أمريكا في خطر الهجمات النووية بسبب "ملاجئ عديمة الفائدة"
مع تزايد التوترات بين الولايات المتحدة وعدد من الدول التي تمتلك أسلحة نووية، هل ستستطيع الصمود ضد تلك الهجمات بملاجئ عفا عليها الزمن؟
يشهد العالم اليوم تلاسنا كبيرا بين الولايات المتحدة وعدد من الدول التي تمتلك قدرات نووية، أبرزها الأزمة النووية الكورية الشمالية التي وصلت إلى حد التهديد "بالتدمير الشامل" من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال خطابه الأخير في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لكن هل تستطيع واشنطن الدخول في سباق نووي جديد مع ملاجئ لن تتحمل تكنولوجيا الدمار الشامل الجديدة؟
يشرح موقع "ڤوكس نيوز" الأمريكي أن الملاجئ التي قامت الولايات المتحدة ببنائها في الفترة بين 1950 و1965 لن يمكنها تحمل الضربات النووية الحالية، وذلك بسبب اختلاف التكنولوجيا المستخدمة في أسلحة الدمار الشامل اليوم عن تلك التي استخدمت في بناء الملاجئ النووية في ذلك الوقت.
البداية كانت مع الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت، حيث أسس هيئة تدعى "مجلس الطوارئ الوطني" بعد أن أعلن الاتحاد السوفيتي نجاحه في تطوير قنبلة ذرية عام 1947 على غرار تلك التي أسقطتها الولايات المتحدة على اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، ثم تطورت تلك الهيئة إلى "مكتب تخطيط الدفاع المدني" عام 1949.
مهمة تلك الهيئة كانت عمل الأبحاث اللازمة لضمان سلامة المواطنين الأمريكيين من الهجمات النووية المحتملة من الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت، لكن انشغال الإدارات الأمريكية في ذلك الوقت منذ عهد روزفلت إلى عهد كينيدي في التركيز على التسليح بدلا من حماية المواطنين دفع الهيئة لفرض قانون على ملاك المنازل لبناء "ملاجئ نووية" على حسابهم في قبو كل منزل يقطنه المواطنون الأمريكيون في المدن الرئيسية.
مواصفات تلك الملاجئ كانت بدائية للغاية، حيث يستلزم لكل مالك منزل بناء غرفة من قوالب طوب البناء الإسمنتية، وأن يكون لها مكان لتخزين الطعام المعلب، بالإضافة إلى سرير وصرف للحمام، لكن تلك المواصفات كانت ستحمي بشكل ما السكان من هجمات بقنابل نووية "عادية" على غرار تلك التي أسقطت على هيروشيما وناجازاكي.
إلا أنه بعد الإعلان عن تطوير الجيل الجديد من قنابل الدمار الشامل، مثل القنابل الهيدروجينية والقنابل النووية الحرارية، أصبحت تلك الملاجئ عديمة الفائدة من الناحية العملية.
فبحساب القوة التدميرية من على موقع NUKEMAP المتخصص في حساب القوة التدميرية للقنابل النووية التي تم تطويرها عبر التاريخ، وجد أن القوة التدميرية لقنبلة مثل التي أسقطت على هيروشيما هي حوالى 15 كيلوطنًّا، والتي لها قوة تدميرية محدودة، وأن الملاجئ النووية ستوفر الملاذ الأمن لقاطنيها نظرا لمحدودية القدرة التدميرية.
لكن بالمقارنة بأحدث جيل من قنابل الدمار الشامل، مثل قنبلة "تسار بومبا" الروسية التي تحتوي على قدرة تدميرية قدرها 100 ميجا طن (100 ألف كيلو طن) أو قنبلة "كاسل برافو" الأمريكية من نفس الفئة، فمن المؤكد أن أية ملاجئ مبنية في قبو المنازل والعمارات ستدمر بمن فيها فور انفجار القنبلة.
وقامت الإدارة الأمريكية في عهد جيمي كارتر بعمل إعادة كاملة للنظر في طرق حماية المواطنين الأمريكيين من تبعات الحرب النووية المحتملة مع السوفييت في ذلك الوقت، حيث تمت دراسة كيفية إخلاء المدن من السكان والتوجه إلى ملاجئ نووية متخصصة ومدفونة على أعماق بعيدة تحت الأرض لتجنب أضرار الدمار والإشعاع.
لكن المعضلة الرئيسية التي تواجهها الولايات المتحدة في حماية مواطنيها من الهجمات النووية هي توقيت رصد وتتبع أي هجوم على أراضيها، حيث لم تعد القنابل تسقط من الطائرات بل تحمل على رؤوس حربية لصواريخ تنطلق بسرعات فائقة، مما يعني وقتا أقل لرد الفعل وعدد قتلى أكبر بكثير.
الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تشهد حاليا حالة من التوتر بين عدد من البلدان التي تمتلك قدرات نووية، أبرزها كوريا الشمالية والصين وروسيا.
وتأتي الأزمة الأمريكية –الكورية الشمالية في صدارة التوترات، حيث تقوم الأخيرة بعمل تجارب صاروخية ونووية منذ تولى زعيمها الحالي، كيم جون أون، قيادة البلاد.