كابوس الشتاء وغزة.. أوكرانيا تسابق «قسوة» الوحل و«مجاعة» السلاح
قبل أن يتحول الطقس وتغرز الأقدام والإطارات في وحل الحرب، تسابق أوكرانيا، الوقت، لتحقيق مكاسب واختراق الدفاعات الروسية العميقة.
فبينما ينشغل العالم بالاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لليوم التاسع عشر على التوالي، تواصل أوكرانيا القتال أمام القوات الروسية عبر مساحة واسعة من البلاد.
ومع تحصن القوات الروسية بعمق في مواقع دفاعية، كان التقدم ضمن الهجوم المضاد صعبا بالنسبة لأوكرانيا. وفق شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية.
وعلى الرغم من استعادة كييف عددا من المدن والقرى، فإن روسيا لا تزال تسيطر على نحو خمس أوكرانيا، بما في ذلك معظم منطقتي لوهانسك ودونيتسك في الشرق؛ وشبه جزيرة القرم وزابوريجيا في الجنوب، وأجزاء من منطقة خيرسون المجاورة.
أندريوس تورسا، مستشار أوروبا الوسطى والشرقية في شركة تينيو لاستشارات المخاطر، قال في مذكرة له، يوم الإثنين، إن "الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا (في يونيو/حزيران الماضي) لم يحقق الأهداف العسكرية والسياسية المفترضة حتى الآن، ويبدو أن احتمالات تحقيق انفراجة قد تكون محدودة".
وأضاف: "على الرغم من إلحاق خسائر كبيرة بالقوات المسلحة الروسية، فإن الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا منذ أربعة أشهر ونصف الشهر لم يحقق مكاسب إقليمية كبيرة ولم يتمكن من اختراق الجسر البري الروسي إلى شبه جزيرة القرم".
الموسم الموحل قريب
وأمام أوكرانيا فرصة ضئيلة لتحقيق المكاسب قبل أن يتحول الطقس وقد يأتي موسم الوحل سيئ السمعة، والمعروف باسم "راسبوتيتسا" باللغة الروسية و"بيزدوريزهيا" بالأوكرانية.
وفي هذا الصدد، أشار تورسا إلى أن "التقدم المحدود حتى الآن يضعف الآمال في تحقيق انفراجة على المدى القريب، خاصة أن طقس الخريف يجعل الحركة واسعة النطاق للمعدات العسكرية الثقيلة أكثر صعوبة، وتقوم روسيا بتكثيف الضغط في أجزاء أخرى من خط المواجهة".
وفي الخريف والربيع الماضيين، تسببت الطرق والحقول الموحلة في إحداث فوضى في الظروف الأرضية والعمليات الهجومية، ومن المرجح بحسب مراقبين، أن يحدث ذلك مرة أخرى.
ومن شأن ذلك أن يضع وقفا فعالا للعمليات الهجومية لأسابيع قبل أن تتجمد الأرض وتتمكن المركبات والقوات من التحرك بسهولة أكبر مرة أخرى.
مايكل كلارك، محلل دفاعي مستقل وكان المدير العام للمعهد الملكي للخدمات المتحدة من عام 2007 إلى عام 2015. ، تحدث لشبكة سي إن بي سي، حول هذا الموضوع، قائلا "الأمل هو أن تكون القوات الأوكرانية الآن بعيدة بما يكفي عبر الخطوط الدفاعية الروسية... لإحراز بعض التقدم السريع.
وتابع "لا نعرف ما إذا كانوا (الأوكران) سيفعلون ذلك أم لا، لكن من المؤكد أن الوقت ينفد منهم للقيام بذلك"،
واستدرك "سيواصلون القتال خلال فصل الشتاء ولكن ما سيحدث هو أنه في نهاية نوفمبر/تشرين، سيصبح الطقس رطبا جدا، وهذا سيضع حاجزا أمام الأمور، وهو ما سيحدث في وقت ما في أواخر ديسمبر/كانون الأول، وأوائل يناير/كانون الثاني".
"بمجرد أن يصبح الجو باردا مرة أخرى، سيكون بمقدورهم استخدام المركبات بشكل أكثر كفاءة لأن الأرض ستكون قاسية ولكن (في هذه الأثناء) سيتباطأ الهجوم بلا شك ... لذا فإن أفضل وقت بالنسبة لهم للاختراق هو الآن، لكن لم يفعلوا ذلك" يُكمل كلارك.
ولفت المحلل الدفاعي إلى أن المشكلة بالنسبة لأوكرانيا هي أن "هذا لن يبدو كافيا إلى حد كبير لتبرير كل المساعدة المقدمة"، حيث بدأ بعض حلفاء كييف الغربيين يشعرون بالضجر من احتياجاتها العسكرية والمالية، والتي قد تصبح أكثر وضوحا مع مرور الوقت خاصة في ظل التوترات الحاصلة حاليا في منطقة الشرق الأوسط.
مزايا روسية في الجبهات
ومع عجز أوكرانيا عن حشد مئات الآلاف من القوات بالطريقة التي تستطيع روسيا القيام بها، تقول إنها تحتاج بشدة إلى أسلحة ومعدات أكثر تطوراً بعيدة المدى، وخاصة القوة الجوية.
لكن الحلفاء الغربيين يميلون إلى المماطلة بشأن تسليم أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا. بحسب الشبكة الأمريكية التي أشارت إلى المداولات التي جرت في الشتاء الماضي حول إرسال دبابات قتالية ثقيلة إلى كييف كأحد الأمثلة على ذلك.
وكانت أوكرانيا قد ناشدت حلفاءها بالحصول على طائرات إف-16، لكن تم رفضها. وبعد أشهر، قال عدد من الحلفاء الأوروبيين إنهم سيقدمون طائرات إف-16 إلى كييف، ولكن ليس قبل عام 2025.
في غضون ذلك، يقول محللون إن روسيا تتمتع بميزة واضحة في هذا الصراع، بالنظر إلى أنها في وضع الدفاع إلى حد كبير، وليس الهجوم.
إذ كان أمام القوات الروسية أشهر لإعداد طبقات من الدفاعات بما في ذلك شبكات واسعة من الخنادق، وحقول الألغام.
كما أن القوات الروسية تتلقى أيضًا الدعم من المدفعية والمروحيات الهجومية وغيرها من الطائرات، مما يعيق القوات الأوكرانية مرة أخرى.
وقد عطلت حقول الألغام، على وجه الخصوص، الزخم الهجومي ومعدل تقدم أوكرانيا، وفقا لمحللين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS).
ويظهر التحليل الذي أجراه مركز الأبحاث أنه في ذروة هجومها الصيفي بين أوائل يونيو وأواخر أغسطس/آب، تقدمت القوات الأوكرانية بمعدل 90 مترا فقط يوميا على الجبهة الجنوبية.
وأشار مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن بعض حقول الألغام قد تم توسيعها من 120 مترا إلى 500 متر في بعض المناطق، مما يجعل أوكرانيا الدولة الأكثر كثافة بالألغام في العالم اليوم، وهو الأمر الذي يشكل تحديا هائلا ويستغرق وقتا طويلا بالنسبة لقواتها للتغلب عليه.
aXA6IDMuMTM5LjgzLjI0OCA= جزيرة ام اند امز