أوكرانيا 2025.. هل تجمد مقترحات السلام خطوط الجبهة؟
بين مفاوضات لا تهدأ وضغوط عسكرية لا تتراجع، ظلت أوكرانيا في 2025 محورا لصراع متشابك تتداخل فيه حسابات الحرب مع رهانات السياسة، وتقف مترقبة مآلات خطة سلام طرحتها واشنطن.
ووسط ذلك شهد العام الذي شارف على الانتهاء سلسلة تطورات حاسمة أعادت ترتيب مراكز القوة داخليا، وحرّكت المياه الراكدة في مسار التسوية مع روسيا، بينما ظل الشارع الأوكراني يعيش بين أمل إنهاء الحرب وقلق من مفاجآت الميدان.

وفي خضم هذا المشهد المتقلب، برزت قضايا فساد مثيرة للجدل، وتغييرات في التحالفات السياسية، وتحركات خارجية كثيفة من القوى الدولية الراعية لمسار السلام، للدفع بخطة واشنطن للأمام.
وتتباين تقديرات خبراء دوليين تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، بشأن مستقبل تلك الخريطة التي رسمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإنهاء الصراع، بين من يراها مسار بعيد لأسباب أبرزها بأنها ستعزز من توسع موسكو، في مقابل من يراها خارطة طريق مرجحة تحمل مكاسب وخسائر وتحديات لأي طرف قد خاض حربا ويريد إنهاءها.
مسار بعيد
لكن يبدو أن "مسار السلام" بعيدا حاليا، وفق المحلل التشيكي الكندي المتخصص في الشؤون الدولية، ميتشل بيلفر، في حديث لـ"العين الإخبارية"، مؤكدا أن مقترحات السلام المطروحة تتضمن بعض العناصر الجديدة، إلا أنها مثيرة للجدل بشدة، موضحا أنه من غير المنطقي مطالبة أوكرانيا بتقليص قدراتها العسكرية نتيجةً للهجوم الروسي عام ٢٠٢٢.
ويبدو أن الطريقة التي تُطرح بها مقترحات السلام لن تؤدي إلا إلى "تجميد الصراع وجعله أداةً في يد روسيا للمستقبل عندما تحتاج إلى انتزاع تنازلات جديدة من أوكرانيا"، يتوقع بيلفر.
ولا توجد، في الوقت الحالي، رؤية واقعية لاتفاق يُرضي الطرفين، وفق بيلفر، موضحا أنه لا يبدو أن مقترحات اتفاق السلام هذه تهدف إلى كسب المزيد من الوقت، لأن روسيا لديها كل الوقت المتاح فيما يتعلق بهذا الصراع، وليست في عجلة من أمرها، وليست تحت الاحتلال، ويمكنها التعامل مع أي هجوم مضاد تشنه أوكرانيا.
النقطة المهمة هي أنه مع كل يوم يمر دون قبول الاقتراح، تقترب الولايات المتحدة من الانسحاب النهائي من الصراع، وهنا يكمن الخطر الحقيقي، بتخلي ترامب عن أوكرانيا رغم تعهداته بالعكس، بحسب بيلفر.
وباعتقاد المحلل التشيكي الكندي المتخصص في الشؤون الدولية فإن موسكو تعتزم تجميد خطوط المواجهة لأن ذلك يتيح لها فرصة إعادة إشعال الصراع متى شاءت.
وأضاف: "إذا نظرنا إلى سجلها في حقبة ما بعد الاتحاد السوفياتي، فسنجد أنها غالبًا ما تُفضل الصراعات المجمدة القابلة لإعادة إشعالها. في الصراع الدائر منذ 2022، أعتقد أن روسيا فوجئت بمرونة أوكرانيا والتعبئة السريعة للغرب لدعم كييف".
ويعتقد أنه لم تتغير الأولويات الغربية فيما يتعلق بأوكرانيا، ولكنها تغيرت فيما يتعلق بكل من روسيا والولايات المتحدة. من جهة، حيث سعت أقلية من الدول الأوروبية، وخاصةً الشركات، إلى تقليص دعمها لأوكرانيا، وزيادة تعاونها مع روسيا مجددًا.
في الوقت نفسه، ينظر العديد من أعضاء الناتو الأوروبيين بعين الريبة إلى واشنطن، لعدم قدرتهم على فهم طموحات إدارة دونالد ترامب وأهدافها الحقيقية، وفق بيلفر، منبها إلى أن "العديد من الدول الأوروبية بدأت عملية توعية مواطنيها باحتمالية نشوب صراعات قد تشمل دولًا أوروبية بشكل مباشر".
ويخلص إلى أنه "تحولت الأولوية من دعم حليف بعيد، أوكرانيا، إلى إعداد مواطني الاتحاد الأوروبي أيضًا للصراع على الصعيد الداخلي".
خطة مرجحة
بينما ترى الخبيرة الأمريكية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، أن مسار تجميد خطوط الجبهة مرجح، ويرسخ لخريطة جديدة رغم ما يحمله من مكاسب وخسائر وتحديات.
وتعتقد تسوكرمان، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن موسكو سترى في تجميد خطط المواجهة، وسيلة لإحكام السيطرة الفعلية على ممرات استراتيجية سيطرت عليها في أوكرانيا منذ عام ٢٠٢٢، بخلاف خفض وتيرة العمليات الهجومية المكلفة وإبطاء الاستنزاف، ما يتيح للقادة إعادة توزيع الوحدات المنهكة في المناطق الخلفية لإعادة بناء صفوفهم.
في الوقت نفسه، ترى موسكو مخاطر حقيقية في التجميد، بحسب تسوكرمان، حيث إن أوكرانيا ستستغل فترة التوقف في الاندماج بشكل أعمق مع الهياكل الدفاعية الغربية، وسيتوسع الإنتاج المشترك لقذائف المدفعية والمركبات المدرعة، وستستمر قدرات الضربات بعيدة المدى في التحسن، مرجحة أن تصبح مهام التدريب من الدول الأوروبية دائمة وتمنح هذه الاتجاهات أوكرانيا مرونة عسكرية أقوى في المرحلة التالية من الصراع.
كما تؤثر المخاوف الاقتصادية على حسابات الكرملين. فحتى مع التجميد، ستظل روسيا خاضعة لعقوبات غربية كبيرة. وسيظل الوصول إلى الإلكترونيات الدقيقة الحيوية، وأدوات الآلات عالية الدقة، ومكونات الطائرات، وغيرها من المدخلات المتقدمة مقيدًا، وفق تقديرات تسوكرمان.
وبالنسبة لأوكرانيا، هذه ليست تسوية دبلوماسية، بل خسارة طويلة الأمد للمراكز الصناعية الرئيسية، ومصانع الصلب، ومنشآت الطاقة، والموانئ على بحر آزوف، وشرايين النقل الرئيسية، وفق تسوكرمان.
وستكون التكلفة السياسية داخل أوكرانيا باهظة، خاصة وأن أي تجميد يُخلي منازلهم فعليًا للإدارة الروسية من شأنه أن يُؤثر على الانتخابات، وثقة الجمهور، والاستقرار الداخلي.
وأوضحت أن تجميد الصراع سيشكل مسار أوكرانيا نحو الغرب، خاصة وأنه قد تجادل الحكومات التي تخشى استفزاز روسيا بأن عضوية الناتو مستحيلة لدولة تعاني من نزاع إقليمي لم يُحل، وستروج هذه الحكومات لترتيبات أمنية مُخففة بدلاً من ضمانات كاملة.
وهذا يعزز الهدف الروسي المركزي المتمثل في إبقاء أوكرانيا في منطقة أمنية رمادية. بالنسبة لكييف، فإن قبول تجميد دون خطوات لا رجعة فيها نحو تكامل أمني ملزم سيُعادل الاستسلام لكن تحت مسمى آخر.
وتنشر «العين الإخبارية» أبرز التطورات في أوكرانيا خلال العام 2025
12 فبراير/شباط 2025
ترامب وبوتين يتحدثان مباشرة عبر الهاتف ويتفقان على بدء المفاوضات بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا في مكالمة هاتفية أنهت فجأة جهودا قادتها الولايات المتحدة لمدة ثلاث سنوات لعزل بوتين بشأن أوكرانيا.
18 فبراير/شباط
اجتمع مسؤولون روس وأمريكيون، بمن فيهم لافروف ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في السعودية، واتفقوا على العمل لإنهاء الحرب، فضلًا عن استعادة العلاقات الثنائية. لم يُدعَ المسؤولون الأوكرانيون.
28 فبراير/شباط
زيلينسكي يلتقي ترامب وروبيو ونائب الرئيس جي دي فانس في البيت الأبيض، لكن التوترات اندلعت في المكتب البيضاوي ولم يتم التوقيع على صفقة المعادن المقترحة بين البلدين.
18 مارس/آذار
طُرح اقتراح لوقف مؤقت للإضرابات على البنية التحتية للطاقة. وافق الطرفان على الخطة، لكن سرعان ما تبادلا الاتهامات بالانتهاكات، لينتهي الإجراء لاحقًا.
13 مارس/آذار
رفض بوتين خطة وقف إطلاق النار رفضًا قاطعًا، مؤكدًا أن بعض القضايا لا تزال بحاجة إلى حل. كما التقى بالمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في موسكو. وكان ويتكوف قد زار روسيا مرتين أخريين في أبريل/نيسان للقاء بوتين.
مارس/آذار
اجتمع مسؤولون أمريكيون وأوكرانيون في السعودية، حيث طرح المسؤولون الأمريكيون خطةً لوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا. وافقت كييف على الهدنة المقترحة.
19 أبريل/نيسان
أعلن بوتين وقف إطلاق النار لمدة 30 ساعة بمناسبة عيد الفصح، على الرغم من استمرار الهجمات في جميع أنحاء أوكرانيا.
28 أبريل/نيسان
أعلن الكرملين وقف إطلاق نار من جانب واحد لمدة 72 ساعة، ابتداءً من 8 مايو/أيار، احتفالًا بيوم النصر الذي تحتفل فيه روسيا بهزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. لم توافق كييف على ذلك، مفضلةً هدنة لمدة 30 يومًا اقترحها مسؤولون أمريكيون. ويتهم كلٌّ من الجانبين الآخر بانتهاكها.
10 مايو/أيار
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، يجتمعون مع زيلينسكي في كييف ويحثون روسيا على سن هدنة لمدة 30 يومًا تبدأ من 12 مايو/أيار.
11 مايو/أيار
بوتين يقترح استئناف المحادثات المباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول في 15 مايو/أيار، «دون شروط مسبقة»، لكنه لا يوافق على وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا. زيلينسكي يتحدى بوتين للقاء شخصيًا في تركيا.
12 مايو/أيار
يقول ترامب إنه «يفكر في السفر» إلى تركيا لإجراء المحادثات بعد زيارته إلى قطر والإمارات العربية المتحدة، لكنه يقول لاحقًا إن روبيو ومسؤولين أمريكيين آخرين سيذهبون.
13 مايو/أيار
صرّح المستشار الرئاسي الأوكراني ميخايلو بودولياك بأن زيلينسكي لن يلتقي بأي ممثل روسي في تركيا باستثناء بوتين. وأضاف زيلينسكي أنه والرئيس التركي رجب طيب أردوغان سينتظران بوتين في أنقرة، مضيفًا: «إذا لم يحضر بوتين ويلعب بالنار، فالنقطة الحاسمة هي أنه لا يريد إنهاء الحرب».
15 نوفمبر/تشرين الثاني
فضيحة هزت قطاع الطاقة في أوكرانيا وأسفرت عن استقالة مدير مكتب الرئيس الأوكراني لاحقا في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني بعد تفتيش منزله
25 نوفمبر/تشرين الثاني
أعلنت أوكرانيا أنها توصلت إلى "تفاهم مشترك" مع الولايات المتحدة بشأن خطة سلام تهدف إلى إنهاء الحرب مع روسيا.
ويستند المقترح إلى خطة مكوّنة من 28 بنداً طرحتها الولايات المتحدة على كييف الأسبوع الماضي، وتعاون مسؤولون أمريكيون وأوكرانيون في صياغتها خلال محادثات عُقدت في جنيف نهاية الأسبوع.
29 نوفمبر/تشرين الثاني
أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "استقالة" رئيس موظفيه أندريه يرماك، بعد مداهمة مكافحة الفساد لمنزله.
30 نوفمبر/تشرين الثاني
عقدت الولايات المتحدة، محادثات مع المسؤولين الأوكرانيين في ميامي، وسط حديث عن «مزيد من التقدم» نحو اتفاق لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا.
8 ديسمبر/كانون الأول
كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن المبعوثين الأمريكيين منحوا زيلينسكي أيامًا للرد على اتفاق السلام المقترح
ونقلت عن مسؤول مطلع على الجدول الزمني المقترح لكييف أن ترامب يأمل في التوصل إلى اتفاق "بحلول عيد الميلاد"