شريان حياة وجسر استراتيجي.. لماذا يتمسك بوتين بـ"خيرسون"؟
يستعد الجنود الروس في منطقة خيرسون الساحلية الموحلة لما قد يصبح أكبر معركة في الحرب الدائرة منذ 9 أشهر في أوكرانيا.
وربما تشهد هذه المعركة المنتظرة اختبارا للجنود الروس وقدرتهم على الفوز أم سيجبرون على التراجع بيد خالية الوفاض، وفق صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
لكن مدينة خيرسون مهمة استراتيجيا بشكل استثنائي لروسيا والرئيس فلاديمير بوتين، لأنها تضم قناة تمد شبه جزيرة القرم بالمياه العذبة، وعبر أراضيها ينوي بوتين مد الجسر الاستراتيجي الذي يربط البر الروسي بشبه الجزيرة.
وأشار المسؤولون الأوكرانيون مؤخرا إلى أن هجوما على مدينة خيرسون العاصمة الإقليمية الوحيدة التي تمكنت روسيا من السيطرة عليها منذ بداية الحرب في 24 فبراير/شباط، قد يكون وشيكا.
ورغم المعركة الصعبة المنتظرة، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للأوكرانيين "أن يتوقعوا أخبارا جيدة" من المنطقة، فيما قال مسؤول كبير آخر مؤخرا إنه يتوقع استعادة المدينة بحلول نهاية العام.
في المقابل، لم تظهر روسيا أي بادرة على استعدادها للتخلي عن المدينة، أو منطقة خيرسون الأوسع نطاقا، والتي تحمل أهمية استراتيجية وسياسية هائلة للكرملين.
وقالت القوات المسلحة الأوكرانية، الأسبوع الماضي، إن روسيا نقلت ألف جندي إضافيا إلى المنطقة حول مدينة خيرسون، والتي كان عدد سكانها قبل الحرب قرابة الـ300 ألف نسمة.
وتباطأت جهود أوكرانيا لاستعادة البلدات في منطقة خيرسون الأوسع، خلال الأيام الأخيرة، حيث تسببت أمطار الخريف في جعل الأرض موحلة، ما يصعب الحركة.
فيما لا يبدو أن الدفاعات الروسية تنهار كما حدث عندما توغلت القوات الأوكرانية بخاركيف في سبتمبر/أيلول، وفق واشنطن بوست.
وتشكل منطقة خيرسون أهم مكون في "الجسر البري" الممتد من البر الرئيسي الروسي إلى شبه جزيرة القرم، والذي كان بوتين يريد تشييده منذ ضم روسيا لشبه الجزيرة بشكل منفرد في 2014.
وكانت عدم القدرة على الوصول إلى القرم برا، السبب الرئيسي في إنفاق بوتين 4 مليارات دولار لبناء جسر القرم عبر مضيق كيرتش.
وفي فبراير/شباط عندما أمر بوتين ببدء الحرب، تدفقت القوات الروسية في القرم إلى جنوب أوكرانيا عبر خيرسون.
وفي الوقت الحالي، لا تزال المدينة موطئ قدم موسكو الرئيسي الوحيد بالجانب الغربي من نهر دنيبر، وحال سقوطها، قد تواصل القوات الأوكرانية مسيرتها، مما يهدد بحصار القوات الروسية.
وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول، كانت القوات الأوكرانية تتقدم تجاه مدينة خيرسون من الشمال والغرب. وقال المسؤولون الذين عينتهم روسيا إنهم أخلوا ما يصل إلى 70 ألف مدنيا ومكتبا إداريا إلى الجانب الشرقي من نهر دنيبر قبل هجوم أوكراني متوقع.
لكن بدلًا من التخلي عن المدينة، يبدو أن الروس يعززون مواقعهم ويستعدون للمعركة الكبيرة المقبلة، بالرغم من أن لا أحد يعلم ما إذا كانت المدينة ستسقط قبل الشتاء أم بعده، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وتعهد زيلينسكي في وقت سابق، بتحرير خيرسون ثم الدفع باتجاه القرم، وهي خط أحمر لبوتين، الذي حذر مرارا من أي عمل عسكري لاستعادة شبه الجزيرة.
كما يوجد في خيرسون أيضًا قناة بالغة الأهمية من الحقبة السوفيتية، والتي لطالما وفرت إمدادات حيوية من المياه العذبة إلى القرم، وأغلقتها أوكرانيا عام 2014، مما كلف موسكو مئات ملايين الدولارات لتوفير المياه للقرم.
وكانت إحدى أولى الخطوات التي أقدمت عليها روسيا بعد بداية الحرب في فبراير/شباط هو السيطرة على القناة وإعادة تدفق المياه إلى شبه جزيرة القرم.
ومهما كان ما ينتظر خيرسون، فمن المحتمل أن يستغرق وقتا حتى يتكشف.
aXA6IDE4LjIyNC41NC42MSA= جزيرة ام اند امز