هل تنهي "حكومة الوحدة" الصراع بجنوب السودان؟
التقدم السياسي فتح آمالا عريضة بأن تودع جنوب السودان سنوات الصراع الدامي، ولكن لا تزال المخاوف تدور بشأن صمود الشراكة الجديدة.
باتت جنوب السودان على مقربة من الدخول في تجربة شراكة سياسية جديدة، بعد اتفاق الرئيس سلفاكير ميارديت مع المعارضة على تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية، عقب خلافات دامت طويلاً.
- مشار يؤدي اليمين نائبا للرئيس وسلفاكير يدعو لمصالحة شاملة
- سلفاكير يستجيب للمعارضة ويخفض ولايات جنوب السودان إلى 10
وفتح التقدم السياسي بتلك المفاوضات آمالاً عريضة بأن تودع جنوب السودان سنوات الصراع الدامي الذي أودى بحياة الآلاف وشرد ثلث الشعب، ولكن لا تزال المخاوف تدور في مخيلة الجنوبيين بشأن صمود الشراكة الجديدة ووصول البلاد إلى الأمن والاستقرار.
وفي خضم المخاوف من تكرار سيناريوهات سابقة بانهيار الشراكة بين الرئيس سلفاكير وزعيم المعارضة المسلحة رياك مشار، فإن ثمة من يرى أن التحولات التي حدثت في الجوار الإقليمي، وموقف هذه البلدان السلبي تجاه الحركات المتمردة، ستدفع إيجابا في اتجاه تحقيق السلام في جوبا ويمنع تجدد الصراع المسلح.
وشهد مطلع الأسبوع الجاري أكبر تقدم في مسار العملية السلمية بجنوب السودان، وذلك بعد استجابة الرئيس سلفا كير ميارديت لمطالب المعارضة، وموافقته على أن تكون ولايات البلاد 10 بدلاً عن 32 ولاية، وهي المعضلة الأبرز التي عطلت تنفيذ اتفاقية السلام التي وقعت بوساطة سودانية في 2018.
وبناء على هذا التقدم قرر الرئيس سلفاكير مارديت حل الحكومة الانتقالية القائمة توطئة لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وعين زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار نائباً أول له.
كما عيّن ثلاثة نواب آخرين، وهم: جميس واني إيقا، وتعبان دينق قاي، وزوجة الرئيس الراحل جون قرنق، ربيكا نياندينق دمبيور، بينما ظل منصب النائب الرابع شاغراً، نسبة لعدم توافق المجموعات المسلحة المنضوية تحت تحالف "سوا" على تسمية شخصية من بينهم، كون المنصب من نصيبهم حسب الاتفاق، وجميع النواب أدوا اليمين الدستورية، السبت.
ويرى سايمون دينق صحفي بجنوب السودان، أنه من الصعب التكهن بمصير الحكومة الجديدة في جوبا من حيث استمرار الشراكة والوصول بالبلاد إلى مصاف السلام والاستقرار، لأن الفرقاء السياسيين عودوهم على تجاوز التوقعات والتكهنات من واقع تجربة الشراكة السابقة بين سلفاكير ورياك مشار.
تحقيق السلام
وقال دينق في حديث لـ"العين الإخبارية": "المؤكد أن التحولات الإقليمية ونبذ الجوار الإقليمي للحركات المتمردة سيدفع إيجاباً في سبيل تحقيق السلام، لأنها ستدفع أي سياسي للتفكير كثيراً قبل تأسيس حركة مسلحة".
وأضاف أن "التمرد فقد الأرضية تماماً في جنوب السودان، وإذا نشب مجدداً فسيكون في نطاق ضيق، وقد ساعد سقوط نظام الإخوان في السودان، وتولي آبي أحمد رئاسة وزراء إثيوبيا، كثيراً في فقدان الحركات المسلحة للحاضنة الخارجية".
وتابع "نأمل في أن تتعلم النخب السياسية في جنوب السودان من التجربة السابقة، وأن يضعوا نصب أعينهم شلالات الدماء التي أغرقوا فيها الشعب، ويمضوا قدماً في سبيل تحقيق السلام والاستقرار وصولاً للتحول الديمقراطي المنشود".
واعتبر دينق أن التحدي الأبرز الذي يواجه الوضع السياسي القائم في جنوب السودان يكمن في مدى التزام الأطراف الحاكمة بالفترة الزمنية المحددة للحكومة الانتقالية والبالغة 3 سنوات، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة ويمتثل الجميع لنتائجها تحقيقاً للتحول الديمقراطي.
وأبدى رئيس الهيئة الشعبية للسلام في جنوب السودان استيفن لوال تفاؤله بالشراكة السياسية الجديدة في بلاده، كونها ستمهد إلى سلام دائم في البلاد إذا ما توفرت الإرادة لدى الأطراف هذه المرة.
وقال لوال لـ"العين الإخبارية" إن ما تم يعد تقدماً كبيراً في مسار العملية السلمية في الجنوب، يرجع الفضل فيها إلى جهود الخرطوم ومنظمة الإيجاد ودول الجوار الإقليمي.
وشدد على أن الحكومة الانتقالية الحالية من تشارك فيها غالبية الفصائل الجنوب سودانية، وستقود البلاد نحو الأمن والاستقرار بعدما عانت كثيراً من ويلات الحرب الأهلية.
وأكد "استيفن لوال" أن التحولات التي شهدتها الجوار الإقليمي وكراهية شعب الجنوب للحرب ستمنع عدم تكرار انهيار الشراكة السياسية واتفاقية السلام على النحو الذي حدث قبل سنوات.
وتحولت دولة جنوب السودان إلى مستنقع من الدماء عقب انهيار الشراكة السياسية بين لرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار عام 2015، بفضل المواجهات المسلحة بين الجيش الحكومي والمعارضة، وهو ما نتج عنه فرار آلاف المدنيين إلى السودان ودول مجاورة.
وتم وضع رياك مشار قيد الإقامة الجبرية بقرار من الهيئة الحكومية للتنمية في أفريقيا "إيجاد"، وأفضت جهود إثيوبية سودانية إلى إحياء اتفاقية السلام بين سلفاكير ورياك في الخرطوم سبتمبر/أيلول 2018.
وتأخر تشكيل الحكومة الانتقالية نتيجة خلافات بين سلفاكير ومشار حول الترتيبات الأمنية وعدد الولايات، ولكن بعد هذا الجهد باتت جنوب السودان على وشك الدخول في مرحلة جديدة قد تنهي الصراع الذي تشهده البلاد منذ عام 2013.