رؤية غربية لمصير الحرب في أوكرانيا.. 5 سيناريوهات
لا أحد يعرف كيف أو متى ستنتهي الحرب في أوكرانيا، لكن من الواضح أن مسار المعارك أصابه الجمود في الفترة الراهنة.
ونشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية تقريرا يحمل رؤية غربية بحتة لسيناريوهات الصراع، ووضعية القوات الروسية، لا يضم أي رد من روسيا أو تناول لمسار الحرب من جانبها.
ووفق ما نقلته الصحيفة عن حكومات غربية ومحللين، فشلت موسكو في تحقيق هدفها الأولى بتوجيه ضربة خاطفة إلى كييف وإسقاط الحكومة، ويبدو أن خطتها البديلة تواجه صعوبات.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن الأشياء التي بدت ممكنة للغاية في بداية الحرب، مثل انهيار الدولة الأوكرانية، تعتبر الآن غير مرجحة.
وتخوض أوكرانيا معركة وجودية، بحسب ما قاله رئيس الأركان البريطاني الأدميرال توني رادكين خلال خطاب في لندن، الإثنين، مضيفا: "وستنجو منه."
وفي هذه المرحلة، حلت المواجهات التي تهيمن عليها المدافع محل معارك الدبابات. تشن القوات الروسية الهجمات في بعض المناطق، من بينها منطقة لوهانسك الشرقية، حيث تغلبت أخيرا على آخر المعاقل الأوكرانية المتبقية في مدينة ماريوبول الجنوبية.
وفي مناطق أخرى، تشن القوات الأوكرانية هجمات مضادة، تحديدا في الشمال خارج مدينة خاركيف.
وقال وزير الدفاع الأوكراني أولكسي ريزينكوف أمام وزارء دفاع الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء: "الحرب تدخل مرحلة مطولة"، مشيرًا إلى أن هناك "عدة مؤشرات على أن روسيا تستعد لعملية عسكرية طويلة الأمد"، بما في ذلك أعمال هندسة وتحصين في منطقتي خيرسون وزابوريجيا.
وحتى إذا كان الأمر كذلك، ستنتهي الحرب، عاجلًا أم آجلا، بوقف إطلاق النار أو الهدنة. وبالنظر للواقع الجديد على الأرض، تستعرض "وول ستريت جورنال" خمسة سيناريوهات محتملة بشأن الصراع.
انهيار روسي
استغلت القوات الأوكرانية المسلحة جيدا والبارعة تكتيكيا نقاط ضعف الجيش الروسي؛ الذي واجه صعوبات بسبب اللوجيستيات الضعيفة وتنسيق مختلف عناصر الحملة العسكرية. كما عانت القوات الروسية "نتيجة المعدات والتدريب السيئ، وتدني الروح المعنوية ببعض الأماكن"، على حد قول الصحيفة.
وترجح معظم التحليلات الغربية أن خطة موسكو البديلة، وهي تركيز القوات في الشرق والجنوب الشرقي وتوسيع موطئ قدمها في منطقة دونباس، تسير بشكل أبطأ مما أمل فيه الروس، بحسب "وول ستريت جورنال".
ويرى البعض أن خطة موسكو الواضحة لتطويق القوات الأوكرانية لا يمكن تحقيقها. وفي الوقت نفسه دخلت المدافع الغربية طويلة المدى "M777" وغيرها من الأسلحة المتقدمة، المعركة، إذ يقول البنتاجون إنها تحدث فرقا بالفعل.
وأفضل ما يمكن لبعض المحللين أن يقولوه عن أداء جيش موسكو حتى الآن هو أنه لم ينهر.
وقال لورانس فريدمان، أستاذ دراسات الحرب بجامعة كينجز كوليدج لندن: "يمكنك الدفع بأن الروس أبلوا بلاء حسنا في الحفاظ على تماسك جيشهم بالنظر إلى الضغط الذي يتعرضون له"، لكنه أضاف: "يمكن للجيوش أن تكون هشة".
ولاحظ مسؤولون غربيون أن القوات الروسية ترفض القتال بشكل كبير، وقالوا أيضًا إن الوحدات الروسية التي تكبدت هزيمة في منطقة كييف أعيدت مرة أخرى إلى المعركة، غالبا مع مجندين غير مدربين جيدا.
وأفادت الاستخبارات الدفاعية البريطانية بأن استخدام قوات معاونة، مثل المقاتلين من الشيشان، زاد صعوبة التنسيق بين القوات.
انهيار أوكراني
في حين جرى توثيق الأضرار الجسيمة التي ألحقتها القوات الأوكرانية بالروسية جيدا، هناك أدلة أقل حول مقدار ما عانته القوات الأوكرانية.
وترجح المعلومات المتوفرة أن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمعدات كانت هائلة، لكن تشير التقديرات الغربية إلى أن تلك الخسائر جزء بسيط مما عاناه الروس، بحسب "وول ستريت جورنال".
وكان الاستيلاء على ماريوبول انتصارا انتظرته روسيا منذ فترة طويلة، وتحقق بعدما ألقى الأوكرانيون المحاصرون بمصنع الصلب لحوالي ثلاثة أشهر، أسلحتهم.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، الأربعاء، إن أكثر من 950 جنديا أوكرانيا في المصنع استسلموا وأصبحوا أسرى حرب.
وبخلاف هذه المدينة، تضع قوات موسكو، الجيش الأوكراني، تحت ضغط كثيف حول مناطق سيفيرودونتسك وليمان في دونباس، بحسب محللين.
وبدون تقديرات موثوقة للضحايا أو خسائر المعدات، يتعين على المحللين البحث عن أدلة على حالة الجيش الأوكراني.
وأحد المعايير التي يستخدمها المحللون هي كيف تقاتل القوات الأوكرانية، و"هل يبدو أنهم يقاتلون بكفاءة وذكاء، وهل هناك مؤشرات على الفشل؟".
ويقول فيليبس أوبراين، أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة سانت أندروز في اسكتلندا، أنه لم ير علامات على الفشل.
ومن المنتظر أن تعزز المعدات الغربية التي تتدفق على البلاد من فاعلية القوات الأوكرانية، ما دفع فريدمان إلى القول "لا أعتقد أن الانهيار الأوكراني مرجح. سأستبعد ذلك"، مضيفا "لديهم الدافع والزخم".
مستنقع
كثيرًا ما تتطور الحروب إلى حالة من الجمود، حيث لا يتجه أي جانب إلى الخسارة. وفيما يتعلق بأوكرانيا حذر مسؤولون غربيون من أن الصراع قد يستمر للعام المقبل أو بعده، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وقال عدة محللون إنهم يتوقعون أنه إذا صمدت أوكرانيا أمام الهجوم الروسي الحالي في دونباس سيكثف الأوكرانيون هجومهم المضاد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مما يمكن أن يدشن مرحلة حاسمة من الحرب.
وتابع هؤلاء المحللون أن حجم القوات الروسية المستخدمة صغير جدا على تحقيق حتى الأهداف المحدودة في أوكرانيا.
تقدم أوكراني
بعد إعادة توجيه قواتها إلى الشرق والجنوب الشرقي، يبدو أن موسكو اندفعت لشن هجمات تدريجية، حيث استخدمت أحيانا القوات التي تراجعت من كييف، بدلًا من انتظار الوقت المناسب وحشد قوة واسعة النطاق.
وقال أوبراين: "يبدو أن التقدم الروسي سيتلاشى نسبيا قريبا. في مرحلة ما سيوقفون التقدم، والسؤال هو: هل سيتمكن الأوكرانيون من صدهم؟".
ورأى محللون أن الأسلحة الغربية في هذه المرحلة ذات أهمية كبيرة، وإذا تقدم الأوكرانيون بالفعل، فإن السؤال التالي هو أين سيتوقفون، بحسب ما نقلته "وول ستريت جورنال".
وسيكون الحد الأدنى لأهداف أوكرانيا خطوط السيطرة التي كانت في 23 فبراير/شباط، أي اليوم الذي سبق الحرب الروسية. وسيترك ذلك موسكو تسيطر على جيبين في دونباس وشبه جزيرة القرم، التي ضمتها عام 2014.
وقال المحللون إنه "إذا نجحت أوكرانيا، سيمثل التراجع الروسي تحديا سياسيا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ويغريه بدفع القوات الروسية إلى ما هو أبعد من جيوب دونباس والقرم.
وتعتبر العمليات الهجومية أكثر صعوبة من الدفاعية، وسيكون التقدم بالمناطق التي لطالما تحصن فيها الروس، دونباس والقرم تحديدا، أمرًا طموحا بالنسبة لأوكرانيا.
التصعيد
يشعر بعض المحللين من القلق من الحصار السياسي لروسيا الآن خشية تصعيدها للصراع، عبر إرسال أسلحة نووية تكتيكية أو كيماوية إلى ساحة المعركة، على سبيل المثال.
وقال محللون غربيون إن هذا ممكن، لكنه غير مرجح. وحتى إذا استخدمت الأسلحة النووية في ساحة المعركة، لن يتصاعد الصراع تلقائيا إلى تبادل للصواريخ الباليستية العابرة للقارات بين روسيا والغرب.
ومن شأن استخدام روسيا للأسلحة النووية أن يخرق محرمات متعلقة باستخدام هذا النوع من الأسلحة في الحروب جرى رسمها بعد عام 1945.
وسيثير استخدام مثل تلك الأسلحة انتقادات دولية واسعة النطاق وعلى الأرجح سيؤدي لردود فعل تطالب بعزل الاقتصاد الروسي بشكل أكثر حدة، بما في ذلك احتمال فرض ما يسمى بالعقوبات الثانوية التي لن تستهدف الكيانات الروسية فحسب، بل أيضًا أي شركة تتعامل تجاريا مع روسيا.
ومن المرجح أن يؤدي استخدام أي من تلك الأسلحة إلى جر الغرب في الصراع أكثر. وسيكون الرد النووي للقوى الغربية غير محتمل، بحسب محللين، لكن الرد العسكري التقليدي محتمل.
وتظل السيناريوهات السابقة تعبر عن رؤية غربية بحتة لمسار الحرب، وتنطلق من تقييم غربي للوضع الحالي للقتال وحالة القوات الروسية، ولا يضم وجهة النظر المعاكسة.