مراقبون: وقف واشنطن تمويل "الأونروا" يقوض جهود السلام
دبلوماسي مصري قال إن القرار جزء من العقوبات الموجهة إلى الإدارة الفلسطينية ردا على رفضها الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
أثار قرار الولايات المتحدة الأمريكية وقف مساهمتها في ميزانية وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مخاوف من تأجيج مزيد من الاضطرابات في الشرق الأوسط.
وقال مراقبون إن القرار الذي أعلنته الإدارة الأمريكية، الجمعة الماضي، يدعم الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، ويقلل من أي تسوية محتملة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
السفير علاء الحديدي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، اعتبر في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن القرار الأمريكي "جزء من العقوبات والضغوط الموجهة إلى الإدارة الفلسطينية ردا على رفضها قرار الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتحركها دوليا لإدانة ذلك".
وافتتحت واشنطن سفارتها في القدس، التي تعتبرها عاصمة موحدة وأبدية للاحتلال الإسرائيلي، في مايو/أيار الماضي، في حدث أثار غضب فلسطيني وعربي عارم.
وأوضح الدبلوماسي المصري أن القرار يأتي في إطار التوجه الأمريكي الجديد نحو تقليص مساهمتها المالية في منظمات الأمم المتحدة تدريجيا، مثلما حدث في مجلس حقوق الإنسان وغيره، مشيرا إلى أن تلاقي الهدفين دعم اتخاذ مثل هذا القرار الصادم والذي يخلف تداعيات خطيرة على المستوى الإنساني والسياسي والأمني أيضا.
ونوّه السفير الحديدي إلى أن "المتتبع للرئيس الأمريكي وشخصيته وقراراته التي اتخذها منذ وصوله إلى السلطة؛ سيلحظ أنه يرفع الضغوط لأعلى سقف ممكن، كما فعل مع كوريا الشمالية في أسلوب تفاوضي معروف، على أمل أن تسفر تلك الضغوط عن نتائج تخدم أهدافه ولو بعد حين".
وأوضح أنه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإن إدارة ترامب "من مصلحتها الوصول إلى اتفاق نهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين يحسب إليها، لذلك تواصل الضغط على السلطة الفلسطينية للخضوع لشروطها والقبول بتقديم تنازلات ومنها ما يتعلق بوضع مدينة القدس وقضية اللاجئين".
وقال دبلوماسي أوروبي لوكالة "فرانس برس" إن الإجراءات الأمريكية المتخذة بالتزامن مع تعهد أمريكي باستخدام حق النقض ضد أي اقتراح ينتقد الاحتلال الإسرائيلي في مجلس الأمن الدولي، "شجعت حكومة بنيامين نتنياهو التي تعد أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل".
وأضاف أن "إسرائيل تزداد قناعة بأن لها مطلق الحرية لتسريع نمو المستوطنات بل وحتى التفكير بضم أجزاء من الضفة الغربية".
ومن المنتظر أن يخلف قرار تخفيضات تمويل الأونروا التوتر مع إسرائيل في غزة والضفة الغربية، فيما تخشى دول الاتحاد الأوروبي من أن تدفع تلك السياسة اللاجئين الفلسطينيين إلى التوجه نحو أوروبا.
في المقابل، بررت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت قرار أمريكا حول الأونروا قائلة، إن "توسع مجتمع المستفيدين أضعافا مضاعفة وإلى ما لا نهاية لم يعد أمرا قابلا للاستمرار".
وأضافت: "أن نموذج عمل الأونروا وممارساتها المالية عملية معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه، وأن الإدارة راجعت المسألة بحرص وخلصت إلى أن الولايات المتحدة لن تقدم مساهمات إضافية للمنظمة".
وتعد الولايات المتحدة أكبر داعم منفرد لــ"الأونروا"، حيث تشكل تبرعاتها ثلث ميزانية الوكالة، وتقدر مساهمتها بأكثر من 350 مليون دولار في ميزانية المنظمة الأممية، التي أنشئت عام 1949، لتوفير خدمات أساسية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
وأحدث القرار الأمريكي صدمة لدى الفلسطينيين، خاصة اللاجئين الذين يعانون من أزمات معيشية وصحية بالغة، فيما رحبت إسرائيل بالقرار الذي يستهدف تفكيك الوكالة الدولية.
ويعتمد اللاجئون الفلسطينيون، خاصة في الأردن ولبنان، على خدمات الأونروا في مجالات التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية، فيما يعد الفلسطينيون في قطاع غزة لاجئين، مما يعني أن أثر وقف تمويل الأونروا سيكون شديد القسوة على سكان القطاع المحاصر.
وتقول "الأونروا" إنها تقدم خدمات لنحو 5 ملايين لاجئ فلسطيني، فروا من ديارهم إبان نكبة عام 1948 وقيام إسرائيل، مع أبنائهم وأحفادهم.