لتضخيم الجيش أم محاسبة الفارين.. قانون للتعبئة ينتظر ضوء بوتين الأخضر
فيما تستعد أوكرانيا لما يعرف بـ"هجمات الربيع"، لإعادة زخم الانتصار الذي عطله شتاء قارس وهجمات روسية، تحاول موسكو تدعيم صفوفها بالقوات، لإحباط أي صحوة محتملة من جانب كييف.
فمجلس الشيوخ في البرلمان الروسي صوت يوم الأربعاء على قانون يسهل تعبئة الروس في الجيش، وهو نص أقرته الهيئة التشريعية خلال يومين وينتظر الآن مصادقة الرئيس فلاديمير بوتين.
ويسمح القانون الجديد بتعبئة الجنود الاحتياط إلكترونيًا، عبر بوابة المؤسسات الحكومية الروسية، أو عند تبليغ الأمر لطرف ثالث، وحتى اليوم، كان ينبغي تسليم أمر التعبئة لصاحب العلاقة باليد شخصياً.
إلا أن العديد من الروس في سن التعبئة تمكنوا حتى الآن من تفادي الاستدعاء، بعدم المكوث في عنوانهم الرسمي. لكن قريباً، لن يكون هذا ممكنا.
وخلال ساعات قليلة يوم الثلاثاء، تبنى مجلس الدوما (مجلس النواب) النص على عجل. وعند بدء سريان هذا القانون، سيتم اعتبار أي روسي مدعو للتعبئة "عاصياً"، وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن، إذا "رفض استلام استدعائه أو تعذر الوصول إليه".
ماذا نعرف عن القانون الجديد؟
وتقول صحيفة "واشنطن بوست"، إنه عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الخريف عن تعبئة لقيادة تعزيزات للحرب ضد أوكرانيا، فر آلاف الرجال من البلاد أو اختبؤوا، إلا أنها قالت إن الإجراءات الجديدة الصارمة التي أقرها مجلس النواب بالبرلمان الروسي يوم الثلاثاء ستجعل من شبه المستحيل على الروس تفادي التجنيد الإجباري في المستقبل.
وينص القانون على استدعاءات عسكرية إلكترونية للمجندين، بموجب الخدمة العسكرية الإجبارية الروسية للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عامًا، لكن من المحتمل أيضًا أن يتم إصدارها لأفراد الاحتياط العسكري الروسي وغيرهم.
وعن عقوبات المخالفين، قال رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما أندريه كارتوبولوف، إن هناك عقوبات صارمة لأولئك الذين لا يستجيبون للاستدعاءات الإلكترونية، بما في ذلك الحظر المحتمل على القيادة، أو تسجيل شركة، أو العمل لحسابه الخاص، أو الحصول على ائتمان أو قروض، أو بيع الشقق أو شراء ممتلكات أو تأمين منافع اجتماعية. ويمكن أن تنطبق هذه العقوبات على آلاف الرجال الموجودين بالفعل خارج البلاد.
وسيتم إصدار الاستدعاء الإلكتروني عبر بوابة الخدمات الحكومية، Gosuslugi، المستخدمة لجميع أنواع المدفوعات والخدمات الحكومية بما في ذلك الضرائب وجوازات السفر وخدمات الإسكان والمزايا الاجتماعية ووثائق النقل والمواعيد الطبية وتأمين الموظفين ومسائل أخرى لا حصر لها.
وبموجب القانون، سيتم نقل البيانات الشخصية للمجندين بما في ذلك وثائق الهوية وأرقام الضرائب الشخصية وتفاصيل رخصة القيادة وأرقام الهواتف وغيرها من المعلومات من قبل بوابة الخدمات الحكومية إلى مكاتب التجنيد العسكرية.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست"، إن الجامعات وأصحاب العمل والمستشفيات والعيادات والوزارات الحكومية ووكالات إنفاذ القانون واللجنة الانتخابية ومصلحة الضرائب مطالبون أيضًا بنقل البيانات إلى الجيش.
ومع حرص الكرملين على تجنب إجراءات التعبئة التي أثارت غضبًا، تسلط القواعد الجديدة الضوء على حاجة روسيا لمزيد من الأفراد العسكريين، بعد هجوم شتوي غير فعال إلى حد كبير لم يكتسب القليل من الأرض، وقبل هجوم مضاد أوكراني جديد متوقع في المستقبل.
القانون الجديد يأتي بعد أشهر من إعلان وزير الدفاع سيرجي شويغو في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن خطط لزيادة حجم الجيش الروسي بنسبة 30% إلى 1.5 مليون جندي، بما في ذلك 695 ألف جندي متطوع متعاقد.
الكرملين يرد
وينفي الكرملين في الوقت الحالي أن يكون القانون تمهيداً لتعبئة مزيد من جنود الاحتياط لإرسالهم إلى الجبهة الأوكرانية.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن القانون الجديد "ضروري للغاية"، لكنه أضاف أنه غير مرتبط بتعبئة المزيد من الرجال الروس للقتال في الحرب.
وبحسب المتحدث باسم الكرملين، فإن روسيا "بحاجة إلى تحسين وتحديث نظام المحاسبة العسكرية"، مشيرًا إلى أنه من المفترض أن "يصلح" هذا القانون الجديد قبل كل شيء "الفوضى" التي حدثت في مكاتب التجنيد في أثناء التعبئة التي تم الإعلان عنها في سبتمبر/أيلول 2022.
وأثار القانون الجديد الاستياء لدى بعض السكان الذين وجدوا أنه يمهد لموجة جديدة من التعبئة، بينما تواجه روسيا صعوبة في هجومها على أوكرانيا، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وقال عضو مجلس الدوما، أندريه لوجوفوي، أحد القائمين على مشروع القانون، إن المشكلات التي حدثت في أثناء عملية التعبئة العام الماضي أثبتت الحاجة إلى طريقة أكثر فاعلية لاستدعاء الرجال للخدمة العسكرية.
وأضاف: "كانت هناك شكاوى كثيرة بشأن مكاتب التسجيل والتجنيد العسكرية، وتعبئة الناس بالخطأ، وأولئك الذين تمكنوا من الاختباء بحجة عدم تلقي استدعاءات"، مشيرًا إلى أن مشروع القانون يسمح للجيش "بترتيب الأمور" و"إزالة أي تضارب أو أفعال خاطئة في المستقبل".
وتقول صحيفة "واشنطن بوست"، إن التحرك لمنع بيع العقارات يجعل من الصعب على المتهربين من التجنيد الفرار من البلاد دون خسارة الأصول، ما يعني أيضًا أن أولئك الذين فروا من روسيا العام الماضي لتجنب القتال في أوكرانيا لن يتمكنوا من صرف أموالهم من ممتلكاتهم الروسية.
وعلى الرغم من أنه لا يُفترض أن يتم نشر المجندين في مناطق القتال، بما في ذلك أوكرانيا، إلا أن أولئك الذين أتموا خدمتهم العسكرية الإجبارية تعرضوا لضغوط شديدة من رؤسائهم لتوقيع عقود عسكرية تجعلهم مؤهلين للانتشار في الجبهة، وفقًا لمقابلات لوسائل الإعلام الروسية المستقلة مع الأمهات.
القوات الأوكرانية
في المقابل، تكافح القوات الأوكرانية نقص الذخيرة وانتظار العتاد من الداعمين الغربيين، وتمضي وقتها بحثًا عن نقاط الضعف قبل الهجوم المضاد الذي طال انتظاره.
ففي أحد مواقع الخندق على بعد كيلومتر واحد من الخطوط الروسية، يعمل عريف أوكراني مع وحدة شريكة تطير بطائرات تجارية بدون طيار لمراقبة القوات الروسية وتحديد نقاط الضعف وتخطيط ضربات لتدمير التحصينات.
تم تأطير هجوم الربيع المتوقع على أنه فرصة أوكرانيا الناجحة هذا العام لاستعادة الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية، والتي يبلغ مجموعها خُمس البلاد. لكن العملية تأخرت بسبب الطقس وبطء تسليم المعدات وندرة الذخيرة، ما أثار مخاوف من حدوث مأزق.
ومما يزيد من تعقيد الهجوم المضاد المخطط تسريب عشرات الوثائق العسكرية والاستخبارية الأمريكية، بما في ذلك العديد من التفاصيل حول حالة الجيش الأوكراني وقدراته، بما في ذلك نقاط الضعف في الدفاعات الجوية، والتي قد تجبر القادة على تغيير الخطط.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست"، إنه إذا كانت كييف غير قادرة على استعادة منطقة كبيرة، فإن العديد من الأوكرانيين يشعرون بالقلق من أنهم سيضطرون إلى الدخول في مفاوضات مع روسيا، من موقف غير متكافئ.
وتجري القوات الأوكرانية عمليات استطلاع بطائرات بدون طيار لأول مرة لتحديد حقول الألغام على الجانب الروسي، في انتظار المزيد من المعدات الثقيلة والعربات المدرعة لتحريك أعداد كبيرة من القوات إلى الأمام.
ولعبت المساعدات الغربية دورًا حاسمًا في مساعدة القوات الأوكرانية على طرد القوات الروسية من منطقة خاركيف الشمالية الشرقية وأجزاء من خيرسون في الجنوب العام الماضي. لكن منذ ذلك الحين، تباطأت المعركة، ولم يتضح ما إذا كان الدعم الإضافي سيكون كافياً لكسر الجمود.
aXA6IDMuMTQ3LjcxLjE3NSA= جزيرة ام اند امز