات العربية والخليجية وتعزيز العلاقات الثنائية بين الإمارات وسوريا وسبل تعزيزها.
وفي عام 1991، زار الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الرئيس حافظ الأسد في سوريا، وتناولا فيها تقييمًا شاملاً للأوضاع في العالم العربي وجهود تثبيت دعائم الأمن والاستقرار بالمنطقة، وخطوات إقرار السلام في الشرق الأوسط ومساعي تحقيق تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، إضافة إلى سبل تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين لما فيه مصلحة للشعبين.
حيث شاركت دولة الإمارات في العديد من المؤتمرات العربية التي كانت تعقد في دمشق، واعتُبرت سوريا شريكًا مهمًا في القضايا العربية.
مع بداية الألفية الجديدة، شهدت العلاقات تحسنًا ملحوظًا، حيث قامت الإمارات بدعم العديد من المشاريع التنموية في سوريا. كما زادت الزيارات الرسمية بين البلدين، مما ساهم في تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي.
مع اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، تأثرت العلاقات بين الإمارات وسوريا بشكل كبير. حيث اتخذت الإمارات موقفًا حازمًا من الأحداث في سوريا، ودعت إلى حل سلمي للأزمة.
وقد أدت هذه الأزمة إلى تدهور العلاقات بين البلدين، حيث أغلقت دولة الإمارات سفارتها في دمشق وأعلنت دعمها الكامل مطالب الشعب السوري في العدالة والحرية الاجتماعية.
على الرغم من التوترات، بدأت دولة الإمارات في السنوات الأخيرة في إعادة بناء علاقاتها مع سوريا.
وفي عام 2018، أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق، مما يدل على رغبتها في تعزيز التعاون مع الحكومة السورية. كما قامت دولة الإمارات بتقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من الأزمة، وهو ما يعكس التزامها بدعم الشعب السوري.
وكانت 2019 نقطة فارقة في العلاقات السورية الإماراتية، حيث بدأت الإمارات تفتح أبواب التعاون مع دمشق على مختلف الأصعدة، رغبة منها في إحداث توازن إقليمي من خلال تعزيز علاقاتها مع سوريا من جهة، وفي الوقت نفسه تعزيز مواقفها أمام القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران.
وفي عام 2020، بدأ التعاون الإماراتي مع سوريا في الجوانب الاقتصادية، وبدأت الشركات الإماراتية في التوسع داخل سوريا وبالأخص في مجالات النفط والإعمار، حيث كان للإمارات دور كبير في إعادة بناء ما دمرته الحرب.
لكن التغيير الأبرز في هذه العلاقة حدث عام 2022، عندما زار بشار الأسد الإمارات في أول زيارة له لدولة عربية منذ بداية الحرب.
وكانت هذه الزيارة لها أهمية كبيرة في دعم العلاقات بين البلدين، حيث رحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان به وأكد على أهمية تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما في ذلك إعادة الإعمار والتعاون الاقتصادي.
وبعد سقوط الأسد، أصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بيانًا أكدت فيه حرصها على وحدة وسلامة سوريا وضمان الأمن والاستقرار للشعب السوري بعد سقوط نظام الأسد، داعية جميع الأطراف في سوريا إلى تغليب الحكمة وبالأخص في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ سوريا، وذلك للخروج منها بما يلبي طموحات السوريين وتحقيق طموحهم في بناء دولة قائمة على الأمن والسلام.
تمثل العلاقات بين دولة الإمارات وسوريا نموذجًا للتعاون العربي في مواجهة التحديات.
ورغم التوترات التي شهدتها العلاقات في بعض الفترات، فإن هناك رغبة مشتركة في تعزيز التعاون وتحقيق التنمية المستدامة، مما يساهم في تعزيز الأمن والتنمية للشعبين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة