مبادرة أممية جديدة لحل أزمة ليبيا.. 3 مسارات أبرزها الانتخابات
بعد نحو عام على إطلاق الأمم المتحدة لمبادرة لحل الأزمة الليبية، ظهرت مبادرة جديدة تسعى لإنهاء الأزمة عن طريق الانتخابات.
المبادرة الأممية الجديدة أعلنها الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عبد الله باتيلي، الإثنين، خلال إحاطة قدمها أمام مجلس الامن الدولي.
وقال باتيلي لمجلس الأمن، إنه:" أمد العملية السياسية الليبية (المبادرة القديمة) طال أكثر من اللازم، ولم تعد هذه العملية تلبي تطلعات الليبيين الساعين إلى انتخاب من يقودهم، وبث الروح في مؤسساتهم السياسية، مشيرا إلى أن "صبر الشعب قد نفد، وباتوا اليوم يشككون في إرادة ورغبة الفاعلين السياسيين في إجراء انتخابات شاملة وشفافة في 2023 ".
وشملت مشاورات باتيلي في ليبيا كافة الشخصيات السياسة والأمنية الرئيسة، وممثلي المجتمع المدني بمن فيهم النساء والشباب والمكونات الثقافية وزعماء القبائل، وكذلك كبار المسؤولين الحكوميين وأعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة".
وأكد باتيلي أن "النخبة السياسية في ليبيا تعيش أزمة شرعية حقيقية، ولا يسع المرء إلا القول بأن أغلب المؤسسات الليبية فقدت شرعيتها منذ أعوام"، مؤكدا أنه لا بد أن يتصدر حل أزمة الشرعية أولويات الفاعلين السياسيين الراغبين في تغيير الوضع القائم ".
وتشهد ليبيا أزمة سياسية خانقة تتمثل في صراع بين حكومتين الأولى كلفها مجلس النواب مطلع العام الماضي برئاسة فتحي باشاغا، والثانية حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية والتي يصر رئيسها عبد الحميد الدبيبة على عدم تسليم السلطة إلا لحكومة تكلف من قبل برلمان جديد منتخب.
ولحل تلك الأزمة أطلقت الأمم المتحدة قبل نحو عام مبادرة تقضي بتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب وما يعرف بـ"مجلس الدولة" للتوافق حول قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات في أقرب وقت ممكن، إلا أن ذلك التوافق لم يحصل بعد إصرار مجلس الدولة على إقرار "قاعدة دستورية" مفصلة لإقصاء خصوم تنظيم الاخوان الذي يشكل أعضائه الأكثرية في مجلس الدولة.
وبالموازاة مع ما سبق وفق إحاطة باتيلي لمجلس الأمن الدولي"يتطلب تنفيذ الانتخابات الرئاسية والتشريعية توافقاً وطنياً واسعاً ينطوي على التأييد والمشاركة الفاعلين لطيف أوسع من الأطراف المعنية بما في ذلك المؤسسات الوطنية والشخصيات السياسية والأطراف الأمنية وزعماء القبائل وغيرهم من الفاعلين".
المبادرة الجديدة
وبحسب باتيلي، فإنه "استنادا إلى المادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي لعام 2015 وبناء على الاتفاقات التي توصل إليها الأطراف في السابق، قررت إطلاق مبادرة تهدف إلى التمكين من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال عام 2023".
وأضاف أنه يعتزم "إنشاء لجنة توجيه رفيعة المستوى في ليبيا ".
وأكد أن "الآلية المقترحة ستعمل على الجمع بين مختلف الأطراف الليبية المعنية بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية وأبرز الشخصيات السياسية وزعماء القبائل ومنظمات المجتمع المدني والأطراف الأمنية الفاعلة وممثلين عن النساء والشباب".
وبالإضافة إلى "تيسير اعتماد إطار قانوني وجدول زمني ملزم لإجراء الانتخابات في 2023 فإن اللجنة المقترحة سوف تمنح منصة للدفع قدما بالتوافق حول الأمور ذات الصلة مثل تأمين الانتخابات واعتماد ميثاق شرف لجميع المرشحين"، وفق إحاطة المبعوث الاممي.
المسار العسكري
وتطرق المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي، للمسار العسكري الليبي الهادف لحل الأزمة، قائلا إن" اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) تواصل تحقيق تقدما في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار".
وأضاف "يسعدني الإفادة بأن وقف إطلاق النار مستمر ولم يتم تسجيل أية خروقات منذ إحاطتي الأخيرة، ومع ذلك لا يزال الوضع الأمني هشا ".
وتابع في سرد آخر نجاحات المسار العسكري قائلا :"في 15 و16 يناير/ كانون الثاني، ترأست واللجنة العسكرية المشتركة (5+5) اجتماعاً لمدة يومين في سرت مع مراقبي وقف إطلاق النار الليبيين والتابعين لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا".
وقال إن "اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) صادقت على الشروط المرجعية لعمل اللجنة الفرعية الفنية المشتركة التابعة لها والمعنية بنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج والتي ستعهد إليها مهمة تصنيف المجموعات المسلحة بحسب البند الرابع من اتفاق وقف إطلاق النار ".
المسار الاقتصادي متعثر
وفيما يخص المسار الاقتصادي، قال باتيلي "تظل إدارة موارد البلاد مصدر قلق كبير لجميع الليبيين، لذا من الضروري أن تتم وبشكل كامل معالجة استخدام موارد ليبيا ولا سيما تحديد أولويات النفقات ومعالجة الضعف المزمن في الخدمات الأساسية وغياب المساءلة فضلا عن مطالب التوزيع العادل للموارد ".
وأكد على الأهمية البالغة والحاجة الملحة لوضع آلية يتملك زمامها الشعب الليبي، وتجمع الأطراف المعنية من جميع أنحاء البلاد للاتفاق على أولويات الإنفاق وضمان إدارة عائدات النفط والغاز بطريقة شفافة وعادلة بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2656 ".
وبغية تحقيق تقدم مستدام يجب وفق باتيلي، أن "يظل النهوض بالمسار الاقتصادي جزءاً لا يتجزأ من الحوار السياسي مع الأطراف الرئيسية الليبية والشعب الليبي".
وفي ختام إحاطته لمجلس الأمن، قال باتيلي " من واجبنا مساعدة الليبيين على تحقيق تطلعاتهم إلى بلد مستقر تقوده سلطات تكرس جهودها لرفاه مواطنيها، لذلك فإن إجراء انتخابات وطنية شاملة وشفافة خلال هذا العام يعتبر خطوة حاسمة في هذا الاتجاه".