التضخم الأمريكي.. كيف بدأت أزمة ارتفاع الأسعار؟
يعيش راسمو السياسات المالية والنقدية في الولايات المتحدة، حالة طوارئ بهدف خفض أسعار المستهلك والتي سجلت ذروة أكثر من 40 عاما.
حاليا تبلغ نسبة التضخم في الولايات المتحدة، 8.5% وسط توقعات بوصولها إلى 9% خلال أبريل/نيسان الجاري، في بيانات ستصدر خلال وقت لاحق من الشهر المقبل.
ولكن، كيف بدأت أزمة ارتفاع أسعار المستهلك في الولايات المتحدة؟
المفاجأة أن الأزمة الروسية الأوكرانية ليست هي السبب الأول لأزمة التضخم في الولايات المتحدة، بل إن حزم الإنقاذ المالي والتي تجاوزت 5 تريليونات دولار، تعتبر أولى أسباب ارتفاع التضخم.
مؤشرات الاستهلاك
تظهر إحصاءات مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة، أن مؤشرات الاستهلاك لم تتراجع حتى عندما وصلت أسعار المستهلك عند ذروة 40 عاما، إذ ما تزال نسبة من الأموال المحفوظة لديهم، لم تصرف بعد.
وحصل الأمريكيون (أفراد وشركات) على أكثر من 5 تريليونات دولار على شكل حزم لتحفيز الاقتصاد المحلي، وهذه الأموال يجب أن تصرف، ما يعني زيادة في الطلب والاستهلاك، وهو طريق لزيادة الأسعار.
هذه الأموال لها مصطلح اقتصادي يدعى مال المروحيات (Helicopter money)، أي تقديم الأموال بشكل شبه مجاني، وهو ما حصل تقريبا في الحالة الأمريكية خلال جائحة كورونا.
أموال المروحيات
مال المروحيات (Helicopter money) الذي قد يكون جديداً على مسامع وأذهان الكثيرين، هو مصطلح اقتصادي قديم يشير إلى فكرة التوزيع العشوائية للمال المجاني بين المستهلكين، في محاولة لتحفيز زيادة الصرف وبالتالي تحفيز الإنتاج والتوظيف.
ففي عام 1969، كانت الولايات المتحدة تشهد حالة ركود هي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، حينها خرج رجل الاقتصاد الشهير في ذلك الوقت "ميلتون بريدمان" واقترح بشكل صريح "نثر الأموال من طائرة، وبالتالي يلتقط الأفراد الأموال ليصرفوها، ما قد يرفع معدل التضخم المنكمش في ذلك الوقت".
اليوم وبعد 51 عاماً تعود الفكرة مجدداً للتداول من خلال اقتراح وجهه مستشاران اقتصاديان للرئيس السابق دونالد ترامب عبر تقديم مبلغ 1000 دولار لكل مواطن داخل الولايات المتحدة، كإحدى أدوات توفير السيولة وتوفير الاقتصاد والاستهلاك المحليين، بعد تباطؤ حاد بسبب فيروس كورونا المستجد.
وفعلا حصل معظم الأمريكيين في على أكثر من دفعة، قيمة الواحدة منها 1400 دولار لكل فرد من أفراد الأسرة، وتم البدء بإنفاقها منذ النصف الثاني 2021.
3 سنوات على الأقل
ووفق خبراء في وول ستريت، فإن السوق الأمريكية بحاجة إلى 3 سنوات على الأقل، لتصريف حزم الإنقاذ التي تم ضخها في السوق لعدة أشكال من الإنقاذ سواء للأفراد أو المؤسسات.
واضطرت السلطات النقدية لطباعة النقد بكميات أكبر من المعتاد، والحصول عليه على شكل ديون، إلى جانب طرح سندات وأذونات يشتريها الأجانب، كمصدر آخر للسيولة المالية، لتحفيز الاقتصاد الأمريكي المتراجع.
جميع هذه العوامل جعلت من الأسعار تسجل زيادات متسارعة، فاقمتها الأزمة الروسية الأوكرانية، خاصة في جزئية ارتفاع أسعار الوقود والغذاء على وجه الخصوص.. لكن الاستهلاك المحلي ظل مرتفعا على حاله.
aXA6IDMuMTI5LjM5Ljg1IA== جزيرة ام اند امز