مسلسل تحت الوصاية.. قوة تغيير ناعمة لأوضاع "مختلة" (خاص)
ينقسم صنّاع الفن إلى فريقين، الأول يرى أن الفن متعة وتسلية، والثاني يعتبره قوة ناعمة يجب أن تحمل رسائل تخاطب الوعي وتسعى للتغيير.
وإلى الفريق الثاني، ينتمي صناع المسلسل الرمضاني "تحت الوصاية"، للنجمة المصرية منى زكي والمخرج محمد شاكر خضير، حيث يسلط المسلسل الضوء على قضية تتعلق بحقوق المرأة المصرية وحرمانها من الوصاية على أولادها بعد وفاة الزوج.
القصة التي ألفها خالد وشيرين دياب تستهدف إلقاء حجر في مياه القوانين الراكدة عبر تناول المعاناة التي تعيشها المرأة إزاء حرمانها مع الوصاية على أطفالها بعد وفاة الزوج.
وعن أثر الفن على تعديل القوانين والتشريعات، تحدث الناقد الفني أحمد سعد الدين لـ"العين الإخبارية" قائلاً: "أعتقد أن مسلسل (تحت الوصاية) هو العمل الدرامي الأهم الذي عرض في 2023، حيث يتناول موضوعات مهمة مثل الوصاية والحسبة بعد وفاة الأب وحقوق المرأة، والهدف منه هو جذب انتباه المسؤولين لتغيير القوانين المتعلقة بالوصاية بعد وفاة الزوج، وتحقيق حقوق المرأة في هذا الصدد".
وأضاف أحمد سعد الدين: "بجانب المواضيع المهمة التي يتطرق إليها المسلسل، يضم أيضًا قصة مؤثرة لامرأة فقدت زوجها وتعرضت لصعوبات كثيرة، ولكنها تغلبت عليها ودخلت عالم الصيد وأثبتت وجودها، وأرى أن المسلسل رائع لأنه يجمع بين المقاييس الفنية والرسالة الإنسانية".
وختم أحمد سعد الدين حديثه بالقول: "المبدع الحقيقي هو الذي يتناول القضايا الحقيقية في أعماله الفنية، فالفن هو وسيلة لرصد الظواهر وتسليط الضوء عليها، وعلى الرغم من أن الفن لا يقدم حلولًا محددة، إلا أن أعمالا فنية مثل (كلمة شرف) و(أريد حلاً) و(آسفة أرفض الطلاق) أوضحت الأوضاع الخاطئة ودفعت المسؤولين لتغييرها، وهذا ما يجعل دور الفن في كشف الأخطاء مهمًا".
وتحدث الناقد الفني نادر ناشد لـ"العين الإخبارية" معتبرًا أن العديد من الأعمال الفنية ساهمت في تعديل القوانين أو تحسين بعضها، مثل فيلم "أريد حلاً" للكاتبة الراحلة حسن شاه وبطولة فاتن حمامة، وقد ساعد الفيلم في تعديل قانون الأحوال الشخصية، وكان الأساس لقانون الخلع الذي أنقذ آلاف النساء اللاتي عانين لسنوات طويلة في المحاكم دون جدوى.
وكذلك فيلم "جعلوني مجرماً" للفنان فريد شوقي ساعد في تعديل قانون مهم وكان السبب في إلغاء السابقة الأولى من الصحيفة الجنائية، حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة. وبالإضافة إلى هذين الفيلمين، هناك العديد من الإبداعات الفنية التي لعبت دورًا كبيرًا في تعديل القوانين، حتى ولو بعد سنوات طويلة.
ومن الأعمال الفنية الأخرى التي ساهمت في تغيير بعض القوانين، فيلم "ولاد الشوارع" إنتاج عام 1951، من تأليف وبطولة وإخراج يوسف وهبي، والذي سبق عصره في فتح ملف الأطفال المشردين في الشوارع المصرية، وكان له أثر واضح في تغيير بعض القوانين، وشجع على إنشاء الجمعيات الخيرية لرعاية الأطفال الذين تواجههم ظروف قاسية وقد تدفعهم لارتكاب جرائم خطيرة.
وقال المنتج والناقد الفني حسين نوح لـ"العين الإخبارية": أشعر بالفخر لوجود أعمال فنية مهمة مثل "تحت الوصاية"، فهو عمل يعبّر عن الوجدان ويقترب من الفكرة الإنسانية، حيث يستعرض العلاقة بين الأم وأطفالها، وقضية الوصاية، وبالرغم من تعدد التفاصيل وتشابكها، فلا يمكن أن يشعر المشاهد بالملل، بالإضافة إلى الأداء الرائع لنجوم المسلسل، بدءًا من منى زكي التي تتوحد مع شخصية حنان، ورشدي الشامي الذي يقدم دوراً استثنائياً، ولا يمكن نسيان المخرج محمد شاكر خضير وخالد وشيرين دياب في كتابة نصٍ غنيٍ بالمشاعر الإنسانية والذي يحمل هدفًا واضحًا.
وختم حديثه مع "العين الإخبارية" قائلاً: "أنا متفائل بأن مسلسل (تحت الوصاية) سيكون له صدى كبير، وأن الجهات المسؤولة ستعيد النظر في قانون الوصاية، وعندما نتأمل الماضي نجد أن هناك أعمالاً كثيرة ناقشت قضايا مهمة وبعد عرضها تم تغيير قوانين مهمة مثل فيلم (أريد حلاً) و(كلمة شرف)".