تميزت اجتماعات تحالف الأمم المتحدة للحضارات الأسبوع المنصرم، في نيويورك بأهميتها الإنسانية.
تميزت اجتماعات تحالف الأمم المتحدة للحضارات الأسبوع المنصرم، بحضور الدكتور سلطان الرميثي أمين عام مجلس حكماء المسلمين، وكبار مسؤولي المنظمة الدولية في نيويورك بأهميتها الإنسانية في بحث العديد من القضايا الشائكة والمثارة عالمياً، وأبرزها مكافحة خطاب الكراهية في جميع وسائل الإعلام وتأمين سلامة المواقع والأماكن الدينية، في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة الإرهاب على دور العبادة في بقاع شتى من العالم.
إن مشاركة دولة الإمارات على الدوام فيما يماثل تلك الاجتماعات تظهر فيها دورها الخلاق من خلال إصدارها للعديد من القوانين والمبادرات الدولية لحماية دور العبادة وتحريم الكراهية ومواجهة إثارة العصبيات ورفض التمييز القائم على أساس اختلاف الأديان والمذاهب والأعراق
ودولة الإمارات التي كان لها الدور المميز في هذا المجال تدرك بحكمتها الصائبة وعقليتها المعهودة أن التنازع في الدين يورث البغضاء، ويحدث شراً في المجتمعات، ويدمر جوهر الأديان، ويصعّد من الفتن والمشاحنات حيث ظهرت في مطلع الألفية الثالثة صراعات بين جماعات إسلامية متطرفة غايتها خلق ذرائع لإثارة العصبيات بين أطياف المجتمعات البشرية، فالبعد عن التعصب ضرورة في وقت ازدادت فيه السجالات الطاحنة التي ليست من صلب الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى التآزر والتسامح والأخلاق والتصالح.
وكان لهذه الكلمات بمثابة الصرح الداعم الثابت والرأي الراجح، وتلقّى هذه التوجهات الإنسانية والإيمانية علماء أجلاء، وعمل بها أصحاب القلوب المخلصة والعقول الراجحة بعيداً عن الخلافات الدينية، لأن التعصب الأعمى لرأي معين أو لمذهب ديني أو لمقولات خاصة ناتجة عن عدم وعي أو اكتراث في التوجهات الإلهية ينتج عنها مخاطر جسيمة، فالأخذ بجوهر الشريعة السمحة اتقاءً لأية فتنة تسبب تعصباً أعمى تجرح بدورها القلوب وتمزق النفوس وتفرق الديانات السماوية.
فإذا حدثت تنازعات وجب الرجوع إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا" [النساء: 59] فلا يجوز الخلاف خاصة في الأمور التي لا تتحمل الخلاف. أما في الفروع فيجوز الاجتهاد فيها لمن هم أهل الاجتهاد والرأي العلمي الصحيح، وفي التشريع وما يتعلق بالأمور الدنيوية من أمور سياسية وحرية وقضائية واجتماعية فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يأخذ برأي من يشيرون عليه.
إن مشاركة دولة الإمارات على الدوام فيما يماثل تلك الاجتماعات تظهر فيها دورها الخلاق من خلال إصدارها للعديد من القوانين والمبادرات الدولية لحماية دور العبادة وتحريم الكراهية ومواجهة إثارة العصبيات ورفض التمييز القائم على أساس اختلاف الأديان والمذاهب والأعراق، وتشيد دور العبادة لمختلف الديانات، وهي سباقة في اهتمامها بمواطنيها والوافدين إليها والقائمين فيها من ذوي الجنسيات والأعراق الكثيرة. وقد ركزت الهيئات القيادية والاجتماعية داخل دولة الإمارات على تعزيز الوعي المجتمعي وإرساء قيم المسامحة وإزالة الضغائن والأحقاد وتأمين حياة آمنة ومعيشة رغيدة والانطلاق إلى آفاق واسعة في مجالات البناء والتنمية والعلوم الإنسانية والإبداع واحترام الأديان.
وفي ظل الإسلام عاشت اليهودية والمسيحية متمتعين بالحرية الكاملة في عقيدتهما وعبادتهما ولهما ذمة المسلمين، ولم يسجل التاريخ أروع من عدْل الإسلام وأتباعه في معاملة المسلمين لأهل ذمتهم وتعاونهم مع غيرهم من الأمم، ولا ننسى ذلك الموقف الرائع الذي وقفه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عندما جاء إلى قائد التتار يطلب منه إطلاق سراح الأسرى فأجابه الأمير التتاري إلى إطلاق سراح أسرى المسلمين دون المسيحيين واليهود، فأبى شيخ الإسلام، وقال لا بد من إطلاق سراحهم فهم أهل ذمتنا لهم ذمة الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فأجابه الأمير التتاري لطلبه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة