الإمارات في الأمم المتحدة.. «دبلوماسية الحكمة» تنتصر للإنسانية

قواعد ومبادئ ملهمة تستند إليها "دبلوماسية الحكمة" الإماراتية النابضة بالإنسانية بما يصب في صالح خدمة البشرية جمعاء.
تلك القواعد والمبادئ كشفت عنها لانا زكي نسيبة وزيرة دولة بحكومة الإمارات في ثنايا كلمة الإمارات في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي كشفت خلالها بشكل جلي كيف انتصرت تلك الدبلوماسية للإنسانية، بعد أن بدأ العالم يجني ثمارها على أكثر من صعيد.
قواعد ومبادئ
"نهج الحكمة" الذي اختارته الإمارات لمواجهة مختلف الأزمات والتحديات له العديد من الصفات والملامح ويستند إلى عدد من القواعد والمبادئ، رصدتها الوزيرة الإماراتية في كلمتها.
ومن أبرز تلك الملامح:
- العمل على خفض التصعيد لمختلف الأزمات.
- تسخير كافة إمكانيات الإمارات لبناء الجسور وتجنب الصراعات.
- وضع مصالح الشعوب فوق كل اعتبار.
- السعي لتدعيم آليات التعاون الدولي والعمل متعدد الأطراف.
- احترام قواعد ومبادئ القانون الدولي بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة.
- دبلوماسية إنسانية صادقة تهدف لصون كرامة الأفراد في أسوأ الظروف.
- السعي لتقريب وجهات النظر بين الخصوم.
- دعم الحلول السلمية والحوار.
- السعي لحل النزاعات بشكل مستدام بدلا من الاكتفاء بإدارتها.
- الدفع قدماً بأجندة "التسامح والسلم والأمن"، إعلاء للقيم الراسخة في ميثاق الأمم المتحدة، ولكسر دوامات النزاع.
- دعم وجود نظام دولي فاعل وعادل وقادر على خدمة البشرية والعمل الجماعي لتحقيق نتائج شاملة ومستدامة .
ثمار السلام
وأشارت لانا زكي نسيبة وزيرة الدولة بحكومة الإمارات إلى أن ثمار تلك الدبلوماسية " نتج عنها تبادل آلاف الأسرى بين روسيا وأوكرانيا واستضافة محادثات السلام بين أذربيجان وأرمينيا بجانب مساعي التهدئة في جنوب آسيا وغيرها".
وقبل شهرين، استضافت الإمارات في 10 يوليو/تموز الماضي، قمة أذرية - أرمينية، قادت إلى إنهاء خلاف دام 4 عقود بين البلدين الواقعين في جنوب القوقاز، وإتمام السلام بينهما باتفاق سلام تاريخي برعاية أمريكية في 9 أغسطس/ آب الماضي.
جاء هذا الإنجاز، فيما تتواصل جهود الإمارات لإنهاء الأزمة الأوكرانية، الأمر الذي توج بنجاحها في إبرام 17 وساطة لتبادل الأسرى منذ مطلع عام 2024 ، كان أحدثها في 24 أغسطس/آب الماضي، تم بموجبها إطلاق 4592 أسيرا، وهو رقم كبير يجسد إنجازا دبلوماسيا وإنسانيا غير مسبوق في أزمة تشهد تصعيدا متواصلا بين طرفيها.
دعم غزة
أيضا كان من أبرز ثمار تلك الدبلوماسية نجاح الإمارات في دعم غزة إنسانيا رغم العراقيل والتحديات .
وشددت الوزيرة الإماراتية في هذا الصدد على مواصلة بلادها "دورها كأكبر مانح للمساعدات في غزة مسخرة لذلك كل ما لديها من علاقات وموارد وإمكانيات وستستمر في القيام بهذا الدور رغم القيود والعراقيل".
وأطلقت الإمارات مبادرات عدة لدعم أهل غزة بإلغاء والطعام، وسط تفاقم خطر المجاعة في القطاع المحاصر والمدمر.
مبادرات تتواصل استجابةً للحاجة الملحّة والواقع المأساوي الذي يعيشه أهالي غزة، حيث تتفاقم معاناة مئات آلاف العائلات النازحة والمتضررة من الحرب، وسط نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، وانعدام مقومات الحياة الأساسية.
وتحاول الإمارات تخفيف تلك المعاناة عبر مبادرات متواصلة ضمن عملية "الفارس الشهم 3" التي انطلقت يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023، بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
ورسمت دولة الإمارات، عبر تلك المبادرات، ملحمة إغاثية إنسانية جعلت البلاد في صدارة دول العالم الداعمة لأهل غزة بشكل خاص، والعمل الإنساني بشكل عام، في مسار توثّقه الحقائق على أرض الواقع وتؤكّده لغة الأرقام، التي تُبرز جهود الإمارات القياسية في دعم القطاع، إذ تؤكد التقارير الأممية أن المساعدات الإماراتية شكّلت نسبة 44% من إجمالي المساعدات الدولية إلى غزة حتى الآن.
وضمن هذه الرسالة الإنسانية الراسخة، أرسلت دولة الإمارات مساعدات طبية وإغاثية وغذائية إلى القطاع عبر كل السبل المتاحة برًّا وبحرًا وجوًّا، بقيمة إجمالية تجاوزت 1.5 مليار دولار أمريكي، لتتصدر دولة الإمارات قائمة الدول الأكثر دعمًا لغزة، وفقًا لخدمة التتبع المالي التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".
توسيع الشراكات
أما على صعيد ثمار تلك الدبلوماسية، في مجال الاقتصاد والتنمية، توضح - لانا زكي نسيبة وزيرة الدولة الإماراتية – أنها تتمثل في:
- مضاعفة استثمارات الإمارات الخارجية في مشاريع متنوعة.
- توسيع نطاق الشراكات .
وذلك إيمانا من دولة الإمارات بأهمية الانفتاح والتواصل لتحقيق التنمية والازدهار والاستقرار.
وتؤمن دولة الإمارات بأن الشراكات وحدها قادرة على تخطي تحديات اليوم المركبة والمتداخلة، وأهمها أمن الغذاء والطاقة، وتغير المناخ، والرعاية الصحية، وأنها السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن والتقدم والرخاء والازدهار والتنمية.
وتحرص دولة الإمارات على تعزيز علاقاتها مع جميع دول العالم، وتولي تعزيز الشراكات مع الدول صاحبة التجارب والخبرات الاقتصادية المتميزة اهتماما استثنائيا، بما يسهم في بناء جسور التواصل والتعاون مع مختلف دول العالم، وبما يحقق المصالح المشتركة ويسهم في جهود التنمية والتطوير والتقدم في شتى المجالات.
العلوم والتكنولوجيا
أما في مجال العلوم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فأكدت الوزيرة الإماراتية في كلمتها، أن بلادها حرصت على تسخيرها لدعم التنمية المستدامة على مستوى العالم عبر بناء قدرات الدول في هذا المجال، وفق ضوابط معينة.
حماية البيئة
وفي إطار جهود الإمارات لمواجهة مختلف التحديات العالمية بما يسهم في خدمة البشرية.
وأكدت لانا زكي نسيبة على مواصلة الإمارات استثمارات المتنامية في العمل المناخي الدولي، والتزامها بتنفيذ نتائج اتفاق الإمارات كوب 28 .
وكذلك التصدي لتحديات ندرة المياه، من خلال مبادرة محمد بن زايد للماء، التي تدعم تطوير وتطبيق التقنيات الرائدة لتعزيز الوصول المستدام لهذا المورد الأساسي.
أيضا كشفت عن أن الإمارات تستعد لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمياه العام المقبل مع جمهورية السنغال، والذي تسعى الإمارات من خلاله لتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، وتحفيز الاستثمار في الابتكار.
خارطة طريق شاملة
وكانت الإمارات قد طرحت خارطة طريق شاملة لمواجهة مختلف الأزمات والصراعات والتحديات الدولية في الكلمة التي ألقتها لانا زكي نسيبة وزيرة الدولة الإماراتية، أمام الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وطرحت نسيبة خلالها رؤية الإمارات لحل أزمة غزة والحرب الأهلية في السودان، وإصلاح الأمم المتحدة، ومواجهة تحديات عالمية كندرة المياه والتغيرات المناخية، مع تأكيدها على التمسك بالحلول الدبلوماسية لحل قضية الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل إيران.
ووجهت الإمارات رسائل للعالم أجمع تحمل مبادئ هامة لحل الصراعات والأزمات والتحديات أكدت من خلالها أن "الممارسات العدوانية لن تجلب الاستقرار"، وأن "السلام المستدام لن يتحقق بالحلول العسكرية".
وأكدت نسيبة على رؤية بلادها لحل القضية الفلسطينية وشددت في هذا الصدد على "حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة عاصمتها القدس الشرقية، كمطلب أساسي لتحقيق حل دائم وعادل وشامل لهذه القضية".
وأوضحت أن هذا يتم "بوجود حكومة فلسطينية كفؤة وقادرة على تلبية تطلعات الشعب الفلسطيني وحصر السلاح بيدها وضمان الاستقرار وسيادة القانون في وطن لا مكان فيه للجماعات الإرهابية والمتطرفة".
وأعلنت الإمارات ترحيبها "بتنامي الاعتراف بدولة فلسطين ووجهت الدعوة لبقية الدول للانضمام لهذا المسار استثمارا في مستقبل أفضل للمنطقة".
أيضا تعرضت الكلمة الإماراتية للأزمة السودانية، واضعة رؤية شاملة لحل الأزمة، وشددت على وقوفها مع الشعب السوداني.
ودعت لوقف إطلاق نار فوري وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لأنحاء البلاد.
وشددت على " إن السلام المستدام لن يتحقق بالحلول العسكرية ولا بد من الدفع نحو عملية انتقالية في السودان تفضي لحكومة مدنية مستقلة لا تخضع لهيمنة أيا من الأطراف المتحاربة ولا مكان فيها للتطرف والارهاب."