مسقط رأس زيلينسكي ينبض بالحياة تحت الأرض.. "أمل" يولد من رحم "النووي"
مع احتدام أزمة أوكرانيا وفقدانها بوصلتها بعد 9 أشهر من اندلاعها، ووسط تصاعد وتيرة الأحداث على الأرض، كانت الملاجئ تحمل وجها آخر للحرب.
فبعد أن تمكّن الأوكرانيون من صد القوات الروسية وإبعادها مسافة ساعة عن ضواحي كريفيي ريغ، المدينة الصناعية الناطقة بالروسية والتي يتحدّر منها رئيس البلاد فولوديمير زيلينسكي وزوجته، تحولت الملاجئ المخصصة للوقاية من الهجمات الروسية في البلدة القريبة من خطوط النار، إلى مسرح لمسابقات الفنون القتالية.
باللباس الأبيض تتوافد الفتيات والفتيان للمشاركة في نهائيات المسابقة السنوية التي تنظمها بلدية كريفيي ريغ الواقعة في جنوب أوكرانيا، في مخبأ بني بتكلفة باهظة في ستينيات القرن الماضي تحسّبا لأي هجوم نووي خلال الحرب الباردة.
وجه آخر للحرب
ويتواجه المتبارزون على السجادات المربعة تحت أنظار ذويهم الجالسين منهكين على المقاعد أو المتكئين على الجدران، فيما يعلن معلق بحماسة تفاصيل كل مبارزة، على أنغام صدى مكبّر الصوت الذي يمكن سماعه فوق سطح الأرض.
محاولا التغطية على الضجيج الحاد، يقول المدرب الوطني أناتولي فولوشين بأعلى صوت: "نفسيا، من المهم أن يرى الأطفال أن البالغين لم ينسوهم".
ويتولى فولوشين إدارة المسابقة بغياب مساعد رئيس البلدية سيرجي ميليوتين المتعذّر عليه مغادرة مكتبه، حيث يتابع مستجدات انقطاع التيار الكهربائي الذي تشهده المدينة.
دم بارد
وبعد تسعة أشهر على بدء الحرب، أصبح مساعد رئيس البلدية -مهندس اتصالات قوي البنية ومرح يبلغ 45 عاما- معتادا على قضاء وقته على الهاتف، فيما تتواتر الأخبار من الجبهة عن حسه الفكاهي.
متناولا شطيرته، يحاول مساعد رئيس البلدية الحفاظ على رباطة جأشه بالبحث بواسطة هاتفه لمعرفة أي من مناطق في مدينته بحاجة إلى مساعدات عاجلة.
ويقول: "بالطبع أنا متعب جسديا"، لكنه يشير إلى أن متابعة المستجدات باتت جزءا من عمله اليومي، مضيفا: "يجب الحفاظ على دم بارد وتوفير الطاقة (الجسدية). لا أحد يعلم كم من الوقت ستستمر الأمور على هذا النحو".
وعلى غرار مدن صناعية أخرى في أوكرانيا، تحاول كريفيي ريغ إيجاد نوع من التوازن بين اليأس والفرح، فبين الفينة والأخرى تدوّي صفارات الإنذار للتحذير من الصواريخ، وبشكل متزايد من الطائرات المسيّرة، ليلا ونهارا.
يبذل مساعد رئيس البلدية جهودا لكي يأخذ أبناء بلديته صفارات الإنذار على محمل الجد، على غرار ما كانوا يفعلون في الأيام الأولى للحرب. ويقول: "نمضي وقتنا بتذكير الناس بوجوب عدم التراخي في الحيطة".
عروض فنية
ومن أجل إضفاء طابع أشبه بالطبيعي على حياة السكان، حولت كريفيي ريغ ملجأها المقام للوقاية من الهجمات النووية وغيرها من المنشآت المشابهة المقامة تحت الأرض، إلى قاعة للعروض الفنية واللقاءات الرياضية.
ويستقبل الملجأ حفلات موسيقية وعروضا لفريق كفارتال 95، شركة الإنتاج التي كان زيلينسكي مديرا شريكا فيها ونجمها حتى وصوله إلى سدة الرئاسة في أبريل/نيسان 2019.
ويتوافد المئات في كل نهاية الأسبوع إلى الملجأ لمشاهدة العروض والحفلات على الرغم من الحرب الدائرة.
ويقول ميليوتين إن الناس استغرقهم الأمر بضعة أشهر ليدركوا أنه بالإمكان العودة إلى ما يشبه الحياة الطبيعية في هذه الملاجئ المنسيّة المنتشرة في البلاد منذ الحقبة السوفياتية، مشددا على أن "الجميع سعداء جدا هنا"، في إشارة إلى الملجأ المقام تحت الأرض، مضيفا "وكأن ما من حرب دائرة".
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ni4yMjgg
جزيرة ام اند امز