قامت على مر الزمان وتوالي العصور حضارات عديدة من نتاج العقول وثقافات الأمم والشعوب ولكن صاحبتها أعمال انتقامية.
قامت على مر الزمان وتوالي العصور حضارات عديدة من نتاج العقول وثقافات الأمم والشعوب ولكن صاحبتها أعمال انتقامية، وشرور قاتلة تحولت من خير حصين إلى شر مستطير؛ لأن التقدم المادي في نواحي الحياة إذا لم يصحبه اعتقاد سليم ونوايا حسنة وإيمان بالله تعالى يكون مآله تدمير الإنسانية وإفساد البشرية.
ليس الحوار الحقيقي حوار أمنيات أو بين الأقوياء والضعفاء إنه حوار الإنسان مع أخيه الإنسان، وليس حوار مفاوضات وإنما النظر بعمق وجدية وبمنظور كوني لواقع العالم، واستحضار مشكلات البشرية دون انزواء في دواخل ذاتيات تعمل على حجب التعرف على خارطة العالم البشرية.
والإمارات العربية المتحدة تظل متوازنة في وجودها، وتدرك أنها تنشئ السعادة والطمأنينة لأبنائها، وتطلق جميع مواردها لتعمل دون كبت ودون مغالاة في أي جانب من جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتركز جميع قدراتها بعيداً عن أغوار الفتن ومهاوي الزمن وقساوة المحن، وتتسم مختلف مؤسساتها بطابعها المتكامل في تلبية احتياجات الناس والمجتمعات، سواء كانت هذه الاحتياجات أساسية كالماء والغذاء والدواء، أو معرفية كالتعليم والثقافة أو مجتمعية أو مستقبلية كدعم أحلام الشباب ورواد الأعمال واحتضان المبتكرين والمبدعين واستشراف المستقبل من أجل بناء غد أفضل.
والأزمات المعاصرة للعالم هي كون الحداثة الغربية تدفع به إلى الهاوية، لا لأنها قامت على العقل والتقنيات والثروات الهائلة، بل لأنها استعبدت امتدادات الجمال والروح داخل الإنسان فسطحته وحولته إلى شيء يستهلك، في حين أن الإمارات شكلت محوراً مهماً وركيزة أساسية في مناهضة العنف، داعية إلى السلام العالمي والتعايش السلمي والحوار الهادف والبناء مع مختلف الديانات والأعراق والمنظمات المجتمعية، كما كانت تؤكد عبر المؤتمرات العالمية التي تنظمها واللقاءات التي تشارك فيها بأن رؤيتها واضحة وهادفة وبناءة، ولأنها ترى أن الحوار وحده قادر على الوصول لتفاهم وتصالح وسلام عالمي على المدى الطويل طالما أن النوايا حسنة والمواقف لديها ثابتة بهذا الخصوص.
لقد انطلقت دولة الإمارات في مجال الحوار بين الحضارات والثقافات، فعقدت "ملتقى إثراء المحتوى المعرفي للتسامح" الذي عقد في السابع من شهر أبريل الماضي في دبي، بحضور فعاليات فكرية وأدبية وعلمية وإبداعية وشبابية، وهو الذي أكد أن دولة الإمارات تمثل نموذجاً عالمياً متفرداً في التسامح أثرى دعائمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حتى أضحى منهج عمل بجميع القطاعات، وشكلت المبادرات في هذا السياق مادة إثراء واستثمار عام التسامح، باعتباره قيمة متأصلة في مجتمع الإمارات.
إن مجتمع الإمارات مؤهل لأن يكون نموذجاً يحتذى به في التسامح على مستوى العالم، فالإمارات موطن التعايش بين مختلف الجنسيات، كونها تضم على أرضها أكثر من مئتي جنسية تحظى بكل أوجه الرعاية والاهتمام في ظل مناخ من السلام والمحبة والوئام.
وتسعى دولة الإمارات وبكل جدية في توطيد الصلات الأخوية بين سائر الشعوب والأمم وتحفيز جهود المنظمات الإنسانية للتعاون وتقديم الخدمات للمجتمعات البشرية، وبحث أسس قواعد الحوار والسعي إلى تغليب منطق العقل واعتماد التعايش المجتمعي كقاعدة ترتكز عليها العلاقات العالمية، تجنباً للصدامات بين الدول والابتعاد عن مهاوي الفتن والأحداث التي تقع تحت تأثير الصراعات الأيديولوجية بمنطق التعصب حيناً أو بمنطق ردة الفعل أحياناً أخرى.
وليس الحوار الحقيقي حوار أمنيات أو بين الأقوياء والضعفاء إنه حوار الإنسان مع أخيه الإنسان، وليس حوار مفاوضات وإنما النظر بعمق وجدية وبمنظور كوني لواقع العالم، واستحضار مشكلات البشرية دون انزواء في دواخل ذاتيات تعمل على حجب التعرف على خارطة العالم البشرية - أي تعيق فهم الذات وفهم الآخر - أو الدخول في سجالات وتيارات أيديولوجية بين المنظومات الثقافية والاجتماعية والسياسية.. ذلك يستدعي من المجتمعات البشرية قادة وأفراداً تطوير فاعلية آلية الحوار والتسامح والتصالح وصولاً إلى نشدان السلام العالمي لغة كونية مشتركة للعيش بسلام وأمان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة