هل تنزلق أمريكا وإيران لـ«حرب شاملة»؟.. مؤشرات كاشفة
رغبة متبادلة بين الولايات المتحدة وإيران في عدم اتساع نطاق الصراع، وصولا لحرب شاملة يراها الجانبان كارثية، لكن رغم هذا فإن السيناريو «الأخطر» غير مستبعد، بحسب خبراء.
فقد ينزلق البلدان إليها إذا تصاعدت الأحداث بشكل أكبر من قدرتهما على إيقافها، في ظل تمدد واشنطن العسكري المفرط بالمنطقة، واحتمال عدم قدرة طهران على السيطرة على وكلائها.
- هل سترد إيران على «الانتقام» الأمريكي لهجوم «البرج 22»؟
- «وكلاء إيران لعبوا بالنار».. دعم «غربي» لضربات واشنطن بالعراق وسوريا
وبعد الضربات العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة ردا على مقتل 3 جنود وإصابة 40، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه يحاول ردع طهران دون إثارة حرب واسعة النطاق، وهو ما تماشى مع استهداف الضربات الانتقامية لمنشآت تابعة لوكلاء إيران في العراق وسوريا.
وقالت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية إن تصريح بايدن يتفق مع رده عقب الهجوم على القاعدة الأمريكية، عن سؤال حول تورط إيران، حيث قال "أنا أحملهم المسؤولية، بمعنى أنهم يقدمون الأسلحة لمنفذي الهجوم"، مضيفا "لا أعتقد أننا في حاجة إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط.. ليس هذا ما أبحث عنه".
وهذا الموقف هو نفسه الذي تتبناه إيران، حيث يعتقد العديد من الخبراء أن المرشد الإيراني علي خامنئي يريد تجنب حرب شاملة، وهو ما اتضح في تصريحات ناصر كنعاني المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، تعليقا على هجوم القاعدة الأمريكية، حيث أصر أن طهران "لا تشارك في صنع القرار لجماعات المقاومة".
وقالت "بوليتيكو" إن "هجوم القاعدة الأمريكية مثال مأساوي لمخاطر انتشار القوات في جميع أنحاء العالم، وفي بعض الأحيان بدون مهمة واضحة".
وأشارت إلى وجود نحو 2500 جندي أمريكي بالعراق، و900 آخرين بسوريا، وبضع مئات في الأردن، لكن كل جندي منهم هو ضحية محتملة قد تؤدي إلى صراع مستقبلي.
أما بالنسبة لإيران فإن الانتقام الأمريكي هو مثال على مخاطر إدارة مليشيات بالوكالة على جبهات متعددة، قد لا تكون طهران قادرة على توجيهها بشكل كامل.
وعلى الرغم من أن إيران تجنبت حاليا هجوما داخل حدودها فإن طهران قد تجد أن مصيرها النهائي يمكن أن يحدده زعيم مليشيات بالعراق أو سوريا، إذا أسفر أي هجوم جديد عن مقتل المزيد من الأمريكيين.
وفي هذه الأجواء القابلة للانفجار في أي لحظة قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "إننا لم نشهد وضعاً خطيراً مثل الوضع الذي نواجهه الآن في جميع أنحاء المنطقة منذ عام 1973 وربما حتى قبل ذلك".
وبشكل ما يتعلق الأمر بما إذا كان تعهد الولايات المتحدة بالبقاء "الأمة التي لا غنى عنها" في العالم يضعها في خطر حرب وشيكة على عدة جبهات في وقت واحد.
ووفقا لستيفن فيرتهايم، مؤلف الكتاب الشهير "ولادة التفوق العالمي للولايات المتحدة"، فقد وسعت واشنطن وجودها بشكل مفرط حول العالم دون استراتيجية واضحة، في حين أن قاعدتها الصناعية الدفاعية غير مستعدة، كما أن سياساتها الداخلية مستقطبة ومشلولة في كثير من الأحيان.
وحذر فيرتهايم من مخاطر إبقاء القوات في منطقة ليست محور سياسة إدارة بايدن التي وصلت للسلطة، وهي تسعى إلى تقليل أولوية الشرق الأوسط.
من جانبه، قال السفير الأمريكي السابق ريان كروكر إن بلاده قامت مؤخرا بعمل أفضل بكثير لضمان إبقاء القوات الأمريكية عند الحد الأدنى، وهو أمر مهم لتجنب تكرار ما حدث بعد الانسحاب من العراق 2011، والذي أدى إلى ظهور داعش.
ورغم تأكيده على تحقيق واشنطن هدفها في تقليل بصمتها بالشرق الأوسط، يقول المسؤول الأمريكي السابق تشارلز كوبشان إنه ليس مقتنعا في حاجة بلاده لقواعد في المنطقة، لأن ذلك يعرض القوات الأمريكية للهجمات.
في المقابل يرى البعض من بينهم صقور الجمهوريين أن بايدن في حاجة لأن يكون أكثر عدوانية مع إيران، وقال رويل مارك غيرشت، المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية، إن سبب نجاح استراتيجية الحرب بالوكالة التي تتبعها طهران هي أن "الوكلاء يهاجموننا لكننا لا نهاجم إيران بشكل مباشر".
وفي الأيام التي تلت هجوم القاعدة الأمريكي بدا أن طهران وكتائب حزب الله العراقية يتراجعان عن حافة الهاوية، فأعلنت الكتائب أنها أوقفت جميع الهجمات على القوات الأمريكية، مما يشير إلى تعرضها لضعوط عراقية وإيرانية.
كما حاولت الكتائب تبرئة إيران فقالت في بيان إن طهران "لا تعرف كيف نعمل وكثيرا ما تعترض على الضغوط والتصعيد ضد القوات الأمريكية".
ووصف الجمهوريون الضربات الانتقامية حتى الآن بأنها متواضعة للغاية، وقالوا إن بايدن يجب أن يحاكي اغتيال ترامب لقائد الحرس الثوري قاسم سليماني في 2020.
aXA6IDE4LjIyNy4yMDkuMjE0IA==
جزيرة ام اند امز