«الأمم المتحدة»: تغير المناخ يهدد إنجازات عقود من التطور الصحي
يهدد تغير المناخ بفقدان العالم لإنجازات عقود من التقدم نحو تحسين الصحة والرفاهية، لا سيما في المجتمعات الأكثر ضعفا، وفقا لتقرير حديث صادر عن وكالة الأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة.
ففي تقريرها السنوي عن حالة الخدمات المناخية، الصادر يوم الخميس الموافق 2 نوفمبر 2023، حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، من أن أزمة تغير المناخ تولد أزمة طوارئ صحية عالمية، ونبهت إلى أن العديد من الآثار السيئة لتغير المناخ يمكن تخفيفها من خلال تدابير التكيف والوقاية.
ويخلص التقرير إلى أن البلدان في أفريقيا وجنوب آسيا هي الأكثر عرضة لخطر تغير المناخ.
هل تغير المناخ يمثل حالة طوارئ؟
لقد أدى حرق الإنسان للوقود الأحفوري وإطلاق ما يكفي من الغازات الدفيئة (GHGs) إلى إحداث تغيير كبير في تكوين الغلاف الجوي، وارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بين 1.1 و1.2 درجة مئوية. ومن ثمَّ، فُرض على كافة دول العالم حالة طوارئ مناخية بغض النظر عن حجم انبعاثات كل دولة؛ حيث أصبح الجميع يعاني من تلك التداعيات الناجمة عن تغير المناخ؛ ولا سيما دول القارة الأفريقية.
تساهم أفريقيا بنسبة 2% إلى 3% فقط من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم، ومع ذلك فهي المنطقة الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ. ففي مقابل كل درجة ارتفاع في درجات الحرارة، سوف ترتفع تكاليف التكيف بشكل كبير؛ حيث ستحتاج أفريقيا إلى 52.7 مليار دولار أمريكي سنويًا على مدار العشرين عامًا القادمة للحد من تأثرها بالمناخ.
- تحذير من ظاهرة فلكية تضرب الأرض وتؤثر على الصحة
- مطالب بوضع الهواء النظيف ضمن أولويات يوم الصحة في «COP28»
الطوارئ المناخية تولد أزمة صحية عالمية
أفاد الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، "بيتيري تالاس" بأن البلدان الأكثر تهديدًا من مخاطر تغير المناخ الصحية تقع في أفريقيا وجنوب آسيا، ومن ثمَّ، ستعاني تلك البلدان من خطر تفشي الأمراض المعدية مثل حمى الضنك والملاريا. كما حذر من ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في تلك البلدان فضلًا عن تفاقم الأحداث المناخية المتطرفة الناجمة عن موجات الحر المتكررة بشكل متزايد.
فعلى سبيل المثال، واجهت منطقة القرن الأفريقي، خلال السنوات الثلاث الماضية، حالات حادة للغاية من انعدام الأمن الغذائي، والتي كانت مرتبطة بكل من موجات الحر المرتفعة وما استتبعها من ارتفاع معدلات الجفاف، فضلًا عن انخفاض جودة الهواء.
ومن جانبها، ذكرت مديرة إدارة البيئة وتغير المناخ "ماريا نيرا"،: 'إننا نهيئ الظروف الملائمة لمزيد من الأمراض مثل سرطان الرئة والتهابات الجهاز التنفسي المزمنة أيضًا، بسبب سوء نوعية الهواء الذي نتنفسه'. ومن الواضح أن الأحداث المناخية المتطرفة سيكون لها عواقب وخيمة على صحة البشر.
وفي هذا الصدّد، تؤكد تقارير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن الحرارة الشديدة تتسّبب في ارتفاع معدلات الوفيات أكثر من أي حدث مناخي متطرف آخر.
وتشير التقديرات إلى أنه خلال الفترة (2000-2019) أدت الحرارة المفرطة إلى وفاة ما يقرب من نصف مليون شخص سنويًا، مع تأثر قارتي آسيا وأوروبا بشكل خاص؛ حيث بلغت نسبة الوفيات في آسيا نحو 45% ونحو 36% في أوروبا.
وتفيد أيضًا التقديرات، بأن تفاقم تلوث الهواء الناجم عن الحرارة المفرطة، قد يتسّبب في ارتفاع حالات الوفيات لتصل إلى نحو 7 ملايين حالة وفاة مبكرة كل عام، وهو رابع أكبر قاتل من حيث عامل الخطر الصحي.
تحد كبير يواجهه المجتمع الصحي
وأشار تالاس إلى أنه هناك فجوات كبيرة، وخاصة في أنظمة الإنذار المبكر للتأثيرات المرتبطة بالمناخ، مثل الحرارة الشديدة'، حيث تتلقى نصف البلدان فقط الآن الرسالة 'حول مدى خطورة ظروف الحرارة التي قد تؤثر عليها'، وركز على قوة وفرصة استخدام علوم وخدمات المناخ لتوجيه السياسات الوطنية بشكل أفضل.
فرغم أن المعلومات والخدمات المناخية يمكن أن تساعد في إدارة الظواهر الجوية المتطرفة، والتنبؤ بالمخاطر الصحية، وإنقاذ الأرواح؛ لكنه من المؤسف أن توجد محدودية في خدمات الإنذار المبكر التي تعمل بشكل جيد في البلدان الأفريقية وغيرها من الدول. فنجد أن قطاع الخدمات الصحية يُعد أحد القطاعات الهامة الذي يعاني من ضعف خدمات الإنذار المبكر في البلدان الأفريقية. ومن ثمَّ، فقد دعا التقرير إلى ضرورة تحسين أنظمة الإنذار المبكر في تلك البلدان؛ لتفادي وقوع خسائر بشرية وتقليل التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة.
الاستثمار في إجراءات 'صحة واحدة' من أجل صحة أفضل للناس والكوكب
تدعو منظمة الصحة العالمية قادة العالم إلى زيادة الالتزام السياسي والعمل على الاستثمار في نهج 'الصحة الواحدة' لمنع ومعالجة التهديدات المشتركة التي تؤثر على صحة ورفاهية البشر والحيوانات والنباتات والبيئة معًا.
واليوم الموافق 3 نوفمبر 2023، تنضم منظمة الصحة العالمية إلى المنظمات المجتمعية التي تحتفل بالحملة السنوية الثامنة 'يوم الصحة الواحدة' -حملة دولية تنسقها المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني- بهدف جذب الاهتمام العالمي وزيادة الوعي العام وتعبئة العمل إلى أهمية نهج الصحة الواحدة.
يعتمد نهج "صحة واحدة" على فهم كيفية تأثير الإجراءات والسياسات البشرية على صحة الحيوان والبيئة. ويوفر يوم الصحة الواحد للجميع فرصة لتثقيف أنفسهم بشأن الروابط بين صحة الإنسان والحيوان والنبات والبيئة.
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA= جزيرة ام اند امز