بعد رفع الفائدة الأمريكية.. ما هي "نقاط الأساس" وكيف نفهم حركتها؟
في زيادة هي الأكبر منذ 22 عامًا، رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) الفائدة بمعدل 0.5% (50 نقطة أساس) لكبح التضخم.
كما أكد "الفيدرالي" الأمريكي أنه لن يتوانى في استخدام أقوى تشديد للسياسة النقدية منذ عقود لمكافحة التضخم المتصاعد.
لكن ماذا تعني نقطة الأساس؟ وما النتائج المترتبة على تدخل البنوك المركزية في تحريكها سواء بالرفع أو الخفض على الاقتصادات والأسواق والمستهلكين؟
ماذا تعني نقطة الأساس؟
نقطة الأساس "Basis points (BPS)" هي وحدة قياس لمعدلات الفائدة المصرفية وتستخدم لحساب التغييرات فيها. وكل 1% تغيير في سعر الفائدة يقابله تغير بمقدار 100 نقطة أساس.
وتعمل عادة المصارف المركزية على استخدام معدلات الفائدة كأداة لضبط السياسة النقدية وتقوم بتغييرها بنسب صغيرة تقيسها عادة بنقطة الأساس، فمثلًا معدل الفائدة من 5% إلى 5.3% يعني تغيرها بمقدار 30 نقطة أساس.
ووفق منصة "هارفارد بزنس ريفيو" التابعة لكلية هارفارد للأعمال "هارفارد بزنس ببليشينج"، تستخدم المصارف أسلوب (سعر الليبور + نقاط الأساس) أثناء تسعير السندات والقروض بحيث تعطي فائدة بمقدار معين من نقاط الأساس فوق سعر الليبور وهو معدل الفائدة السائد بين المصارف في لندن.
والليبور هو سعر الفائدة المتداول بين البنوك في لندن ويأتي بأخذ الأحرف الأولى (London inter-bank offered rate) وهو سعر الفائدة الذي تقوم البنوك في لندن بإقراض بعضها البعض عليه ضمن المدى القصير.
في ماذا تستخدم نقطة الأساس؟
وتستخدم نقطة الأساس لإزالة الغموض في الحديث عن تغيرات أسعار الفائدة، فعلى سبيل المثال، إذا ذكر المصرف المركزي أنه رفع سعر الفائدة 1% عن سعرها الحالي البالغ 10%، فهذا يعني أن سعر الفائدة أصبح إما 10.1% أو 11%، لذا تستخدم نقطة الأساس عند الحديث فيقول أنه رفع معدل الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وبالتالي أصبح سعر الفائدة 11%.
وعادة تستخدم نقطة الأساس لحساب التغيرات في معدلات الفائدة ومؤشرات الأسهم وعوائد الدخل الثابت للسند، ومن المعتاد تسجيل السندات والقروض وفقاً لشروط نقاط الأساس، وعلى سبيل المثال، يمكن القول بأن معدل الفائدة الذي يقدمه البنك الخاص بك لديه 50 نقطة أساس أعلى من معدل الفائدة السائد بين المصارف فِي لندن، يقال أن السند الذي يزداد عائده من 5% إلى 5.5% وذلك من خلال رفع بمقدار 50 نقطة أساس.
أو يمكن القول بأن معدلات الفائدة التي زادت بنسبة 1% قد زادت من خلال 100 نقطة أساس، أو قام مجلس الاحتياطي الاتحادي بزيادة معدل الفائدة المستهدف من خلال 25 نقطة أساس فذلك يعني بأن المعدلات قد زادت من خلال نقاط مئوية بنسبة 0.25%.
إذا كانت المعدلات بنسبة 2.50%، ورفعها البنك الاحتياطي الفدرالي بنسبة 0.25%، أو 25 نقطة أساس، فإن معدل الفائدة الجديد سيكون 2.75%.
والقيمة السعرية لنقطة الأساس (PVBP) هي مقياس قيمة تغير سعر السهم المطلقة لتغير عائد نقطة أساس، وهي طريقة أخرى لقياس مخاطرة معدل الفائدة على غرار المدة التي تقيس نسبة التغير في سعر السندات حيث أن هناك تغير في المعدلات بنسبة 1%.
وتعتبر القيمة السعرية لنقطة الأساس هي حالة خاصة لدوام الدولار، بدلاً من أستخدام 100 تغير لنقطة الأساس، تستخدم القيمة السعرية لنقطة الأساس ببساطة 1 تغير لنقطة الأساس، لا يهم إذا كان هناك ارتفاع أو انخفاض في المعدلات لأن هذه الخطوة البسيطة في المعدلات سيكون لها نظيرها في اتجاه آخر، وهو ما يشار إليه بتغير قيمة الدولار لكل 1 تحرك لنقطة الأساس.
وتستنبط قاعدة نقطة الأساس من الحركة الأساسية بين نسبتين أو الامتداد بين معدلين فائدة. وبسبب أن التغيرات المسجلة عادة ما تكون محدودة ولأن التغيرات البسيطة يمكن أن تكون قد حققت نتائج كبيرة فتكون القاعدة جزء من النسبة المئوية.
"الفيدرالي الأمريكي" يرفع الفائدة 50 نقطة أساس
وقد صوّتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التابعة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي "المركزي الأمريكي"، بالإجماع الأربعاء 4 مايو 2022، على رفع الفائدة على الأموال الفيدرالية بنصف نقطة مئوية، لتصل إلى 1%، وهو ما يتوافق مع توقعات أغلب المستثمرين.
وتأتي هذه الخطوة الجريئة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي بهدف كبح التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ 40 عاماً. وتُعتبر هذه الزيادة الجديدة هي الكبرى منذ فترة ولاية رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسبق آلان جرينسبان (في عام 2000).
كما أعلن "المركزي الأمريكي" أنه سيبدأ تقليص الميزانية العمومية في أول يونيو، بدءاً بخفض قدره 47.5 مليار دولار شهرياً، ويرتفع إلى 95 مليار دولار شهرياً بعد ثلاثة أشهر.
وقال "المركزي الأمريكي" إنّ "التضخم ما زال مرتفعاً، بما يعكس اختلالات العرض والطلب المرتبطة بجائحة كورونا، وارتفاع أسعار الطاقة وضغوط الأسعار الأوسع". وأضاف: "نحن منتبهون بشدة إلى مخاطر التضخم".
وتوقع "المركزي الأمريكي" أن يعود التضخم إلى مستواه المستهدف البالغ 2%، وأن تبقى سوق العمل قوية مع تشديد مناسب للسياسة النقدية.
وكان صنّاع السياسة النقدية رفعوا سعر الإقراض الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعهم في مارس الماضي، وذلك للمرة الأولى من 2018، لينهوا بذلك عامين من تكاليف الاقتراض القريبة من الصفر، وأشاروا أيضاً إلى 6 زيادات ذات حجم مماثل العام الجاري.
وفي أبريل الماضي قال جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، إنه مستعد لرفع الفائدة 0.5% إذا لزم الأمر، مستخدماً نبرة أكثر تشدداً تجاه كبح التضخم.
التداعيات على المستهلكين
كلما ارتفع سعر الفائدة الذي يضعه البنك المركزي، تزيد نسبة الفائدة بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة، بالعملات المقومة بعملة المركزي أو المرتبطة بها.
في حالة الدولار الأمريكي، فإن كلفة الإقراض سترتفع اعتبارا من اليوم على البنوك، وبالتالي على العملاء، وهذا مؤشر سلبي على الاقتصادات الباحثة عن تحفيز الأسواق من خلال وضع نسب فائدة منخفضة.
إذ سيدفع رفع كلفة الإقراض إلى تراجع وتيرة الإقدام على طلب التسهيلات الائتمانية في الأسواق العالمية، خصوصا بعملة الدولار والعملات المرتبطة به.
وقد تسارعت معدلات أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة خلال الشهور الأخيرة إلى أعلى مستوى لها في 40 عاماً، بسبب صعود تكاليف البنزين، والمواد الغذائية، والإسكان، مع استعداد التضخم للارتفاع بشكل أكبر بعد الحرب الروسية في أوكرانيا.
إذا كان قرار رفع سعر الفائدة له أثر سلبي على الاقتراض، فإن القرار يحمل جانبا إيجابيا بشكل نسبي على أصحاب الودائع المصرفية لدى البنوك العاملة في الأسواق، إذ إن قرار رفع أسعار الفائدة يعني أيضا أن المودع يحصل على عوائد أعلى.
أي أن المودع بعملة الدولار على سبيل المثال، سيكون أمام فرصة تعزيز ودائعه للحصول على فوائد أعلى مقابل إيداعها لدى البنوك، بسبب قرار رفع أسعار الفائدة.
وفي مثل هذه الحالات، تشهد عديد الأسواق ارتفاعا متسارعا في ودائع العملاء لدى القطاعات المصرفية، للاستفادة من نسب الفوائد الصاعدة، في المقابل تتراجع فرة السيولة داخل الأسواق.
ويعني ذلك، أن الودائع المصرفية أصبحت من أحد أشكال الاستثمار للأفراد والمؤسسات، من خلال وضعها داخل حسابات مصرفية، وتقاضي فوائد عليها بشكل شهري أو ربع سنوي أو سنوي.
وهذا هو المغزى من كبح جماح التضخم عبر زيادة أسعار الفائدة، من خلال تقليص حجم الكتلة النقدية داخل الأسواق، وبالتالي يتراجع الاستهلاك والاستثمار، وتعيد الأسواق برمجة القوة الشرائية بناء على السيولة المتوفرة.
عواقب اقتصادية
وحسب ما ذكره الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يوم الأربعاء 4 مايو 2022، فإن الإغلاقات المرتبطة بكوفيد-19 في الصين من المرجح أن تفاقم مشكلات سلاسل الإمداد. وقال إنّ حرب روسيا في أوكرانيا يتسبب في صعوبات إنسانية واقتصادية هائلة.
ويتوقَّع المستثمرون إمكانية إقرار أكثر من سبع زيادات للفائدة في عام 2022 في ظل انتشار ضغوط التضخم.
وفي السوق مخاوف واسعة من أن يؤدي تسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة إلى ركود اقتصادي، خصوصاً بعد حرب أوكرانيا التي زادت الضغوط على حركة التجارة وسلاسل الإمدادت العالمية.
aXA6IDMuMTQ1LjguMTM5IA==
جزيرة ام اند امز