بعد 6 أشهر من الحرب.. إلى أي مدى يستمر دعم الغرب لأوكرانيا؟
بعد مرور ستة أشهر على الحرب الروسية، تزداد التساؤلات والمخاوف لا سيما من جانب الأوكرانيين حول مدى إمكانية استمرار الغرب في مواصلة الانخراط والدعم.
الأموال الأمريكية والأوروبية والمساعدات العسكرية تظل عاملا حاسما في قدرة أوكرانيا على التصدي للحرب الروسية وآمالها في استعادة الأراضي في الشرق والجنوب حتى مع تصعيد هجماتها في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014.
شخصيات بارزة في حكومة كييف تشعر بالقلق لدرجة أنهم يحذرون مرة أخرى من المخاطر الهائلة للعالم الديمقراطي في وقت يواجهون فيه القوات الروسية بعد نصف عام من الصراع.
وتأتي التساؤلات بشأن طول أمد وقوة الالتزام الغربية في لحظة محفوفة بالمخاطر. ونصحت وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء، الأمريكيين بمغادرة أوكرانيا فورًا، محذرة من هجمات روسية محتملة، الأربعاء، في الذكرى الـ31 لاستقلال البلاد.
وهناك أيضًا مخاوف هشة من أن عودة العاصمة إلى نسخة باهتة من الحياة الطبيعية قد تحطمها الضربات الروسية بعد مقتل ابنة فيلسوف القومية الروسية، ألكسندر دوغينا، في عملية تفخيخ سيارة على أطراف موسكو.
ونفت أوكرانيا مسؤوليتها عن العملية، كما أن التحقيق الروسي المتعجل لا يعطي ثقة كبيرة في ادعاءاتها بأن عميل من الخدمات الخاصة بكييف هو المسؤول. لكن أثارت العملية مطالب روسية بالثأر وحرب شاملة ضد أوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لقناة "سي إن إن" خلال مؤتمر صحفي في كييف، الثلاثاء، إنه يفهم أن جميع الدول لديها مشاكلها، في وقت تعتصر فيها تكاليف المعيشة المرتفعة الغرب.
لكنه أضاف أن أوكرانيا لازالت بحاجة لمزيد من المساعدة، محذرا: "بمجرد أن يسأم العالم من هذه المشكلة، ستصبح تهديدا كبيرا جدا".
وأشارت تحليل "سي إن إن" إلى أن بايدن لديه إجابة لا لبس فيها قصيرة الأمد لمخاوف زيلينسكي؛ حيث يجهز للكشف عن حزمة مساعدة أمنية ضخمة أخرى تصل إلى 3 مليارات دولار في يوم استقلال أوكرانيا، ليضيف إلى الترسانة المتطورة والذخيرة التي أرسلت بالفعل إلى أوكرانيا.
ويأتي ذلك عقب الحزمة الأمريكية بقيمة 775 مليون دولار الأسبوع الماضي التي تضمنت منظومات هيمارس وذخيرة هاوتزر عيار 105 ميلمترات، وصواريخ مضادة للدروع وقدرات إزالة الألغام التي عكست رغبة أوكرانية في شن مزيد من الهجمات ضد القوات الروسية.
وهناك القليل من الشك حول التزام بايدن الشخصي تجاه القضية؛ حيث دفع بأن القتال من أجل أوكرانيا محوريا في المصالح الأمريكية لأنه في النهاية يتعلق بالنضال من أجل الديمقراطية، التي تتعرض لتهديد على الصعيد العالمي، والداخلي، والتي رهن رئاسته عليها.
ولدى سؤال جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي، عما إذا كانت ستأتي مرحلة لن تستطيع فيها الولايات المتحدة تحمل مثل هذا السخاء تجاه أوكرانيا، أعاد التأكيد على الرسالة التي نقلها بايدن خلال القمة الأخيرة لحلف شمال الأطلسي.
وقال كيربي لـ"سي إن إن": "ستواصل الولايات المتحدة دعم أوكرانيا قدر ما يتطلبه الأمر وكان يقصد كل كلمة من ذلك"، واعدا بحزم مساعدات من الولايات المتحدة وعشرات الدول الأخرى.
ومع ذلك، جذب توتر الأيام القليلة الماضية انتباها جديدا إلى نهج إدارة بايدن بشأن أوكرانيا، التي في وقت سابق من هذا العام هيمنت على البرامج الإخبارية الأمريكية والسياسة في واشنطن لأسابيع بعدما أثارت الحرب الروسية صراعا على غرار الحرب العالمية الثانية في أوروبا، ومخاوف من مواجهة أمريكية محتملة مع خصم قديم من الحرب الباردة.
وأشارت تحليل "سي إن إن" إلى أن الأمر أكثر من مجرد حرب حول رغبة بوتين في إحياء بصمة روسيا الكبرى وعكس الآثار الجيوسياسية لانهيار الاتحاد السوفيتي، فقد اختبرت رغبة الغرب للوقوف بوجه رئيس روسي يحاول إعادة صياغة حدود الأراضي الأوروبية.
كما تهدد بؤر التوتر الفردية في الحرب المصالح الأمريكية؛ حيث إن المواجهة الحالية بشأن محطة زابوريجيا النووية التي تسيطر عليها روسيا تهدد بكارثة بيئية يمكن أن تضرب الاقتصاد العالمي وتهدد حياة أعداد كبيرة من الناس.
وعانى الأمريكيون أيضًا، كما حال جميع الناس بكل مكان، من الآثار الاقتصادية المرتدة الناجمة عن الحرب. وبالرغم من استئناف بعض الصادرات الزراعية وانخفاض أسعار النفط المسؤولة عن ارتفاع أسعار البنزين، تحتفظ الحرب بالقدرة على إلحاق آلام مالية وتداعيات سياسية على بعد آلاف الأميال من ميادين القتال.
وأشار التحليل إلى وجود أسباب تبرر قلق أوكرانيا حيال الالتزام الغربي طويل الأمد؛ حيث حذر الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبرج، على سبيل المثال، من حرب طويلة الأمد.
وقال خلال قمة عبر الإنترنت حضرها زيلينسكي وقادة العالم الآخرون، الثلاثاء: "الشتاء قادم وسيكون الوضع صعبا. ما نراه الآن هو حزب استنزاف طاحنة"، مما يثير الحاجة إلى التزام غربي طويل.
والحقيقة الشاقة بالنسبة للغرب هي أن هذه الحرب قد تكون قريبة من الوجودية كما هي بالنسبة لبوتين. وقد تلاشت الآمال السابقة في التوصل إلى حل دبلوماسي منذ فترة طويلة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى انعدام الثقة بين الجانبين.
ويهدد الصدام المطول بالوكالة الآن بين الغرب وروسيا بزيادة التكلفة التي سيواجهها قادة التحالف لمواصلة دعم أوكرانيا.
وفي الولايات المتحدة، لا توجد ضمانة، على سبيل المثال، على أن مجلس النواب الجمهوري، الذي قد ينبثق من الانتخابات النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني، سيكون متحمسا لإرسال مساعدات بعشرات مليارات الدولارات إلى أوكرانيا كما الحال مع بايدن.
ولفت التحليل إلى أنه من الأمور الأكثر إلحاحا هي وحدة الحلفاء الأوروبيين فيما يتشكل ليكون شتاء بائسا من التضخم المرتفع، وارتفاع أسعار الطاقة، والاستياء السياسي.
وحتى الآن، وفي كل مرة واجه فيها التزام التحالف عبر الأطلسي تجاه أوكرانيا اختبارا، ظل ثابتا. لكنه يقوم على أساس سياسي هش نسبيا، ولهذا يدق زيلينسكي ووزراؤه مجددا ناقوس الخطر بشأن رهانات الحرب.