حرب أوكرانيا تدق أبواب الشهر الخامس.. ذروة الخطة البديلة
تدخل الحرب في أوكرانيا شهرها الخامس غدا الجمعة، بعد أن شهدت تحولات في الأهداف الاستراتيجية ومسار المعارك خلال الفترة الماضية.
وبدأت الحرب في الـ24 من فبراير/شباط الماضي، بعد أن أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين تدشين العملية العسكرية الخاصة في الأراضي الأوكرانية.
المرحلة الأولى
وفي المرحلة الأولى التي استمرت حتى الأسبوع الأخير من مارس/آذار الماضي، ركزت روسيا الهجوم على ثلاثة محاور، شمالاً إلى كييف، شرقاً إلى إقليم دونباس، وجنوباً انطلاقاً من شبه جزيرة القرم إلى مدينة خيرسون.
وحاول الجيش الروسي منذ البداية الاعتماد على المناورة السريعة والاندفاع لتحقيق نتائج سريعة على كافة الجبهات، مع تكثيف الإنزالات الجوية قرب العاصمة كييف في محاولة لإحدات مفاجأة وإسقاط المدينة بشكل سريع.
لكن الدفاع الأوكراني القوي خاصة في محيط كييف، وتدفق الأسلحة بشكل كبير على الجيش الأوكراني، خاصة تلك التي كانت حاسمة في معارك المدن والدبابات مثل صواريخ جافلين المضادة للدروع، حال دون سقوط العاصمة.
الخطة البديلة
وأمام هذا الدفاع القوي شن الجيش الأوكراني هجوما مضادا في محيط كييف وإلى الشرق منها، قررت روسيا تغيير استراتيجيتها العسكرية في الحرب، وتركيز المعركة على دونباس.
وفي أواخر مارس/آذار الماضي، قال نائب رئيس الأركان العامة الروسية سيرغي رودسكوي: "لقد تم خفض القدرات القتالية للقوات الأوكرانية بشكل كبير، مما يسمح.. بتركيز الجزء الأكبر من الجهود على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس".
وبعد ذلك بشهرين، وبالتحديد في نهاية مايو/أيار الماضي، تمكنت روسيا من تحقيق انتصارات كبيرة في معركتها للسيطرة على دونباس وفتح طريق بري إلى شبه جزيرة القرم، ما يعكس نجاح استراتيجيتها البديلة في الحرب، وفق مراقبين.
وسيطرت القوات الروسية والانفصاليون الموالون لها على مدينة ماريوبول الساحلية، وبلدة ليمان، ومعظم منطقة لوهانسك، وعدد كبير من بلدات دونيستك، فيما تملك أفضلية في باقي مناطق إقليم دونباس.
وبحلول اليوم الـ100 للحرب أوائل الشهر الجاري كانت القوات الروسية تسيطر بشكل كامل على 20% من الأراضي الأوكرانية،
وقبل الحرب، كانت القوات الروسية والانفصاليون الموالون لها تسيطران على 43 ألف كيلومتر مربع من أوكرانيا، بما فيها شبه جزيرة القرم وثلث دونباس.
ومنذ 24 فبراير/شباط تقدمت القوات الروسية خصوصا من الشرق والجنوب على طول البحر الأسود وبحر آزوف وباتت تسيطر على ممر ساحلي استراتيجي يربط شرق روسيا بشبه جزيرة القرم، وفق "فرانس برس".
الوضع الراهن
ومع دخول الشهر الخامس للحرب غدا تشدد القوات الروسية حصارها على آخر جيب للمقاومة الأوكرانية في ليسيتشانسك وسيفيرودونيتسك، المدينتين الصناعيتين الاستراتيجيتين الواقعتين في منطقة لوهانسك، التي دمرها تبادل القصف المدفعي.
وصرح حاكم منطقة لوهانسك سيرغي جايداي، مساء الأربعاء، أن "ليسيتشانسك تتعرض لقصف مدفعي وهجمات جوية".
وتشكل مدينتا ليسيتشانسك وسيفيرودونيتسك خطوة أساسية للروس في خطتهم للسيطرة على دونباس، وهو حوض ناطق باللغة الروسية.
وشمالا، بدت شوارع خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا ويسيطر عليها الأوكرانيون، خالية من المارة الأربعاء، حسب فريق تابع لوكالة "فرانس برس" كان في المكان.
وقال رومان بوهولياي (19 عاما) في أحد شوارع هذه المدينة الواقعة على مسافة خمسين كيلومترا عن الحدود "غادر عدد كبير من الناس المدينة ولم يبق فيها سوى الجدات" بسبب تعرضها للقصف اليومي.
الخسائر
فيما يتعلق بخسائر أوكرانيا وروسيا، فالأمر يبدو معقدا، لأن أيا من الطرفين لم يقدم حصيلة واضحة منذ بداية الحرب.
لكن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ذكر مؤخرا أن ما بين 60 و100 جندي أوكراني يقتلون يوميا في دونباس.
كما أفادت وزارة الدفاع البريطانية مؤخرا بأن الكرملين خسر عددا كبيرا من الجنود يضاهي ما كان قد فقده خلال الحرب التي شنها الاتحاد السوفيتي في أفغانستان.
وكان آخر حصيلة أعلنها الكرملين في بيان بتاريخ 25 مارس/آذار الماضي تفيد بمقتل 1351 جنديا، إلا أن الأوكرانيين يزعمون أن عدد القتلى الروس قد بلغ 30 ألفا.
فيما نقلت صحيفة لوفيغارو الفرنسية عن تقديرات مستقلة أن عدد القتلى الروس يتراوح بين 12 ألفا و15 ألفا، فيما يصل عدد القتلى من الجنود الأوكرانيين إلى 15 ألف جندي، وهو أكثر بكثير مما تعترف به كييف (٣ آلاف في بيان قبل شهرين).
ويحذر فينسان توري، الباحث في مؤسسة البحث العلمية الفرنسية التي تراقب الحرب، من أن "استنزاف القوات الأوكرانية قوي جدا"، مشيرا في حديث مع لوفيجارو إلى أن الدفاع الأوكراني يواجه مشكلة خطيرة في دونباس، حتى إن وزير الخارجية دميترو كوليبا اعترف بأن الوضع العسكري أسوأ مما يقوله الناس.
aXA6IDMuMTQ0LjIxLjIwNiA= جزيرة ام اند امز