تحول في سياسة أمريكا تجاه أوكرانيا.. هل تتنازل كييف عن بعض أراضيها؟
من دعم هدف أوكرانيا المتمثل في تحقيق النصر الكامل على روسيا إلى تحسين موقفها في مفاوضات لإنهاء الحرب، تحول كبير في سياسة الولايات المتحدة تجاه كييف.
مفاوضات قد تفضي إلى التنازل عن أجزاء من أوكرانيا لروسيا، وفقًا لمسؤول ودبلوماسي أوروبي مقيم في واشنطن، صرح لمجلة «بوليتيكو» الأمريكية، مشيرًا إلى أن تلك التطورات، تأتي في الوقت الذي تعرضت فيه المساعدات الأمريكية والأوروبية لأوكرانيا الآن لخطر شديد.
وبحسب الصحيفة، فإنه بينما يصر البيت الأبيض والبنتاغون علناً على عدم وجود تغيير رسمي في سياسة الإدارة الأمريكية تجاه كييف، وأنهما ما زالا يدعمان هدف أوكرانيا المتمثل في إجبار الجيش الروسي على الخروج بالكامل من البلاد، لكن، جنبًا إلى جنب يناقش المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون الآن مع الأوكرانيين أنفسهم، إعادة انتشار قوات كييف بعيدًا عن الهجوم المضاد الفاشل الذي شنه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى موقع دفاعي أقوى ضد القوات الروسية في الشرق، وفقًا لمسؤول في الإدارة الأمريكية.
تعزيز الدفاع
ويقول مسؤولون إن هذا الجهد شمل أيضًا تعزيز أنظمة الدفاع الجوي وبناء التحصينات وحواجز الأسلاك الشائكة والحواجز والخنادق المضادة للدبابات على طول الحدود الشمالية لأوكرانيا مع بيلاروسيا.
بالإضافة إلى ذلك، تركز إدارة بايدن على إحياء صناعة الدفاع في أوكرانيا بسرعة لتزويدها بالأسلحة التي تشتد الحاجة إليها والتي يرفض الكونغرس الأمريكي استبدالها، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وقال مسؤول الإدارة لصحيفة «بوليتيكو» هذا الأسبوع، إن التحول الاستراتيجي إلى الدفاع يهدف إلى دعم موقف أوكرانيا في أي مفاوضات مستقبلية، مضيفًا: «كانت هذه هي نظريتنا في القضية طوال الوقت - الطريقة الوحيدة التي تنتهي بها هذه الحرب في نهاية المطاف هي من خلال المفاوضات. نريد أن يكون لأوكرانيا أقوى يد ممكنة عندما يأتي ذلك».
هل حانت لحظة المفاوضات؟
ومع ذلك، أكد المسؤول الأمريكي أنه لم يتم التخطيط لإجراء محادثات بعد، وأن القوات الأوكرانية لا تزال في حالة هجوم في بعض الأماكن وتواصل قتل وجرح الآلاف من القوات الروسية، مضيفًا: «نريدهم أن يكونوا في وضع أقوى للاحتفاظ بأراضيهم. لكن لا يعني ذلك أننا نثنيهم عن شن أي هجوم جديد».
وبالنسبة لبايدن، فإن خوض الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين في خضم حملة انتخابية صعبة، سيكون أمراً شاقًا، بحسب الصحيفة الأمريكية التي قالت إن إدارة الرئيس جو بايدن لا تمنح الأفضلية لبوتين بعد إصرارها منذ بدء الحرب التي اندلعت في فبراير/شباط 2022 على أنها تقف بالكامل وراء تعهد زيلينسكي بالنصر على موسكو.
وقال مسؤول في الكونغرس مطلع على تفكير الإدارة، إن «تلك المناقشات حول محادثات السلام بدأت، لكن الإدارة لا يمكنها التراجع علنًا بسبب المخاطر السياسية التي يواجهها بايدن».
وفي مقابلة أجريت معه في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال مستشار البيت الأبيض جون كيربي، إنه «مع اقتراب واشنطن من نهاية قدرتنا على تقديم المساعدة العسكرية للأوكرانيين لأن الجمهوريين منعوا طلب بايدن للحصول على ما يقرب من 60 مليار دولار، فإن إدارة بايدن تركز بشكل كبير على مساعدتهم في الهجوم والدفاع».
كيربي أضاف: «نجري محادثات يومية مع الأوكرانيين حول ساحة المعركة، وحول احتياجاتهم ونواياهم». لكنه أضاف: «لن أرسل برقية إلى الروس حول الاستراتيجية الأوكرانية في الأشهر المقبلة».
مقترحات جديدة
وفي مؤتمره الصحفي الذي عقده نهاية العام في أوائل ديسمبر/كانون الأول الجاري، قال زيلينسكي إن أوكرانيا تعد مقترحات جديدة لإنهاء الحرب، لكنه أضاف أنه لن يغير إصراره على سحب روسيا جميع قواتها.
وأكد كيربي مجددًا موقف الإدارة القائل: «إننا لا نملي الشروط على الرئيس زيلينسكي»، مضيفًا: بدلاً من ذلك، يساعد البيت الأبيض زيلينسكي على تفعيل اقتراح السلام الخاص به مع محاورين حول العالم».
وعلى مدار العام الماضي - مع تراجع الدعم العسكري الأمريكي بسرعة في الكابيتول هيل، وفشل الهجوم المضاد الذي تباهى به زيلينسكي منذ إطلاقه في يونيو/حزيران الماضي - تحول بايدن من الوعد بأن الولايات المتحدة ستدعم أوكرانيا «لطالما استغرق الأمر»، إلى القول بأن ستقدم الولايات المتحدة الدعم «طالما نستطيع».
ويعتقد بعض المحللين أن هذا رمز للاستعداد لإعلان نصر جزئي وإيجاد طريقة لهدنة أو وقف إطلاق النار على الأقل مع موسكو، ما من شأنه أن يترك أوكرانيا منقسمة جزئيًا.
«إن التحول إلى الدفاع قد يمنح أوكرانيا الوقت الذي تحتاجه لإجبار بوتين في نهاية المطاف على التوصل إلى تسوية مقبولة»، يقول أنتوني بفاف، خبير الاستخبارات في كلية الحرب العسكرية الأمريكية، والذي شارك في تأليف دراسة توقعت شن بوتين عملية عسكرية في أوكرانيا. وأضاف: «من المحتمل جدًا أن يؤدي اتخاذ وضع دفاعي إلى السماح للأوكرانيين بالحفاظ على الموارد».
وقال دبلوماسي أوروبي مقيم في واشنطن، إن الاتحاد الأوروبي يثير أيضًا التهديد بتسريع عضوية أوكرانيا في الناتو لـ«وضع الأوكرانيين في أفضل وضع ممكن للتفاوض مع موسكو».
ولا يزال الجيشان في حالة جمود إلى حد كبير، لكن ربما يشير بوتين الآن إلى أنه مستعد لتقديم تنازلات إذا سمح له بالاحتفاظ بحوالي 20% من الأراضي الأوكرانية التي يسيطر عليها جزئيًا في الشرق، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأسبوع الماضي.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg جزيرة ام اند امز