دولة الإمارات باعتبارها الدولة التي تستضيف أكثر من 200 جنسية مختلفة تؤمن بمعتقدات متعددة والدولة التي يتجاور فيها المسجد والكنيسة
يمكننا إدراج قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، يحفظه الله، بتخصيص العام القادم ليكون "عام التسامح" ضمن القرارات المهمة والاستراتيجية لدولة الإمارات، والتي تعكس إدراك قيادتنا حجم المسؤولية الإنسانية كافة التي تتحملها، وتعكس ما تمثله الإمارات من تأثير في صناعة القرار العربي والإسلامي.
وبالتالي يمكننا وصف القرار بأنه تاريخي بكل المقاييس لأنه سوف يشهد حملة من المشاريع والمبادرات التي تخاطب العالم، والتي من شأنها أن تقلل من حجم الاصطدام بين الإنسان بسبب العقيدة أو المذهب أو أي اختلاف آخر.
بلا شك أن هذا الإعلان عن عام التسامح سيكون مصدر ارتياح بالنسبة للرأي العام العالمي والعربي، أيضاً من باب ثقتهم بأن دولة الإمارات لديها القدرة على التأثير في بعض التوجهات السياسية المهددة لاستقرار العالم من منطلق ما تملكه من رؤية إنسانية تبدأ من داخلها ويمكن محاكاتها.
التسامح بين البشر يمثل أحد المتطلبات المهمة والرئيسية في هذه اللحظة من التاريخ الإنساني؛ من أجل الحفاظ على ثقافة التعايش بين مختلف الأديان والطوائف والأعراق، بعدما عانت البشرية خلال العقدين الماضيين الكثير من السلبيات نتيجة لحالة التصادم الحضاري، فالخطوة الإماراتية الجديدة تبعث على الأمل والتفاؤل بإمكانية نجاح العالم في السيطرة على حالة الفوضى لأنها تسعى إلى التركيز على تقليل الاختلافات المؤدية إلى الاصطدام الحضاري؛ وبالتالي تشجيع الدول الأخرى على اتخاذ قرارات لمواجهة الأفكار المؤدية للتطرف والعنف.
دولة الإمارات باعتبارها الدولة التي تستضيف أكثر من 200 جنسية مختلفة تؤمن بمعتقدات متعددة، والدولة التي يتجاور فيها المسجد والكنيسة، والدولة التي استطاعت أن تجمع في "حلف الفضول" بين الأديان السماوية كلها، يعني قرارها أن العالم العربي والإسلامي يحتاج إلى قرار جريء لمواجهة بيئة ثقافية وسياسية اعتادت على تصدير التطرف، من خلال زرع قيمة التسامح والاعتدال والوسطية، خاصة أن الطرف المقابل لنا بدأ يختار الأحزاب اليمينية المتطرفة أو أنه يميل إلى الخطاب العنصري والتطرف باعتباره نتيجة ضد ما يفعله أهل الشرق الذي يتبنى بعض أفراده للأسف ثقافة إقصاء الآخر المختلف معه أياً كان، وهو ما يعني أن العالم كله بات يحتاج إلى التسامح العام للانتصار ضد العنف الكامل.
تخصيص عام كامل للتسامح مع التركيز على المحاور الخمسة الرئيسية التي تعمل على مأسسة هذه القيمة أمر مهم، خاصة بعدما نفذت الدولة مجموعة من المبادرات العالمية، سواء دينياً مثل السماح بممارسة الطقوس الدينية لغير المسلمين، أو ثقافياً بافتتاح متاحف عالمية بعضها كانت غير مقبولة في منطقتنا، كما أن التشارك مع بقية شعوب العالم في القيم الإنسانية وممارسة بعض القيم "الجمعية" بات أمرا ضروريا في ظل العولمة والتداخل البشري، وربما المرور أمام ديوان ولي عهد أبوظبي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في منطقة البطين دلالة على رسالة الإمارات إلى العالم؛ من خلال اللوحة الفنية التي تحمل صورا تشكل كلمة "التسامح" باللغة الإنجليزية، وبالتالي فالعام المقبل هو الإعلان بأن تكون الإمارات عاصمة التسامح في العالم.
بلا شك أن هذا الإعلان عن عام التسامح سيكون مصدر ارتياح بالنسبة للرأي العام العالمي والعربي أيضاً من باب ثقتهم بأن دولة الإمارات لديها القدرة على التأثير في بعض التوجهات السياسية المهددة لاستقرار العالم؛ من منطلق ما تملكه من رؤية إنسانية تبدأ من داخلها ويمكن محاكاتها، ولدينا سوابق إيجابية كثيرة أصبحت اليوم أيقونات مثل التعايش بين الناس في الإمارات مع أنهم قد تجدهم في بلدانهم الأصلية يقتل "الكل الكل"، فقط لأنه يختلف معه طائفياً وليس دينياً، فالاستراتيجية الإماراتية للعام القادم أبسط أهدافها قطع الطريق على محاولات بث اليأس في نفوس الناس بالعالم، وكذلك تحدي المحاولات الرامية إلى إشاعة التخريب.
إذا ألقينا نظرة شاملة إلى ما يشهده العالم من انتشار "روح الانتقام" الديني والسياسي والعرقي بدأت ما قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر وفق النظريات السياسية أهمها صدام الحضارات التي وضعها صمويل هنتجنتون، وكان أكبر سلبياتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، فإننا بالتالي ندرك وبسهولة الحاجة إلى من يحمل رسالة التسامح إلى العالمية باعتباره تجسيرا للفجوة في القيم الإنسانية، خاصة إذا كانت حامل هذه الرسالة دولة عربية وإسلامية.
دولة الإمارات تسعى دائماً لأن تقدم للحضارة الإنسانية الأسباب التي تدعو إلى التعايش والتسامح باعتبارها مسارات ودروبا نحو إعلاء قيمة الإنسان الذي يعمر الأرض.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة