الحالة العربية الراهنة تحتاج إلى دراسات لتحليل الظواهر التي أصابت العالم العربي، ولعل وسائل التواصل الاجتماعي مثال حي على تلك الظواهر.
تحتاج الحالة العربية الراهنة بلا شك إلى دراسات لتحليل الظواهر التي أصابت العالم العربي ولا تزال، ولعل وسائل التواصل الاجتماعي مثال حي على تلك الظواهر التي لا يمكن الجزم، هل هي وليدة الظروف الأخيرة أم أنها كانت مكبوتة وأظهرتها هذه الوسائل التي كشفت خلال سنوات قليلة عن كثير من الإشكالات التي يعاني منها المتلقي العربي.
لقد عرت وسائل التواصل الاجتماعي كثيرا من الأفكار عن طريق نقدها وتفنيدها بالحجة والبرهان، فيما أسهمت في المقابل في نشر أفكار ومبادئ كان يجب أن تظل حبيسة الكتب المهترئة في رف التاريخ، لكن في المحصلة فقد أثبت التواصل الاجتماعي أننا نعيش أزمة تفكير لا بد لها من علاج
ففي عالم مفتوح الفضاءات لم يعد الحديث حكراً على نخبة من المهتمين والباحثين في أي شأن من شؤون العلم والمعرفة، بل نال الجميع من الحقول كافة بلا هوادة، لكن أكثر حقل ناله الاقتحام ذلك المتعلق بالشأن السياسي، والذي بقدر ما أعطى من حرية في التعبير كشف عن خواء لدى كثير المتحدثين فيه، ولعل بعض هؤلاء يحتاجون إلى بحث معمق لبنية الوعي العام أولا والسياسي ثانيا.
وفي رحلة البحث عن ذلك، يمكن ملاحظة ثلاثة عوامل تؤثر على بنية التلقي لدى كثير من رواد التواصل الاجتماعي في الشأن السياسي العربي وهي: النسيان والجهل والازدواجية.
فالنسيان الذي يعاني منه بعض المهتمين والمتحدثين في الشأن السياسي يستدعي إعادة ذات الحديث في كل جلسة حوار أو نقاش، حيث إنهم سرعان ما يتناسون فضائع نظام وفضائل آخر حسب الهوى، ما يتطلب إعادة تذكيرهم مرات ومرات بمعلومات أصبحت واضحة وضوح الشمس.
أما الجهل فله ما له من تداعيات ونتائج تنساق على مستوى التفكير وبالتالي السلوك، فعدد من هؤلاء لا يستوعبون إلا لغة العاطفة وأحيانا الصراخ والسباب من غير أي منطق في الحديث، ولا خلفيات تاريخية ولا منطلقات واضحة ولا أفكار منظمة.
أما الازدواجية التي يعاني منها عدد لابأس به منهم فتتجلى بقبول أمر ما هنا ورفضه في مكان آخر، فعلمانية دولة خير للأمة فيما أخطاء بسيطة تخرج دولا أخرى من عباءة الدين، ومسجد في الغرب خير كبير فيما دار عبادة لجالية في بلده كفر وزندقة، وهذه أمثلة لفيض من التناقضات التي تجردها وسائل التواصل يوماً بعد يوم.
لقد عرت وسائل التواصل الاجتماعي كثيرا من الأفكار عن طريق نقدها وتفنيدها بالحجة والبرهان، فيما أسهمت في المقابل في نشر أفكار ومبادئ كان يجب أن تظل حبيسة الكتب المهترئة في رف التاريخ، لكن في المحصلة فقد أثبت التواصل الاجتماعي أننا نعيش أزمة تفكير لا بد لها من علاج في ظل الخصام والجدال بلا علم ولا ذاكرة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة