تقليصات الأونروا.. بين الأزمة المالية والقرارات السياسية
أزمة تقليصات وكالة "أونروا" تتواصل بعد إنهاء عقود 250 موظفا في غزة، وسط شكوك بوجود بواعث سياسية لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين.
لليوم الثالث على التوالي يتظاهر المئات من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في قطاع غزة؛ احتجاجًا على توجه الوكالة لفصل 951 موظفا عاملا لديها.
وفعليا، أرسلت الأونروا، الأربعاء، رسائل بفصل 250 موظفاً في الأراضي الفلسطينية بينهم 125 ضمن برنامج الطوارئ في غزة، وأحالت 570 موظفا إلى دوام جزئي، وحولت 270 موظفا على بقية البرامج حتى نهاية العام 2018 مع عدم وجود ضمانات للاستمرار بعد نهاية العام.
وإثر هذا التطور، أعلن اتحاد الموظفين بالأونروا، جملة من القرارات رداً على فصل عشرات الموظفين من الطوارئ في غزة، أهمها بدء نزاع العمل مع وكالة الغوث والاعتصام المفتوح.
وقرر الاتحاد، وفق بيان له، إغلاق مقرات رؤساء المناطق في قطاع غزة كافة حتى إشعار آخر، واعتصام مفتوح لـ13 ألف موظف مع عائلاتهم داخل وخارج مقر الوكالة بغزة.
كما دعا اتحاد القوى الوطنية ومجالس أولياء أمور لتحمل المسؤولية ووضع برنامج فعاليات ضخمة ومتدرجة ضد إجراءات إدارة الوكالة، تزامناً مع الأقاليم الأخرى في لبنان وسوريا والضفة والأردن.
خطوة مرفوضة
وقالت نائب رئيس اتحاد الموظفين العرب في أونروا، آمال البطش: "جئنا اليوم لكي نقول للأونروا إن ما اتخذته من إجراءات قاسية، ومجزرة بحق الموظفين العاملين على برنامج الطوارئ خطوة مرفوضة".
وأشارت إلى أن قرار أونروا فصل 13% من العاملين على برنامج الطوارئ، وتحويل 57% منهم إلى الدوام الجزئي، والبقية إلى دوائر أخرى بعقود تنتهي في نهاية العام الجاري يعني انعدام الأمن الوظيفي؛ وأن نحو 1000 موظف يعملون على ميزانية الطوارئ مهددون بالفصل نهاية هذا العام.
ويضم برنامج الطوارئ بوكالة الغوث الدولية 1000 موظف منهم عاملون في مراكز التوزيع، والصحة النفسية، ومهندسون، وفنيون؛ لكن مع تقليصات الأونروا الأخيرة أنهيت عقود 335 موظفا على بند العقد الدائم ببرنامج الطوارئ.
غضب
حراس مُدير عمليات الوكالة في قطاع غزّة ماثياس شمالي، استخدموا الثلاثاء قنابل الصوت لتفريق المتظاهرين الفلسطينيين أمام مقر الأونروا، الأمر الذي دفعه للانسحاب من المكان تحت حراسة أمينة إلى أحد الفنادق.
ووفق مصدر فلسطيني، فإن العشرات تظاهروا، الأربعاء، أمام الفندق الذي يقيم فيه مُدير عمليات الوكالة، ورشقوه بالأحذية في تعبير عن غضبهم مما حدث ومن مسألة التقليصات المستمرة.
وتشكك "البطش" في علاقة فصل الموظفين بأزمة الأونروا، موضحة أن إجمالي الرواتب لا يتعدى مليوني دولار من أصل 217 مليون هي قيمة العجز لدى الوكالة.
ووفق معطيات رسمية، ففي الفترة ما بين مارس/آذار وحتى يونيو/حزيران، جمعت الأونروا مبلغ 238 مليون دولار كتمويل جديد من أجل لاجئي فلسطين، ومع انتهاء مؤتمر التعهدات، الذي عقد في نيويورك في 25 يونيو/ حزيران، تم تقليل العجز البالغ 446 مليون دولار ليصبح 217 مليوناً.
وقالت البطش: "هذه الأعداد والأرقام تشير إلى أن هناك مؤامرة تحاك ضد الموظفين، وهناك قرارات مسبقة للتخلص من الموظفين وتقليص أعدادهم؛ مما سينعكس على الخدمات المقدمة للاجئين".
إغلاق المقرات
احتجاج الفلسطينيين وصل إلى حد إغلاق مقرات رؤساء المناطق في الأونروا بغزة. وقال خالد السراج، رئيس المكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين في قطاع غزة، إن إغلاق المقرات من الساعة 12 ظهرا حتى نهاية الدوام خطوة تحذيرية أولى حتى تتراجع أونروا عن خطواتها العقابية بحق اللاجئين، وعلى رأسهم مجموعة من الموظفين العاملين على برنامج الطوارئ.
وأضاف:"نؤكد رفضنا المطلق لقرارات الأونروا بتقليص خدماتها بحق اللاجئين، وسنقوم بخطوات تصعيدية ولن نتراجع عن ذلك؛ حتى ندافع عن حقوق اللاجئين".
شطب قضية اللاجئين
الدكتور صادق أمين، الكاتب والمحلل السياسي، يشير إلى أن القلق الفلسطيني يرتكز بالأساس إلى استشعار وجود توجه لإنهاء وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، من خلال التقليص المتكرر لخدماتها ودورها، تنفيذا لتوجهات السياسة الأمريكية.
وأعلن الرئيس الأمريكي وقف جزء كبير من تمويل (الأونروا)، قبل أشهر، بعد أسابيع من تهديدات بخفض مساعدات واشنطن للفلسطينيين بما في ذلك (الأونروا) في حال عدم عودة السلطة الفلسطينية إلى المفاوضات مع إسرائيل.
وأوضح أمين في حديثه لـ"العين الإخبارية": "تقليص أو وقف تمويل الأونروا، ثم تقليص الخدمات والموظفين، والحديث الصريح من عدة جهات عن إنهاء عمل هذه المنظمة الدولية، يشير إلى أننا أمام مؤامرة لشطب قضية اللاجئين، لذلك عندما يحدث التظاهر في غزة أو غيرها من مناطق عمليات الوكالة الخمس فهو يتجاوز مسألة فصل مئات الموظفين أو تقليصات هنا أو هناك.
الناطق الرسمي للأونروا سامي مشعشع، يقول إن الأزمات الحالية ناجمة جاءت في أعقاب أكبر تخفيض في التمويل تتعرض له الأونروا وسببت أزمة مالية كبيرة لديها، ويشير إلى أن قرار الولايات المتحدة بإيقاف 300 مليون دولار من التمويل للأونروا في هذا العام كان قد وصفه المفوض العام بأنه تهديد وجودي للوكالة. وتصميما منها على عدم التخلي عن لاجئي فلسطين، قامت الأونروا وشركائها بحشد الدعم السياسي والمالي من سائر أرجاء المعمورة؛ وذلك من أجل المحافظة على عملياتها وتقديم الخدمات الأساسية للمنتفعين بكرامة وأمل.
وأضاف: "في الوقت الذي نواصل فيه سبر كل المسارات في سبيل التغلب على أزمة مالية حادة، فإن (الأونروا) وموظفيها المتفانين واللاجئين لديهم خيار واحد فقط – ألا وهو مواجهة هذا الوضع معا، والمحافظة على العمل المهم للغاية الذي نقوم به".
ما هي الأونروا؟
تقدم الأونروا المساعدة والحماية وكسب التأييد لحوالي 5 ملايين لاجئ من فلسطين في الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم.
ويتم تمويل الأونروا بشكل كامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وتشتمل خدمات الوكالة على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح.
وتأسست الأونروا في أعقاب النزاع العربي الإسرائيلي عام 1948، بقرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر/كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين.
aXA6IDE4LjIyMi40NC4xNTYg
جزيرة ام اند امز