الولايات المتحدة تتصدر دول العالم في كوارث الطقس.. لهذه الأسباب

تتصدر الولايات المتحدة قائمة أكثر الدول التي تعاني من كوراث الطقس للعديد من الأسباب، بعضها يتعلق بالجغرافيا والآخر بسلوك المهاجرين.

وقال العديد من الخبراء إن الولايات المتحدة تتأثر بالطقس القاسي الأقوى والأكثر تكلفة وتنوعا وتكرارا من أي مكان على هذا الكوكب، وترجم هذا في حجم الوفيات بسبب أحداث مناخية منفصلة وأيضا التكلفة الإجمالية للوقائع.

• ارتفاع مستوى سطح البحر.. مفاجأة عن أبرز سلبيات تغير المناخ (حوار)

ورأى الخبراء أن بالفعل الطبيعة تعاملت مع الولايات المتحدة بطريقة سيئة، لكن الناس جعلوها أسوأ بكثير بسبب ماذا وأين وكيف نبني، ما يعني أن هناك أسباب أخرى بجانب جغرافيا الدولة.

ضحايا وتكلفة الطقس المتطرف في الولايات المتحدة

أعلنت المراكز الوطنية للمعلومات البيئية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي NOAA أن التكلفة النهائية لكوارث الطقس في عام 2022 تخطت مليار دولار، مع وقوع 474 حالة وفاة مباشرة أو غير مباشرة.

وقالت الهيئة الأمريكية، في التحديث النهائي لتقرير الكوارث 2022، إن هذه الوفيات هي ثامن أكثر الوفيات المرتبطة بكوارث الطقس في الولايات المتحدة منذ عام 1980.

ووفقا لموقع climate.gov، فإن الولايات المتحدة شهدت في عام 2022 نحو 18 كارثة منفصلة للطقس لتحل ثالثا بعد 22 حدثًا في عام 2020 و20 حدثًا في عام 2021.

وبلغ إجمالي الأضرار الناجمة عن كوارث عام 2022 نحو 165.1 مليار دولار، وكانت الأحداث الأكثر تكلفة هي إعصار إيان (112.9 مليار دولار) والجفاف الغربي والوسطى/ موجة الحرارة (22.1 مليار دولار).

أسباب تصدر الولايات المتحدة قائمة كوارث الطقس

تعاني الولايات المتحدة من طقس قاس للغاية بسبب جغرافيتها، إذ يتحد محيطان مع خليج المكسيك وجبال روكي وشبه جزيرة بارزة مثل فلوريدا وواجهات العواصف المتضاربة والتيار النفاث معًا لتكوين أسوأ الأحوال الجوية بشكل طبيعي.

ونقلت "أسوشيتيد برس" عن خبراء قولهم إنه رغم تعامل الطبيعة بطريقة سيئة مع الولايات المتحدة فإن الناس جعلوها أسوأ بكثير بسبب سلوكياتهم.

وعلق ريك سبينراد، رئيس الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي: "من المتوقع حدوث المزيد من الأحداث المتطرفة: تورنادو، أعاصير، سيول، جفاف، حرائق غابات، عواصف ثلجية ودوامات قطبية وغيرها".

وعدد خبراء أمريكيون أسباب ما تشهده الولايات المتحدة كالتالي:

1- جغرافيا الولايات المتحدة

علقت كاثي ديلو، عالمة المناخ بولاية نورث كارولينا، أن الأمر يبدأ بـ"أين نحن على الكرة الأرضية"، في إشارة إلى طبيعة التكوين الجغرافي للدولة.

وشرحت سوزان كتر، مديرة معهد الثغرات الأمنية والمرونة في جامعة ساوث كارولينا: "قد يكون لدى الصين عدد أكبر من الناس ومساحة كبيرة من الأرض مثل الولايات المتحدة، لكن ليس لديهم نفس النوع من صدام الكتل الهوائية كما هو الحال في أمريكا والذي ينتج عنه الكثير من الطقس القاسي".

وتعمق فيكتور جينسيني، أستاذ الأرصاد الجوية بجامعة شمال إلينوي، في الشرح قائلا: الولايات المتحدة هي إلى حد بعيد ملك الأعاصير والعواصف الشديدة والأمر يتعلق بسببين، الأول: هو خليج المكسيك، والثاني هو التضاريس المرتفعة إلى الغرب.

ونقل موقع abcnews عن جينسيني كيف يحدث الطقس المميت: "يرتفع الهواء الجاف القادم من الغرب فوق جبال روكي ويتحطم في الهواء الدافئ الرطب القادم من خليج المكسيك، ويتجمع كل ذلك معًا على طول موجة عاصفة طائرة نفاثة".

مع برودة الهواء في القطب الشمالي والهواء الأكثر دفئًا في المناطق المدارية، فإن المنطقة الواقعة بينهما (خطوط العرض الوسطى)، حيث توجد الولايات المتحدة، تحصل على الطقس الأكثر إثارة للاهتمام بسبب كيفية عمل الهواء في درجات حرارة متضاربة.

وعلق أستاذ الأرصاد الجوية في شمال إلينوي ووكر أشلي: "إن التدرج في درجات الحرارة يقود التيار النفاث"، ثم أضف السلاسل الجبلية التي تتجه من الشمال إلى الجنوب، متدفقة في الرياح المتدفقة من الغرب إلى الشرق، وتحتها كل خليج المكسيك الممتلئ بالدفء.

يقول جينسيني إن الخليج يضخ الهواء الساخن الرطب تحت الهواء الجاف الأكثر برودة الذي ترفعه الجبال، مضيفا: "وهذا لا يحدث حقًا في أي مكان آخر في العالم".

بينما رأى أستاذ الأرصاد الجوية بجامعة جورجيا مارشال شيبرد، الرئيس السابق لجمعية الأرصاد الجوية الأمريكية، أنه إذا كانت الولايات المتحدة ككل تعاني من السوء فإن الجنوب يعاني من الأسوأ.

وقال شيبرد: "في الجنوب يمكننا حرفياً أن نختبر كل نوع من أحداث الطقس القاسية، بما في ذلك العواصف الثلجية وحرائق الغابات والأعاصير والفيضانات، ولا يوجد مكان آخر في الولايات المتحدة يحدث فيه كل ذلك".

2- معايير البناء في الولايات المتحدة

بينما تلعب الجغرافيا دورًا أساسيًا في أنظمة الطقس الكارثية في الولايات المتحدة، يقول الخبراء إن الناس يزيدون الأمر سوءًا من خلال بناء البنية التحتية والمساكن في المناطق الخطرة والمساهمة في ارتفاع درجة حرارة المناخ، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الطقس القاسي وفقا لموقع insider.

وسلطت سوزان كتر الضوء على الأماكن التي تبنى فيها المدن بالولايات المتحدة، قائلة: "انظر فقط إلى المكان الذي تظهر فيه المدن في أمريكا وبقية العالم: بالقرب من المياه أو المناطق التي تغمرها المياه، كما ينتقل المزيد من الناس إلى مناطق مثل الجنوب حيث توجد المزيد من المخاطر".

وقالت كتر: "إحدى الطرق التي يمكنك من خلالها جعل مجتمعاتك أكثر مرونة هي عدم تطويرها بأكثر الطرق عرضة للمخاطر أو في الجزء الأكثر عرضة للمخاطر من المجتمع".

وأضافت: "الإصرار على بناء الجزر الحاجزة وتطوير الجزر الحاجزة، لا سيما على الساحل الشرقي وساحل الخليج، مع العلم أن الرمال ستتحرك وتضرب الأعاصير، يبدو وكأنه إهدار هائل للمال. "

بينما قال آشلي إن معايير البناء تميل إلى أن تكون في الحد الأدنى وأقل احتمالا للنجاة من العواصف.

ورأى شيبرد: "بنيتنا التحتية تنهار ولا تقترب من كونها قادرة على التكيف مع المناخ على الإطلاق"، مشيرا إلى أن الفقر يجعل من الصعب الاستعداد للكوارث والتعافي منها، خاصة في الجنوب.

وعلق كيم كوب، أستاذ البيئة والمجتمع بجامعة براون: "إنه لأمر محزن أن نعيش هذه الخسائر المدمرة. نحن نزيد من سوء موقفنا من خلال عدم فهم مشهد الضعف بالنظر إلى اليد الجغرافية التي تم التعامل معها".

3- خبرة المهاجرين في التعامل مع الطقس المتطرف

أظهرت الأعاصير القاتلة في ديسمبر 2021 التي ضربت كنتاكي تفرد الولايات المتحدة، إذ ضربت مناطق بها أعداد كبيرة من المهاجرين، وهم الأشخاص الذين فروا من أمريكا الوسطى والجنوبية والبوسنة وأفريقيا وكانوا جميعًا ضحايا.

قال جوزيف تروجيلو فالكون، أحد أعضاء الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، إن المشكلة الكبيرة هي أن الأعاصير لم تحدث حقًا في المنازل السابقة لهؤلاء الأشخاص، لذلك لم يعرفوا ما الذي يجب أن يشاهدوه أو ماذا يفعلون، أو حتى يعرفون أنهم يجب أن يكونوا قلقين بشأن الأعاصير.

وقال ووكر أشلي إن الجنوب يضم المزيد من المساكن المعرضة لجميع أنواع مخاطر الطقس حيث من المرجح أن تحدث العواصف هناك في الليل، وهذه العواصف الليلية تكون مميتة لأن الناس لا يستطيعون رؤيتها ويقل احتمال اختبائهم، كما أنهم يفوتون التحذيرات أثناء نومهم.