انسحاب الروس من خيرسون.. الأسباب والتداعيات وسيناريو المستقبل
بشكل مفاجئ، أعلنت السلطات الروسية، الأربعاء، الانسحاب من مدينة خيرسون، وترك المدينة طواعية لأوكرانيا التي تشن هجوما مضادا.
وفي وقت سابق اليوم، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، سحب قواته من مدينة خيرسون أول مدينة سيطرت عليها موسكو في أوكرانيا بعيد اندلاع الحرب في فبراير/شباط الماضي.
- متذرعة بالفيضانات.. روسيا تسحب قواتها من خيرسون
- شريان حياة وجسر استراتيجي.. لماذا يتمسك بوتين بـ"خيرسون"؟
خطر الفيضانات
شويجو، بحسب وسائل إعلام روسية، أمر بسحب القوات من الضفة الغربية لنهر دنيبرو بما في ذلك خيرسون، بسبب خطر الفيضانات التي تهدد بعزل القوات الروسية هناك.
قائد العمليات الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرجي سوروفيكين كان أكثر وضوحا، وقال إن "قرار الانسحاب ليس سهلا".
وتابع سوروفكين، في تصريحات صحفية، أنه "لم يعد من الممكن توصيل الإمدادات إلى خيرسون، واقترح إنشاء خطوط دفاعية على الضفة الشرقية للنهر، بدلا من خطوط الدفاع السابقة".
ما أهمية خيرسون؟
وتكتسب خيرسون أهمية استراتيجية كبرى، لأنها تقع بالقرب من مصب نهر دنيبرو، وتعد خط إمداد حيويا للقوات الروسية، ومعبرا للوصول لمجموعة واسعة من الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
ويعني ترك خيرسون طواعية، انسحاب القوات الروسية بالكامل من الضفة الغربية لنهر دنيبرو، ما يعد ضربة كبيرة لموسكو التي تواجه هجوما مضادا أوكرانيا منذ أشهر.
لكن المسؤولين الأوكرانيين تعاملوا بحذر مع قرار روسيا بالانسحاب عبر نهر دنيبرو. وحذر مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك من أنه من السابق لأوانه التعامل مع الإعلان بشكل جدي.
ورغم هذه المواقف المتباينة، والقراءة الأولية للقرار الروسي على أنه ضربة قوية لحملة موسكو في أوكرانيا، إلا أن هناك قراءة أعمق تكشف مزيدا من التفاصيل تتخفى خلف الخطوة.
قرار مُركّب
ووفق روب لي، الباحث البارز المتخصص في الشؤون الدفاعية الروسية، فإن قرار الانسحاب يبدو مركبا، ويمكن أن يكون له تداعيات كبيرة على الحرب الدائرة منذ 9 أشهر.
وكتب لي في تغريدات تابعتها "العين الإخبارية": "انتصار مثير للإعجاب وصعب لأوكرانيا.. السؤال الكبير الآن هو ما إذا كان بإمكان روسيا الانسحاب دون تكبد خسائر في المعدات الثقيلة والأفراد"، مضيفا "لدى أوكرانيا كل الحافز لجعل هذا الانسحاب فوضويًا ومكلفًا قدر الإمكان".
ومتحدثا عن تداعيات سيطرة أوكرانيا على خيرسون، مضى لي موضحا "ضع في اعتبارك أيضًا أن أجزاءً من شبه جزيرة القرم ستكون ضمن نطاق نظام الصواريخ GMLRS (تملكه أوكرانيا) بمجرد أن تتخلى روسيا عن الضفة الغربية لنهر دنيبرو".
وتابع "سيكون عدد من محطات السكك الحديدية ومستودعات الذخيرة ونقاط لوجستية أخرى ضمن نطاق نظام (هيمارس) الصاروخي الذي تملكه أوكرانيا أيضًا".
لكن لي كشف عن جانب آخر في قرار الانسحاب ربما يفسر القرار، عندما قال "إذا تمكنت روسيا من سحب وحداتها دون خسائر فادحة، فمن المحتمل أن تكون في وضع أقوى للاحتفاظ بخطوطها الأمامية الحالية لأنها تستطيع تحريك هذه الوحدات بسهولة أكبر للدفاع عن دونباس وزابوريجيا"، مضيفا: "هذا ما يجعل كيفية إجراء الانسحاب أمرا بالغ الأهمية".
إخفاق عسكري
فيما كتب الكاتب المتخصص في الشأن الأوكراني، كريستوفر ميلر، "بغض النظر عن كيفية قيام روسيا بتسويقه، فإن الانسحاب من خيرسون، أكبر مدينة والعاصمة الإقليمية الوحيدة التي سيطرت عليها روسيا في 24 فبراير/شباط الماضي، يعد إخفاقًا عسكريًا كبيرًا".
الخبير في الشأن الروسي، مايكل كوفمان الذي توقع في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أن تصدر القيادة الروسية قرارا بالانسحاب من خيرسون، علق على قرار اليوم بالقول إن "المتوقع هو انسحاب تدريجي وعلى مراحل" في محاولة لتفادي أي تحرك فوضوي أو انقطاع خطوط الإمداد.
الكاتب جوليان روبكه المتخصص في الشأن الأوكراني، كتب على "تويتر": "الانسحاب منطقي من الناحية العسكرية.. نهر دنيبرو هو أقوى خط دفاع في أوكرانيا بأكملها، وخلفه سيكون المرء في مأمن من المزيد من التقدم الأوكراني في إطار هجوم كييف المضاد"، ما يعني أن خط دفاع الروس خلف دنيبرو سيكون قويا للغاية.
لذلك، قال روبكه: "السيناريو الأكثر احتمالا الآن في توقعي، أن ينقل الطرفان عشرات الآلاف من القوات إلى زابوريجيا، حيث من المتوقع أن تنشب معركة للسيطرة على المدينة في غضون عدة أسابيع".