اتحاد الشغل.. "حصن تونس" بنفَس جديد
دور سياسي فاعل يلعبه الاتحاد العام التونسي للشغل؛ المركزية العمالية التي تعود بنفس جديد لتساهم في عبور تونس نحو شاطئ الأمان.
منظمة نقابية تأسست في عام 1946 وكان لها على مر تاريخ تونس الحديث دور سياسي فاعل من خلال تقريب وجهات النظر بين جميع الأطياف وتجاوز الأزمات.
كما لعب الاتحاد دورا هاما عقب احتجاجات 2011 ما جعله يتوج في عام 2015 بجائزة نوبل للسلام لدوره الهام في إنجاح الحوار الوطني في 2013، وكان أيضا من بين الذين رحبوا بقرارات الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/ تموز الماضي، بتجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي.
واقترح الاتحاد مبادرة للحوار الوطني إلا أنها لم تجد أي صدى من قبل سعيد، فكان أن دخلت المنظمة النقابية والرئاسة في حرب كلامية.
لكن بعد انتخاب المكتب التنفيذي الجديد للاتحاد والذي فاز فيه أمينه العام نور الدين الطبوبي بفترة ثانية، أرسل الأخير إشارات واضحة على تغير موقفه سياسيا باتجاه الاقتراب أكثر من الرئيس سعيا نحو التهدئة وإظهار دعمه لمسار الإصلاحات الاقتصادية.
من جانبه، هنّأ سعيد الطبوبي بإعادة انتخابه على رأس المنظمة الشغيلة وفوز قائمته بكامل مقاعد المكتب التنفيذي، معتبرا أن "الاتحاد كان دوما قلعة نضال ودفاع عن الوطن، وسيظل شريكا وطنيا فاعلا وفي مقدمة القوى الوطنية التي ستساهم في مواجهة التحديات المتنوعة التي تمر بها البلاد بهذه المرحلة الدقيقة من تاريخها".
استئناف الحوار
في وقت سابق الخميس، دعا المكتب التنفيذي الوطني الجديد للاتحاد العام التونسي للشّغل، في أول اجتماع له، الحكومة إلى استئناف الحوار الاجتماعي والانكباب الفوري على إيجاد الحلول للملفّات الكبرى بصفة تشاركية، لإخراج البلاد من الأزمة سياسيّا واقتصاديا واجتماعيا.
وفي تصريحات أدلى بها قبل أيام، شدد الطبوبي على أن تونس في حاجة إلى تضامن وطني حقيقي، معتبرا أن البرلمان أصبح من الماضي، كما دعا القوى السياسية التي تصف إجراءات 25 يوليو بـ"الانقلاب" إلى مراجعة مواقفها والتنازل من أجل مصلحة البلاد.
ويرى متابعون للشأن السياسي التونسي أن الطبوبي سيكون بإمكانه، بعد إعادة انتخابه، التحرك بشرعية أقوى وبثقة أكبر لتحديد شكل العلاقات سواء مع الرئيس قيس سعيد أو مع المعارضة السياسية.
وقال عبد المجيد العدواني، الناشط والمحلل السياسي، إن الطبوبي كان يعيش ضغوطا في الفترة الماضية بسبب المؤتمر الانتخابي الذي انتظم منذ أيام وفاز خلاله بدورة جديدة، ما جعله يطلق خطابا تصعيديا حادا مع الرئيس قيس سعيد.
وأضاف العدواني، في حديث لـ"العين الإخبارية": "لكن بعد اللقاء الذي جمعه الثلاثاء مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، أكد فيه أنه يريد أن يكون حلقة الوصل والحوار بين الأطياف السياسية الأخرى".
وتابع أن الطبوبي يساند قرارات سعيد وهما على نفس الخط من أجل تطهير البلاد من الفساد وبراثن الإخوان المتغلغلة داخل هياكل ومؤسسات الدولة.
وأكد الخبير أنه قبل المؤتمر الانتخابي للاتحاد، كان الطبوبي يعقد تحالفات مكنته من الفوز خاصة أن عددا من النقابيين داخل المنظمة كانوا يشكلون معارضة له ويحاولون إحراجه أمام منظوريه، ما يعني أنه كان يعيش ضغوطا كبيرة.
والسبت الماضي، فازت قائمة الطبوبي بأغلب الأصوات بعد حصوله على 517 صوتا من أصل 620، ليكون أمينا عاما للاتحاد لفترة ثانية عقب انتخابه أول مرة عام 2017.