الأزمة الأوكرانية.. تخوفات من غزو "لم يشهده العالم"
شهد العالم عشرات الحروب منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكن أزمة روسيا أوكرانيا ستكون مؤشرا على دخول العالم حقبة جديدة تنذر بالخطر.
وعددت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أسباب اختلاف هذه الحرب بأن الغزو الروسي لأوكرانيا سيكون من جانب أحد أكبر الجيوش في العالم لدولة مجاورة، بهدف واضح هو توسيع الهيمنة الإقليمية، إما من خلال الضم أو إنشاء حكومة "دمية".
وتشير الصحيفة إلى أن عددا قليلا من الصراعات التي شهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية يمكن أن تلائم هذا الوصف، ربما يكون أبرزها غزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان في السبعينيات، وتشيكوسلوفاكيا في الستينيات والمجر في الخمسينيات - وضم فلاديمير بوتين لشبه جزيرة القرم عام 2014. إضافة إلى غزو الولايات المتحدة بنما في الثمانينيات واستخدام وكالة المخابرات المركزية للإطاحة بحكومة منتخبة في غواتيمالا في الخمسينيات.
لكن الفارق بين غزو أوكرانيا والحروب السابقة هو أن أقوى دول العالم لم تستعمل القوة لتوسيع حدودها أو إنشاء دول عميلة في منطقتها. فقد سعت تلك الدول في السابق استبدال الغزو بالالتزام بالمعاهدات والقواعد الدولية الموضوعة في الأربعينيات.
وترى "نيويورك تايمز" أن الغزو الروسي لأوكرانيا يشكل نوعا من الحرب التي لم يشهدها العالم خلال الثمانين عامًا الماضية والذي كان شائعًا في السابق. وهو قيام دولة قوية بتوسيع هيمنتها الإقليمية من خلال السيطرة على جارتها. وهو ما يثير المخاوف لدى الكثيرين في تايوان.
انحسار الديمقراطية
يحذر علماء السياسة منذ عدة سنوات من تدهور الديمقراطية في جميع أنحاء العالم حيث وصف "لاري دياموند" من جامعة ستانفورد هذا الاتجاه بأنه "انحسار للديمقراطية".
وتقول منظمة "فريدوم هاوس"، التي تتابع الحريات في كل دول العالم، إن الحرية السياسية العالمية تشهد تراجعا منذ عام 2006.
وخلص تقرير المنظمة العام الماضي إلى أن "الدول التي شهدت تدهورًا في مؤشر الحرية السياسية فاق عدد الدول التي شهدت تحسنًا بأكبر هامش مسجل منذ بدء الاتجاه السلبي".
ووفق خبراء فإن استيلاء روسيا على أوكرانيا من شأنه أن يسهم في انحسار الديمقراطية بصورة جديدة: وهي استيلاء الحكم المطلق على دولة ديمقراطية بالقوة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أوكرانيا دولة ديمقراطية إلى حد كبير يبلغ عدد سكانها أكثر من 40 مليون نسمة، فاز رئيسها الموالي للغرب، فولوديمير زيلينسكي، في انتخابات 2019 بنسبة 73 بالمائة من الأصوات في الجولة الأخيرة من الانتخابات.
وأوضحت أن هذا الانتصار واستطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى أن معظم الأوكرانيين يريدون العيش في بلد أشبه بدول أوروبا الغربية - والولايات المتحدة - أكثر مما يشبه روسيا.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول بأن المشكلات التي يواجهها الغرب من المساعي لرفع مستويات معيشة كثير من سكانه، والصراعات الثقافية بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية، وضعف الأحزاب السياسية الرئيسية، منحت بوتين وكبار مساعديه الثقة للتصرف بعدوانية، معتقدين أن "النظام الذي تقوده الولايات المتحدة يواجه أزمة عميقة".
ومساء الإثنين، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتراف بلاده رسميا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا، ووقع على معاهدتي الصداقة والتعاون والمساعدة مع رئيسي دونيتسك دينيس بوشيلين، ولوهانسك ليونيد باسيتشنيك.
وقوبل القرار الروسي بالاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين كجمهوريتين بردود فعل دولية قوية، كان بينها تحذير كل من أمريكا وألمانيا وفرنسا، في بيان مشترك، موسكو من أن خطوة الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوهانسك "لن تمر دون رد".