عودة داعش.. هاجس الموصليين بعد قرار الانسحاب الأمريكي
في المدينة القديمة الموصل لا يعتبر حكم تنظيم داعش ذكرى بعيدة لأهوال الماضي، فعلى كل مبنى هناك تذكار: منازل تعرضت للتفجير، أكوام من الأنقاض، وعائلات تكدح كل يوم، لتبقى فقط على قيد الحياة.
وقالت صحراء محمود، أم لـ11 طفلًا: "كانت إحدى أسر داعش تعيش هناك" بينما تشير إلى كومة من الصخور التي كانت منزلا في أحد الأيام، مضيفة: "ومنزل آخر هناك. لهذا فجروا تلك المنازل مباشرة."
وطبقًا لموقع "صوت أمريكا"، مرت أكثر من أربعة أعوام منذ إخراج داعش من الموصل، ويبدو أن احتمال عودة ظهور التنظيم والسيطرة مجددا أمر مستبعد بالنسبة لكثير من العراقيين. لكن في المدينة القديمة، هناك حذر.
وقال البعض إن سيطرة حركة طالبان على أفغانستان أصابتهم بالقلق، وأثارت ذكريات يتمنون لو يستطيعون نسيانها.
وفي أجزاء أخرى من المدينة، وفي العاصمة العراقية بغداد، قال السكان المحليون إن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان أرسل إشارة إليهم تفيد بأن أمريكا لم تعد مهتمة بحراسة المنطقة.
وبالنسبة للبعض، هذا أمر جيد، ويرحبون بخطط الولايات المتحدة لإنهاء المهمة القتالية في العراق هذا العام. لكن بالنسبة لآخرين، من بينهم ورقاء طالب، أم لخمسة أطفال في المدينة القديمة فإنهم يخشون أن يشعر داعش بالجرأة بسبب الخطوة ويحاولون استعادة المدن والبلدات التي كانوا يسيطرون عليها بين 2014 و2017.
وأشارت طالب إلى أن احتمال عودة داعش هو "50/50".
ومن الخارج، يبدو أن منزلها أعيد بناؤه في الغالب منذ أن قصف التحالف الدولي الحي الذي تعيش فيها بضربات جوية أمطرت مقاتلي داعش في المدينة القديمة على مدار شهور عام 2017.
لكن الإصلاحات الخارجية سطحية في الغالب، وتخفف جزئيا فقط من ضغط ما بعد الحرب على عائلتها، وقالت: "إذا نظرتهم من الداخل سترون أنه ليس لدينا شيء".
وعبر المدينة، أعيد بناء الحرم الجامعي لجامعة الموصل إلى حد كبير، إذ دمرت الحرب 80% من مبانيه.
وطبقًا لـ"صوت أمريكا"، يشعر الطلاب بالثقة أكثر من سكان المدينة القديمة في أن أيام حكم داعش قد ولت، مستشهدين بحالة الكراهية العامة تجاه التنظيم، وتصميم قوات الأمن الواضح على منع عودته.
لكن رؤية طالبان تسيطر على كابول عبر شاشات التليفزيون أمر مخيف بشكل صادم، بحسب ما قاله طالبا الطب إبراهيم صدام وعمر أحمد.
وأضاف صدام: "كان الأمر يشبه بالضبط ما حدث هنا عام 2014". في هذا الوقت، غادرت معظم قوات الأمن العراقية قبل السيطرة، تاركين الموصل في أيدي داعش في غضون أيام، أو في بعض الأماكن، في غضون ساعات.
وخلال فترة حكم داعش، كان صدام يعيش قرب حقول نفط قيارة، وهي مدينة بجنوب الموصل حيث كان المسلحون غالبا ما يشعلون النيران في الحقول، لحراسة مواقعهم كما يفترض من الضربات الجوية للتحالف.
وعتمت سماء قيارة، ولطخ سواد الأدخنة ملابس كثير من السكان المحليين وجلدهم، وحتى أصيبوا بالكحة. وقال صدام: "كان هناك وقت لم نر فيه الشمس لستة أشهر".
ورأى صدام أنه ما لم تتغير عناصر السلام العراقي الهش حاليا بشكل كبير، فمن غير المرجح أن تعود تلك الأيام.
لكنه قال إن الانسحاب الأمريكي قد يكون مقلقا لأسباب لا تتعلق بداعش. ومن المتوقع أن تبقى القوات في دور استشاري، لكن ما سيعنيه ذلك للأمن في العراق غير واضح.
وفي بغداد، يشعر مزيد من السكان المحليين بالأمل حيال الانسحاب الأمريكي، وتتراوح ردود الأفعال ما بين الارتياح إلى الانزعاج. ويقلق عدد قليل بشأن عودة داعش.