قلب إيران النابض يتوقف.. قلق وغضب في بازار طهران الكبير
سوء الإدارة الاقتصادية لحكومة الرئيس الإيراني روحاني، والأوضاع المتردية التي طالت البلاد، جعلا بازار طهران الكبير قبلة للإضرابات.
لمدة عقود، كان بازار طهران الكبير هو القلب النابض لحياتها الاقتصادية والسياسية، والوجهة الرئيسية للمتسوقين للاستمتاع بأزقته الضيقة والأكشاك الصغيرة، وحتى الموسيقيين المتجولين، لكن سوء الإدارة الاقتصادية لحكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني والأوضاع المتردية التي طالت البلاد، جعلاه قبلة للإضرابات والتظاهرات.
عمال المتاجر الموجودة في البازار، وحتى الإيرانيين أنفسهم، يتوقون للخروج من البلاد والذهاب إلى أوروبا بحثًا عن حياة أفضل، ورغم أن البعض لديه الإمكانيات المالية التي تمنكه من تحقيق حلمه، يعيش آخرون فقط مع شعور الرغبة في الذهاب إلى هناك بسبب أوضاعه المادية السيئة.
- ابنة رفسنجاني: نظام ولاية الفقيه ديكتاتوري فاشل شوّه صورة الإسلام
- واشنطن: لن نسمح لإيران باختطاف مصير الشعب السوري
الخوف من تردي الأوضاع الاقتصادية دفع الكثيرين للذهاب إلى البازار الكبير لشراء ما يمكنهم شراؤه قبل انخفاض قيمة مدخراتهم لأكثر من وضعها الحالي.
أوميد فرهدي (25 عاما)، بائع بمتجر أدوات منزلية "زمرد"، يقول: "الناس يشترون أكثر لأنهم يعتقدون أنهم لن يكونوا قادرين على شراء الأغراض بالأسعار الحالية. إنهم قلقون حيال تقلبات الأسعار".
ويضيف: "لا يوجد استقرار في الأسعار في هذا البلد. تذهب إلى فراشك مساءً وبين ليلة وضحاها يصبح سعر السيارة، التي كانت قيمتها 100 مليون ريال، الآن 140 مليونًا".
بينما يلقي المتسوقون نظرة على الأواني التي يبيعها، يأمل فرهدي في الهجرة قريبا إلى هولندا، ويقول إن الشباب الإيراني الذين يتمتعون بالإمكانيات المالية يريدون أيضا مغادرة البلاد، بينما أولئك بدون إمكانيات مادية يكتفون فقط بشعور التواق للعيش هناك.
من وجهة نظر فرهدي، فإن العلاقات الضعيفة لإيران مع باقي دول العالم هي السبب وراء الاقتصاد المتعثر.
زملاء فرهدي في المتجر أوضحوا لصحفيي وكالة "أسوشيتد برس" أن المشكلة الرئيسية لإيران تكمن في إدارة روحاني، إدارة الحكومة للاقتصاد الإيراني ومعدلات البطالة العالية والتضخم المتنامي والمصارف المحملة بالديون، وأيضًا الانتقادات واسعة النطاق.
كيانا إسماعيلي (26 عاما)، تتسوق من أجل زواجها، تقول: "الوضع أصبح صعبا، لكننا نحتاج خفض توقعاتنا".
والدة كيانا إسماعيلي تتسوق من أجل زفاف ابنتها، طلبت أيضا التحدث مع الصحفيين، تحدثت بحرص حيال العقوبات والضغط الدولي اللذيْن تواجههما طهران، لكن الرجال الذين كانوا ينصتون لها بدأوا في الاعتراض والصياح ضد تعليقاتها، وألقى أحد الرجال، طلب إخفاء هويته خوفا من الانتقام منه، باللوم على المسؤولين عن البلاد في الوضع الذي وصلت إليه.
ويقول: "بالنسبة لشخص مثلي، شاب، إن كنت جائعا وليس لدي وظيفة سأصبح لصًّا. سأتحول أصبح مصاص دماء".
أما مهدي رشيد محمد زاده، صاحب متجر مجوهرات في البازار، وقد شهد متجره توافد كثير من الزبائن الراغبين في شراء الذهب مع انهيار قيمة الريال، فكانت له وجهة نظر مختفلة، حيث يرى أن المحن الاقتصادية سببها التدخل الإيراني باهظ الثمن في سوريا.
ويقول: "هذه أموال الناس. لم نفعل أي شيء خاطئ لنستحق هذا، لكنهم يرسلون جميع أموالنا إلى سوريا".
في يونيو/حزيران الماضي، احتشد المتظاهرون في بازار طهران الكبير وأجبروا أصحاب المتاجر على إغلاق متاجرهم، تعبيرًا عن الغضب من تراجع قيمة الريال إلى 90 ألفًا مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء.
في الوقت الحالي، انخفضت قيمة الريال الإيراني ليسجل 150 ألفا ريال مقابل الدولار الأمريكي، فيما يتوقع كثيرون انخفاضًا آخر مع عودة فرض العقوبات الأمريكية على صناعة النفط المهمة لإيران في بداية نوفمبر/تشرين الثاني.
الوضع الحالي الذي يجتاح البازار يوضح المخاطر التي تنتظر حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي أصبح توقيعه على الاتفاق النووي مع دول العالم الآن بمثابة حبل المشنقة حول رقبته الذي يضيقه عليه المتشددون.