أوكرانيا تحاول اصطياد الصين بـ"وحدة الأراضي".. و"التنين" يراوغ بالحياد
مكالمة هاتفية سرعان ما دخلت مسار الحرب لتتحول لورقة مساومة على الموقف بيد أوكرانيا، فيما صدت الصين بتمسكها بالحياد والدعوة للحوار.
هذا ما ترجمته بيانات وزيري خارجية الصين وأوكرانيا عقب محادثة هاتفية بينهما، في تصريحات عكست حربا من نوع مختلف تستعر في كواليس النزاع المستمر بين كييف وموسكو شرقي أوروبا.
ففي حين بدت بكين متمسكة بموقف موضوعي يضعها على الحياد ونفس المسافة من طرفي الصراع، حاولت كييف استثمار المحادثة على طريقتها، أملا بالضغط على "التنين" وإجباره على الانحناء نحوها.
لكن يبدو أن المكالمة التي تعد أول محادثة رسمية بين المسؤولين منذ تولي وزير الخارجية الصيني منصبه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أجهضت مساعي كييف لضم بكين لصفوف مؤيديها، رغم المساومة بمبدأ وحدة الأراضي الذي ترفعه بكين.
حرب اصطفافات تبحث أوكرانيا عبرها توسيع التحالف الداعم لها، بلغت ألسنتها حد الصين، عبر اللعب على أوتار ملفات عالقة تواجهها الصين في تايوان وبحرها الجنوبي.
أمل المفاوضات
في محادثته مع نظيره الأوكراني دميترو كوليبا حض وزير الخارجية الصيني تشين غانغ على استئناف محادثات السلام بين كييف وموسكو "في أقرب وقت ممكن".
وقال تشين في بيان إن "الصين تخشى أن تتصاعد الأزمة وتخرج عن نطاق السيطرة، وتأمل أن يحافظ الطرفان على الهدوء، وأن يمارسا ضبط النفس، ويستأنفا محادثات السلام في أقرب وقت ممكن، وأن يعودا إلى طريق التسوية السياسية".
كما أعرب الوزير عن أمل بكين في أن "تبقي أوكرانيا وروسيا على الأمل في الحوار والمفاوضات"، في موقف تجدده الصين بشكل متواتر، ردا على انتقادات غربية لها لامتناعها عن إدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ولم يقتصر موقف الصين على الحياد والتمسك بضرورة استئناف محادثات السلام، بل قدمت في فبراير/شباط الماضي ورقة موقف بشأن الحرب في أوكرانيا، دعت فيها إلى الحوار وسعت لطرح نفسها وسيطا محايدا.
اقتراح جدده تشين في مكالمة الخميس، قائلا إن بكين "تتمسك بموقف موضوعي ونزيه بشأن القضية الأوكرانية، وتلتزم بتعزيز محادثات السلام، وتدعو المجتمع الدولي إلى تهيئة الظروف لمحادثات السلام".
مساومة
على الطرف الآخر من سماعة الهاتف، لم يكن الموقف ولا الرؤية نفسها لفحوى المحادثة ولا للاستنتاجات الناضحة عنها، حيث بدا أن كييف تحاول استثمار المكالمة النادرة لأقصى حد ممكن.
ففي تغريدة عبر موقع تويتر، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إنه بحث مع نظيره الصيني احترام مبدأ وحدة الأراضي.
وأضاف كوليبا: "ناقشنا أهمية مبدأ وحدة الأراضي"، في إشارة ضمنية إلى المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه الصين، وهو نفس المبدأ الذي تستند إليه بكين في أزمتها مع تايوان أو في بحرها الجنوبي.
حاولت كييف المناورة بنفس المبدأ، لكنها فشلت في اصطياد "التنين"، الذي يبدو أنه تجاهل بشكل كامل التلميحات الأوكرانية وقطع على كييف طريق الاستفادة حتى من طرح الموضوع بمناقشات المحادثة، وهو ما تجلى من خلال عدم الإشارة لهذه النقطة في البيان الصيني.
وما بين المساومة الأوكرانية والحياد الصيني، سقطت حسابات كييف في حرب اصطفافات تتغير أسهمها بشكل ضوئي وتختلف مضامينها بين الظاهر والباطن، لكن المؤكد هو أن لهيبها سينقلب وبالا على العالم بأسره.