دوريات الحدود بلمسات ترامب.. تدريب هجومي ومجندون بأعداد قياسية
في قلب صحراء نيو مكسيكو، حيث تصطف الأكاديمية التابعة لدوريات الحدود الأمريكية بانتظام الصباح، تجري إعادة صياغة شاملة لمفهوم الأمن الحدودي في الولايات المتحدة.
المئات من المجندين، كثير منهم من أصول لاتينية ومتحدثو الإسبانية، يخضعون لتدريبات هجومية متقدمة تشمل مطاردة المركبات واستخدام تقنيات أسلحة حديثة، في سعي لتعزيز القدرة على مواجهة موجة الهجرة غير الشرعية.
ما يشهده هذا المركز ليس مجرد تدريب عسكري، بل تحولًا سياسيًا واستراتيجيًا يعكس إرادة الإدارة الحالية لتطبيق سياسات صارمة على الحدود.
وفي الوقت الذي تسعى فيه إدارة ترامب لتنفيذ وعودها المتعلقة بالترحيل والسيطرة على الحدود، تتضح في الأكاديمية صورة واضحة عن الاستثمار الكبير في الموارد البشرية والتقنيات الحديثة، مع توسيع حجم التدريب وتحديثه بوتيرة غير مسبوقة منذ عقدين.
هذه التحولات لا تمثل مجرد تغييرات تشغيلية، بل انعكاسًا لسياسة أمريكية جديدة حيث الأمن القومي والهجرة يلتقيان في معركة تتجاوز السياق المحلي لتلقي بظلالها على السياسة الداخلية والعلاقات مع أمريكا اللاتينية.
فماذا نعرف عن طبيعة التدريبات؟
أجرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية زيارة نادرة لأكاديمية دوريات الحدود في مدينة أرتيسيا بولاية نيو مكسيكو، كشفت خلالها الكثير من التدريبات التي يخضع لها المجندون.
وبحسب «سي إن إن»، فإن عددا قياسيا من المجندين، كثيرًا منهم من أصول لاتينية، ويتحدثون الإسبانية، يتوجهون لأكاديمية التدريب التابعة لحرس الحدود التي شهدت إعادة هيكلة شاملة في ظل الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب شملت إضافة تكتيكات أكثر حزمًا إلى المنهج الدراسي بما في ذلك التدريب على مطاردة المركبات وإدخال تكنولوجيا الأسلحة.
وفي الوقت الذي يكثف فيه ترامب جهوده لتنفيذ وعده بترحيل المهاجرين غير الشرعيين دخلت سلسلة من التغييرات التشغيلية والتدريبية حيز التنفيذ وهي التغييرات التي قال مسؤولو الأكاديمية إنهم كانوا يطالبون بها منذ فترة طويلة.
وخلال زيارة «سي إن إن»، التي أجرتها في سبتمبر/أيلول الماضي، شاهدت اصطفاف مئات المجندين بزيهم الأخضر لإجراء التفتيش الصباحي، والذين استمعوا إلى كلمة من نائب رئيس دوريات الحدود الأمريكية بالإنابة آنذاك، سكوت غود، الذي كان في المدينة قادمًا من مقر قيادة واشنطن العاصمة.
وقال غود للمجندين: "أنتم جميعًا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي.. ونحن نقدر لكم اتخاذكم الخطوة الأولى وانضمامكم إلينا.. إنها ليست مهمة سهلة، لكنها مهمة مُجزية... وأمريكا تحبكم لذلك."
وبدأت التغييرات في السياسات تترسخ داخل أمريكا حيث أصبحت أجهزة محاكاة القيادة تعمل بانتظام، كما أُعيد إدخال تدريبات مطاردة المركبات وتوسيع نطاقها.
تكتيكات جديدة
وقال رئيس الشرطة جاريد آشبي، الذي أشرف على الأكاديمية خلال زيارة "سي إن إن" إن استخدام المركبات لإجراء الاعتقالات أصبح تكتيكًا واضحًا.
وأضاف أن القواعد الجديدة تعني أيضًا إعادة مئات العملاء الذين تخرجوا في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن إلى الأكاديمية لحضور دورات تنشيطية حيث لم يتلقوا أي تدريب على القيادة الهجومية في ظل الإرشادات السابقة.
وتابع: "خلال ما يقارب 20 عامًا من العمل في الحكومة، هذه أسرع وتيرة شهدتها في هذا المجال"، مشيرا إلى أن التغييرات لاقت ترحيبًا واسعًا في الوكالة.
وأفاد المدربون أن المجندين يمتلكون تقنيات أسلحة جديدة، وأن معدلات التخرج ارتفعت حيث يضم الحرم الجامعي الكبير مساحةً مخصصةً للمجندين للتدرب على أساليب القيادة الهجومية لإيقاف المركبات المشبوهة.
ميزانية ضخمة
ويقول قادة الجمارك وحماية الحدود إن "الميزانية الضخمة والرائعة" التي أقرها ترامب تمول إجراءات تدريب محدثة مرتبطة بسياسة المطاردة المعدلة، وتوسيع سعة ميدان الرماية، وتقنيات أسلحة نارية جديدة، وتمويل توظيف نحو 3000 عنصر إضافي من دوريات الحدود، إضافةً إلى أكثر من 19000 عنصر يخدمون حاليًا في جميع أنحاء البلاد.
وكشف مسؤولون وجود نحو 1100 متدرب مسجلين في الأكاديمية، وهو أعلى رقم منذ عام 2009، كما تؤكد بيانات الجمارك وحماية الحدود سرعة هذا النمو؛ إذ بلغ عدد المتدربين المسجلين ما يزيد قليلًا عن 500 متدرب في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2024 في حين تستهدف الوكالة استقطاب حوالي 1500 متدرب بحلول يونيو/حزيران 2026.
ولضمان استدامة هذا النمو، كثّفت إدارة الجمارك وحماية الحدود جهود التجنيد على مستوى البلاد، مستهدفةً شريحة واسعة من المرشحين من خلال الترويج لمزايا تُراعي ظروف الأسرة لجذب أفراد الجيش الراغبين في تغيير مسارهم المهني.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز