المركزي الأمريكي يتحكم في اقتصاد العالم.. الأسواق الناشئة "ضحية"
مشهد اقتصادي ضبابي، لا أحد يتوقع ما سيحدث ومتى وأين؟، العالم يعيش الآن مرحلة عصيبة غنية بالأحداث والتحديات خاصة للمستثمرين ورجال المال.
حالة من عدم اليقين والقلق تسود الأسواق العالمية، في ظل المخاوف التي تحيط بالاقتصاد العالمي، والذي يصارع وسط أحداث متتالية خلال الفترة الأخيرة.
ما بين إغلاقات كورونا، وحزم التحفيز التاريخية التي أقرتها معظم حكومات العالم، مروروا بأزمات سلاسل التوريد، وصولا إلى الحرب الروسية الأوكرانية، يقف الاقتصاد العالمي أمام تحديات جسام.
التضخم يفجر الأزمة
النتاج الطبيعي لكل ما سبق، تجسد في ارتفاع التضخم بالولايات المتحدة، ما دفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إلى انتهاج سياسات نقدية لمواجهة ارتفاع التضخم.
في 15 يونيو/حزيران الجاري، أعلن المركزي الأمريكي عن أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ حوالى 30 عاما، مع رفعه معدل الاقتراض بمقدار 0.75 نقطة مئوية، وهذه هي الزيادة الثالثة على التوالي، والتي رفعت معدلات الفائدة الآن في نطاق يتراوح ما بين 1.5 و1.75%.
ويهدف المركزي الأمريكي من خلال رفع أسعار الفائدة الرئيسية، إلأى تسجيع المصارف على منح قروض أكثر تكلفة للعملاء الذين سيكونون، بالتالي، أقل ميلًا للاستهلاك.
ويتوقع أن يواصل الفيدرالي الأمريكي زيادات إضافية في معدلات الفائدة خلال اجتماعاته المقبلة في العام 2022، لإعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2%.
وواصل التضخم في الولايات المتحدة ارتفاعه، مسجلا أعلى مستوى له في 40 عاما في مايو/أيار الماضي، عند 8.4% على أساس سنوي و1% على أساس شهري، وفقاً لمؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك.
كل هذه الأرقام تمثل خطرا، لكن على المركزي الأمريكي أن يوازن في قراراته بين إبطاء التضخم، دون أن يؤثر على النمو الاقتصادي، لكن الخوف الأكبر يتمثل في أنه كلما زاد إنفاق المستهلكين، زاد احتياج الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة، وهذا ما يزيد من مخاطر الانكماش.
تحركات الفيدرالي الأمريكي
الإجراءات التي سيتخذها البنك المركزي الأمريكي ستحدد ما إذا كان سيحصل ركود أو نمو مستدام. فالاقتصاد يستطيع تحمل معدلات فائدة أعلى، لكنّه ليس قادراً على تحمّل سحب مُفاجئ للسيولة.
البنك المركزي الأمريكي، قرر 3 زيادات في أسعار الفائدة هذا العام، لكن ماذا سيفعل في اجتماعه يوليو المقبل؟
العديد من الأحداث يمكن أن تقدم قراءة لما سيكون عليه الوضع، فخلال أيام 20 و21 و22 و23 و24 يونيو/حزيران، ستتكون رؤية واضحة عن ما سيحدث.
خطاب جيمس بولارد
أبرز هذه الأحداث، خطاب جيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس اليوم الإثنين، والذي قال إن البنك المركزي الأمريكي قد يرفع أسعار الفائدة سريعا ويحقق "أداء فلكيا" للاقتصاد هذا العام إذا كان بوسعه أن يكرر دورة تشديد السياسة النقدية التي نفذها في عام 1994 .
وأضاف "دورة التشديد تلك سببت بعض العرقلة في ذلك العام.. لكنني شعرت دوما بأن ذلك دفع الاقتصاد الأمريكي إلى أداء فلكي في النصف الثاني من عقد التسعينات.. آمال بأن نتمكن من أن يكون لدينا شيء مماثل هذه المرة".
وبولارد مساند قوي لإجراءات مجلس الاحتياطي الاتحادي لترويض تضخم مرتفع وصل إلى أكثر من ثلاثة أضعاف المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي الأمريكي البالغ 2%.
وقال "نحن نتحرك بسرعة، لكننا نتحرك من مستوى منخفض ومن السياسة النقدية الشديدة التيسير التي نفذناها.
خطاب لوريتا ميستر
تتحدث لوريتا ميستر، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، الثلاثاء، وستقدم تصريحاتها قراءة توضيحية للمشهد.
“لوريتا ميستر” ترى أن مخاطر الركود تتزايد، وسوف يستغرق الأمر عامين حتى يعود التضخم إلى مستهدف البنك المركزي البالغ 2%، لوريتا لا تتوقع حدوث ركود، ولكن مخاطر الركود آخذة في الارتفاع، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن السياسة النقدية كان من الممكن أن تتحول قبل ذلك بقليل، وفقا لـ"CNBC".
في نفس اليوم يتحدث أيضا، توماس باركين، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، وغالبا ما يتم استخدام ارتباطاته العامة لإسقاط أدلة خفية بشأن السياسة النقدية المستقبلية.
شهادة باول
يوم الأربعاء يقدّم جيروم باول رئيس البنك المركزي الأمريكي شهادته نصف السنوية حول السياسة النقدية أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ.
الشهادة عبارة ع، جزءين. الأول هو بيان معد مسبقا، ثم تجري اللجنة جلسة سؤال وجواب، ويمكن أن يشهد جزء الأسئلة والأجوبة الكثير من المعلومات حول تقلبات السوق الكبيرة في هذه الفترة.
حديث تشارلز إيفانز
في نفس اليوم يتحدث، تشارلز إيفانز؛ رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، وباتريك هاركر؛ رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، وتوماس باركين؛ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند.
في 23 يونيو/حزيران شهادة باول أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، سوف يدلي بشهادته على التوقعات الاقتصادية والإجراءات السياسة النقدية الأخيرة أمام اللجنة الاقتصادية المشتركة، في واشنطن العاصمة. الشهادة تتكون من جزءين، الأول هو بيان معد مسبقا، ثم تجري اللجنة جلسة سؤال وجواب، يمكن أن يشهد جزء الأسئلة الكثير من المعلومات حول تقلبات السوق الكبيرة في هذه الفترة.
وفي 24 يونيو/حزيران يلقي جيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس خطاباً، كما تتحدث ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو.
أحداث مفصلية
من بين الأحداث المهمة خلال الفترة الجارية، نشر تقرير الثلاثاء عن النشاط الاقتصادي على المستوى الوطني لبنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو.
فيدرالي شيكاغو
ومؤشر نشاط البنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو الوطنية هو مؤشر شهري مصمم لقياس النشاط الاقتصادي العام، وله صله بالضغوط التضخمية .
بيانات هذا المؤشر تشتق من الإنتاج والدخل، والعمالة، والبطالة ، وساعات الاستهلاك الشخصي والإسكان، والمبيعات، وأوامر، وقوائم الجرد.
مبيعات المنازل
وهناك أيضا تقرير يختص بمبيعات المنازل القائمة، وهو تقرير يحدد المستوى السنوي للمنازل السكنية الموجودة التي تم بيعها خلال الشهر الماضي.
يراقب تجار العملة هذا التقرير عن كثب حيث إنه يعتبر أول مؤشر يتم نشره في الشهر عن الطلب في القطاع العقاري.
كما أن بيع المنزل يعني حصول الوكالات العقارية على عمولات.
الرهن العقاري
في 22 يونيو/حزيرات يصدر تقرير طلبات الحصول على الرهن العقاري من جمعية المصرفيين للرهن العقاري في أمريكا.
ويتم ذلك من خلال استطلاعات رأي اسبوعيه تقيس التغير في عدد طلبات التمويل العقاري الجديد خلال أسبوع معين.
ويوفر معلومات عن مشتريين في سوق الإسكان في الولايات المتحده. قراءات أعلى من المتوقع ينبغي أن تُفهم كإجابية للدولار الأمريكي, بينما قرءات أقل من المتوقع ينبغي أن تُفهم كسلبية للدولار الأمريكي.
البطالة
ومن بين التقارير المهمة أيضا، تقارير الحساب الجاري، وطلبات إعانة البطالة للعاطلين، ومؤشرات مديري المشتريات في قطاعي التصنيع والخدمات بالولايات المتحدة من شركة "ستاندرد آند بورز غلوبال"، ونشاط قطاع التصنيع من بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس، وفي 24 يونيو/حزيران ستنشر جامعة ميشيغان تقارير المعنويات الاقتصادية، والظروف الحالية، والتوقُّعات، ومبيعات المنازل الجديدة.
اقتصادات أخرى
لم تكن الولايات المتحدة فقط هي التي شهدت ارتفاعا في التضخم، فالعديد من اقتصادات العالم عانت من الارتفاع في أسعار المستهلكين بصورة سريعة.
بدورهم يقوم واضعو السياسات بسحب التعزيزات المالية والنقدية التي أعلن عنها في أثناء جائحة كورونا.
يقود بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هذا الطريق، من خلال أكبر ارتفاعٍ سنوي في أسعار الفائدة في تاريخه.
يُعتبر الارتفاع الأخير في أسعار الفائدة خبراً ساراً للمستثمرين الذين يمتلكون مبالغ نقدية كبيرة. إذ تضاعفت عوائد سندات الخزانة الأمريكية في جميع فترات الاستحقاق العام الماضي. وهكذا، أصبح مختلف أنواع المستثمرين يستهدفون فئة الأصول من الدخل الثابت.
ويرى خبراء، أن السندات المالية، بالمستويات الحالية لأسعار الفائدة، تتمتع بالقدرة على إضافة الدخل والتنويع إلى الحافظات. وتعتبر السندات البلدية، والسندات الأمريكية ذات الدرجة الاستثمارية، والأوراق المالية الأمريكية المفضلة، وبعض السندات المقومة بالدولار الأمريكي للأسواق الناشئة جذابةً عند هذه المستويات.
الدول الناشئة
يمكن أن تكون الدول الناشئة ضحايا جانبية لارتفاع أسعار الفائدة، إذ تزيد قيمة الدولار عندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة.
فارتفاع الدولار سيعقد سداد ديون البلدان التي تعاني عجزا وتقترض في كثير من الأحيان بتلك العملة.
سيتعين على المستهلكين التحلي بالصبر قبل أن يروا تأثير ارتفاع نسب الفائدة على الأسعار.
وتوضح شركة "كابيتال إيكونوميكس" أن أسعار الطاقة والغذاء شكلت 4,1 نقاط مئوية من ارتفاع أسعار الاستهلاك الذي بلغ 7.9% في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية خلال العام الماضي.
وتتوقع أن تبدأ أسعار النفط والغاز والسلع الزراعية بالانخفاض في وقت لاحق من هذا العام، ما سيؤدي إلى انخفاض التضخم بشكل حاد، لكن معدلات التضخم الأساسية التي لا تشمل الغذاء والطاقة ستظل مرتفعة.