دراسة حديثة: ثوران بركاني مجهول أطلق شرارة الطاعون في أوروبا
كشفت دراسة علمية جديدة عن أن ثورانا بركانيا قد يكون العامل الخفي الذي مهّد الطريق لانتشار الطاعون في أوروبا.
وتقول الدراسة المنشورة في دورية "كومينيشنز إيرث &إينفيرومينت"، أن ثورانا بركانيا غير معروف حدث في منتصف القرن الرابع عشر، مهد لسلسلة من الأحداث المناخية والاقتصادية التي انتهت بوصول بكتيريا الطاعون إلى الموانئ الإيطالية عام 1347.

سماء معتمة وتغير مناخي مفاجئ
وبحسب الدراسة، أدى الانفجار البركاني إلى إطلاق طبقة هائلة من الهباء الكبريتي في الغلاف الجوي، ما تسبب في فترة باردة وغائمة طالت منطقة البحر المتوسط. وتشير سجلات تاريخية بين عامي 1345 و1349 إلى "شمس خافتة" و"غيوم كثيفة" و"خسوف قمر داكن"، وكلها دلائل على النشاط البركاني العنيف.
وكشف تحليل الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي وجود كميات كبيرة من الكبريت، ما يشير إلى أن الثوران حدث على الأرجح في المناطق المدارية، لكنه كان قويا بما يكفي ليؤثر على نصفَي الكرة الأرضية.
مواسم متطرفة ومعاناة زراعية
واعتمد الباحثون كذلك على بيانات حلقات الأشجار التي أظهرت أن صيف الأعوام 1345 و1346 و1347 كان أكثر برودة من المعتاد، فيما اتسم الخريف بأمطار كثيفة سببت فيضانات وتآكلًا في التربة. وانعكس ذلك على إنتاج المحاصيل في إيطاليا، خصوصا العنب والحبوب، مما دفع التجار إلى استيراد القمح من منطقة البحر الأسود لتفادي المجاعة.
القمح يدخل.. ومعه الطاعون
لكن سفن القمح لم تأتِ وحدها، فقد حملت معها، دون قصد، بكتيريا " يرسينيا بيستيس"، المسببة للطاعون الدبلي، عبر البراغيث التي كانت تتغذى على غبار الحبوب أثناء الرحلة الطويلة.
وبعد أسابيع قليلة من وصول آخر سفن الحبوب إلى موانئ إيطاليا، ظهرت أولى حالات الطاعون في مدينة البندقية، قبل أن ينتشر الوباء بسرعة في مختلف أنحاء أوروبا ويقضي على ما بين 30% و60% من السكان خلال بضع سنوات فقط.

مصادفة نادرة.. لكنها قاتلة
ويقول المؤرخ مارتن باوخ، المشارك في الدراسة: "السؤال الذي حيّرنا هو: لماذا وصل الموت الأسود إلى إيطاليا في هذا التوقيت تحديدًا؟".
وتقترح الدراسة أن الإجابة تكمن في اجتماع ظروف قصيرة المدى، مثل التغير المناخي المفاجئ، مع عوامل طويلة المدى، مثل نظام تجارة الحبوب الراسخ في إيطاليا آنذاك.
رسالة للمستقبل
ورغم أن الموت الأسود كان نتيجة تفاعل نادر بين المناخ والاقتصاد والبيئة، يحذّر الباحثون من أن عالم اليوم، الأكثر ترابطا والأكثر دفئا ، قد يكون أكثر عرضة لظهور أمراض حيوانية المنشأ وانتقالها على نطاق واسع.