العقوبات الأمريكية ضد إيران "هدية غير متوقعة" لروسيا
إعادة الولايات المتحدة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران تعد "هدية غير متوقعة" للاقتصاد الروسي المتدهور.
عندما تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران مستهدفا بشكل رئيسي قطاع النفط، لم يلحظ أنه قدم لروسيا "هدية غير متوقعة" لدعم اقتصادها المتدهور.
ويعد نفط إيران محركا اقتصاديا يزود أوروبا وآسيا بـ4 ملايين برميل يوميا، حسب مجلة "نيوزويك" الأمريكية، لكن العقوبات الأمريكية الجديدة من المرجح أن تلغي مليون برميل من إنتاج إيران النفطي يوميا من الأسواق العالمية بمجرد بدء تطبيق القيود هذا الخريف.
وعانى اقتصاد روسيا، أكبر مورد للطاقة في العالم، بشدة خلال أعوام الأربعة الماضية بسبب العقوبات الأمريكية ضدها وتراجع أسعار النفط ما خلّف عجزا في الميزانية وإجراءات تقشفية، لكن قرارات ترامب تجاه إيران قد تعكس ذلك.
وقال أليكسي جافريلوف، المحلل الروسي في شؤون النفط بموسكو، إن روسيا "عليها أن تشكر دونالد ترامب لتقديمه هذه الهدية غير المتوقعة.. خسارة إيران ستكون مكسب روسيا".
وبدأ الاقتصاد الروسي في التدهور سريعا بعد فرض الولايات المتحدة أولى العقوبات ضد موسكو لضم القرم ودعم المتمردين الانفصاليين في أوكرانيا عام 2014، حيث خسر الروبل الروسي نحو نصف قيمته، وبلغ معدل التضخم رقمين، وتم حظر العديد من رجال الأعمال الروس عن سوق المال العالمي.
إضافة إلى ذلك، عانت روسيا بشكل كبير من تراجع أسعار النفط إلى 30 دولارا للبرميل نزولا من 110 دولارات بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2014؛ نظرا لأن النفط والغاز الطبيعي يشكلان نحو 50% من صادرات روسيا، وهو ما دفع بوتين لاستغلال الاحتياطي العام لتعويض تلك الخسائر والحفاظ على إنفاق الجيش والمجتمع.
ويعد سباق النفط حبل نجاة سياسيا جديدا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي وعد بعد فوزه بفترة رابعة في الانتخابات الرئاسية مارس/آذار الماضي النخبة السياسية بأن تصنع روسيا أجندتها الخاصة للتنمية حتى لا تتدخل الظروف والعوائق في خطتها بينما تحدد موسكو مصيرها الخاص.
لكن خلف الكواليس، سارع بوتين في إنفاق الاحتياطي النقدي العام لروسيا المقدر بـ125 مليار دولار أمريكي لمواكبة العاصفة الاقتصادية القاسية، ما تسبب في انخفاضه خلال 4 أعوام إلى 17 مليار دولار.
وكانت الظروف القاسية تذكرة لبوتين بأن أسعار النفط هي أكبر عامل يشكل قدرته على تسيير روسيا، لكن مع ارتفاع سعر برميل النفط هذا الشهر إلى 80 دولارا يتوقع الخبراء أن يعود الكرملين بقوة لتدخلاته الدولية في أوكرانيا وروسيا.
لكن صعود سوق النفط يأتي بمخاطره في روسيا التي تعتمد على الوقود، إلا أن ارتفاع الأسعار قد تشعل الاستثمار في المحركات الكهربائية والبطاريات الأقل سعرا وأكثر كفاءة، والأدهى من ذلك أن ارتفاع النفط يدعم أكبر منافس استراتيجي لروسيا وهو الإنتاج الأمريكي للغاز الصخري.
ومع علم القيادة الروسية بذلك الخطر، إضافة إلى تهديد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي للاستثمارات الروسية الضخمة في قطاع الطاقة الإيراني، فإنها اتهمت واشنطن بـ"سحق القانون الدولي" في انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني.
لكن يبقى المستقبل القريب لروسيا مضيئا مع ارتفاع سعر برميل النفط وعجز إيران عن سد حاجة المستوردين بعد العقوبات الأمريكية، لتجني موسكو نحو 10 مليارات دولار إضافية يوميا، وهي الكمية التي تحتاجها لاستعادة توازن الميزانية الفيدرالية.