هل فكرت يوما كيف كان مرشحو الانتخابات الأمريكية يروجون لحملاتهم وبرامجهم قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية؟
الأكيد أن الأمر لم يكن سهلا بل كان يتطلب الكثير من «الابتكار» والذكاء في اختيار الطريقة الأكثر جاذبية للوصول إلى الناخبين وليس ذلك فقط، وإنما إقناعهم باتخاذ القرار الصعب لصالح أحدهما.
بين هاريس وترامب.. أوكرانيا على حبل مشدود
ولأنهم كانوا في زمن لا توحده شبكة الإنترنت ولا تربط بينه مواقع التواصل الاجتماعي ولا التطبيقات الحديثة التي نعرفها اليوم، بدا أن الأمر كان يتطلب الكثير من الإبداع لاستنباط طرق تقودهم إلى الجمهور.
وبما أن كل حقبة زمنية تستثمر في المتاح لها، فقد ركز مرشحون سابقون على طرق طريفة وقد تبدو غريبة في زمننا، لكن تأثيرها كان سحريا وقادرا على صنع الفارق وتحديد هوية ساكن البيت الأبيض.
السجائر
في القرن التاسع عشر، كانت علب السجائر أحد الأماكن الأكثر وضوحا للصق إعلانات الحملة الانتخابية، خصوصا أنه في ذلك الوقت كانت طقوس التدخين واستخدام التبغ تعد جزءا مهما في الحياة اليومية في أمريكا. وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في موقع "ذا هيستوري".
في ذلك الزمن، أصدرت حملة المرشح الرئاسي بينجامين هاريسون علبة سجائر على شكل كوخ خشبي، فيما أصدرت حملة هنري كلاي غليونا يحمل رأسه.
أما حملة ويليام هوارد تافت، فكانت على شكل سيجار ضخم يبلغ طوله تسع بوصات مزينا بوجهه، في دعاية عكست بشكل كبير حب المرشح للسيجار، حيث وزعه في وقت مبكر من تسعينيات القرن التاسع عشر عندما كان قاضيا فيدراليا في أوهايو.
وعندما استبدل الأمريكيون بالسيجار السجائر في القرن العشرين، أصدرت شركات التبغ عبوات خاصة بعام الانتخابات لكل مرشح، واعتادت متاجر التبغ بيع العبوات المتنافسة جنبا إلى جنب.
وشكلت المبيعات نوعا من "استطلاع الرأي" غير الرسمي، أي أنه كلما ارتفع الرقم ارتفعت معه حظوظ المرشح، والعكس صحيح.
ورغم التأثيرات الصحية الوخيمة للتدخين، فإن العديد من مرشحي الرئاسة الأمريكية لعبوا على وتر السجائر باعتبار انتشارها الواسع، وحافظ هذا التكتيك على فاعليته حتى وقت قريب في المنافسة بين جورج بوش الأب ومايكل دوكاكيس في عام 1988.
صابون
ومن بين أغرب المنتجات المرتبطة بالدعاية الانتخابية كان صابون الأطفال، حيث انتشر هذا الصابون لدرجة أنه بات من أبرز الهدايا التذكارية التي ظهرت خلال انتخابات عام 1896.
وكان السباق في ذلك العام بين الجمهوري ويليام ماكينلي والديمقراطي ويليام جينينجز برايان، وكانت القضية الرئيسية في الحملة الانتخابية هي ما إذا كان ينبغي التخلي عن معيار الذهب لصالح خطة برايان الاقتصادية البديلة التي أطلق عليها "الفضة المجانية".
في ذلك العام، أرادت شركات الصابون مثل جيرجنز التباهي بتكنولوجيا التصنيع الجديدة التي سمحت لها بصنع الصابون بأي شكل يمكن تخيله، وليس فقط قطع الصابون.
ومن الغريب أن أحدهم قرر أن أطفال الصابون الصغار هم الحل.
وتقول بعض التقارير إن قطع الصابون كانت تأتي في صناديق عليها علامات صغيرة، مكتوب عليها، "والدي يريد الفضة المجانية!" أو "والدي يريد معيار الذهب!".
وحينها، بدا أن لا شيء يعبر عن السياسة الاقتصادية مثل طفل عارٍ طوله أربع بوصات مصنوع من الصابون.
مكرونة أيضا
في عام 1996، أنتجت شركة كرافت صناديق خاصة من "الماك آند تشيز" الشهيرة لتوزيعها في المؤتمرات الوطنية للحزبين الجمهوري والديمقراطي في ذلك العام.
وكانت الحيلة هي أن قطع المكرونة الصغيرة تم تشكيلها على شكل حُمر أو فيلة بدلا من الأشكال المعروفة سابقا.
لكن تلك لم تكن المرة الأولى التي تسعى فيها شركة تصنيع أمريكية إلى تسويق منتجاتها للناخبين من كلا الحزبين.
وحتى الشركات المصنعة الصغيرة دخلت في هذا العمل، مثل عمال المعادن في القرن التاسع عشر الذين باعوا مشابك أحزمة أنيقة لكلا المرشحين في عام 1888.
الألعاب والدمى
لا يحق للأطفال التصويت، ولكن هذا لم يمنع الحملات السياسية من جذب "الطفل" في كل ناخب بألعاب ودمى ذات طابع مرشح.
كان جروفر كليفلاند أول رئيس يتزوج وهو في منصبه، وكانت زوجته الشابة الجميلة فرانسيس من المشاهير في القرن التاسع عشر.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في موقع "ذا هيستوري"، استفادت حملة كليفلاند من افتتان أمريكا بالسيدة الأولى من خلال طباعة مجموعة من بطاقات اللعب مع فرانسيس في دور الملكات الأربع، وكليفلاند في دور الملك ومجموعة من وزراء مجلس الوزراء في دور الآسات والجاكيتات.
في انتخابات عام 1896، أصدرت شركة ألعاب مبتكرة "الفوضى الرئاسية"، وهي لعبة انزلاقية يتم فيها اختيار الفائز بناءً على نتائج المجمع الانتخابي.