سوق العمل الأمريكي يتباطأ والبطالة عند أعلى مستوى في 3 سنوات

أضاف أصحاب العمل الأمريكيون 22 ألف وظيفة فقط خلال الشهر الماضي، في استمرارٍ لتباطؤ سوق العمل وسط حالة من عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية للرئيس دونالد ترامب.
أعلنت وزارة العمل، يوم الجمعة، أن معدل التوظيف تباطأ من 79 ألف وظيفة في يوليو/تموز، وجاء أقل من توقعات الاقتصاديين لشهر أغسطس/آب، التي بلغت نحو 80 ألف وظيفة. وارتفع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو أسوأ من التوقعات، مسجلاً أعلى مستوى منذ عام 2021، وفقًا لما ذكرته الوزارة.
وكانت الوزارة قد أصدرت الشهر الماضي تقريرًا مخيبًا للآمال عن سوق العمل، رد عليه الرئيس ترامب بإقالة الخبيرة الاقتصادية المسؤولة عن إعداد الأرقام، وترشيح أحد الموالين له ليحل محلها.
وفي حديثه للصحفيين مساء الخميس، خلال عشاء مع كبار مسؤولي شركات التكنولوجيا، بدا ترامب متجاهلًا لما ستصدره وزارة العمل يوم الجمعة، قائلاً: "الأرقام الحقيقية التي أتحدث عنها ستكون كما هي، لكنها ستظهر بعد عام من الآن".
وفقا لوكالة "أسوشيتد برس"، خسرت المصانع 12 ألف وظيفة في أغسطس/آب، وهو الشهر الرابع على التوالي الذي يشهد فيه قطاع التصنيع تراجعًا في الوظائف. كما خفّضت شركات البناء 7 آلاف وظيفة، فيما فقدت الحكومة الفيدرالية 15 ألف وظيفة.
كما عدّلت وزارة العمل بياناتها لتخفض 21 ألف وظيفة من تقديرات شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز، كاشفةً أن أصحاب العمل قد خفّضوا فعلًا 13 ألف وظيفة في يونيو/حزيران، وهي أول خسارة شهرية منذ ديسمبر/كانون الأول 2020.
فقد سوق العمل الأمريكي زخمه هذا العام، نتيجة الآثار المستمرة لـ11 زيادة في أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي لمكافحة التضخم خلال عامي 2022 و2023، إضافةً إلى أن سياسات ترامب، بما في ذلك الحروب التجارية، خلقت حالة من عدم اليقين جعلت المديرين مترددين في التوظيف.
وارتفع متوسط أجر العامل في الساعة بنسبة 0.3% مقارنةً بشهر يوليو/تموز، وبنسبة 3.7% مقارنةً بشهر أغسطس/آب 2024، وهو ما جاء متوافقًا مع توقعات المحللين. ويقترب هذا الرقم على أساس سنوي من نسبة 3.5% التي يعتبرها كثير من الاقتصاديين منسجمة مع هدف التضخم البالغ 2% الذي يسعى إليه مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وتؤكد هذه البيانات أن المجلس سيُقدِم على خفض سعر الفائدة في اجتماعه المقرر يومي 16 و17 سبتمبر/أيلول. وقد أبدى الفيدرالي، برئاسة جيروم باول، ترددًا في خفض الفائدة قبل تبيّن أثر ضرائب ترامب على الواردات في معدلات التضخم.
وكان ترامب قد ضغط مرارًا على باول لخفض الفائدة، وسعى أيضًا لإقالة ليزا كوك، عضوة مجلس الاحتياطي، بزعم تورطها في احتيال عقاري، فيما أكدت كوك أن تلك المزاعم مجرد ذريعة للسيطرة على البنك المركزي.
من جانب آخر، أفادت وزارة العمل يوم الخميس أن عدد الأمريكيين المتقدمين بطلبات للحصول على إعانات البطالة – وهو مؤشر على تسريح العمال – ارتفع إلى أعلى مستوى منذ يونيو/حزيران، وإن ظل ضمن نطاق صحي.
كما أعلنت شركة تشالنجر جراي آند كريسماس، المتخصصة في إعادة توظيف العمالة، يوم الأربعاء، أن أصحاب العمل في الولايات المتحدة ألغوا أكثر من 892 ألف وظيفة منذ بداية العام وحتى أغسطس/آب، مقارنةً بـ761 ألف وظيفة أُلغيت في كامل عام 2024.
وبعد أرقام يوليو/تموز الضعيفة، أقال ترامب إريكا ماكينتارفر، رئيسة مكتب إحصاءات العمل، متهمًا إياها زورًا بالتلاعب بالتقرير للإضرار به سياسيًا، وعيّن إي. جيه. أنتوني – المعروف بتوجهاته الحزبية – خلفًا لها. وفي انتظار تصديق مجلس الشيوخ على التعيين، يتولى ويليام وياتروفسكي، وهو مسؤول مخضرم في وزارة العمل، إدارة المكتب بالإنابة.
وأكد اقتصاديون وخبراء مطلعون على آليات إعداد بيانات التوظيف ثقتهم في أن الوزارة قادرة على حماية البيانات من التدخلات السياسية، مشيرين إلى أن مراجعة الأرقام إجراء معتاد وضروري، إذ إن العديد من الشركات تتأخر في الرد على الاستطلاعات أو تُصحّح بياناتها لاحقًا.
ويواجه الاقتصاديون تحديًا إضافيًا بسبب انخفاض نسبة الشركات المشاركة في الاستطلاعات الحكومية؛ فبينما كانت النسبة قبل عقد نحو 60%، تراجعت الآن إلى حوالي 40%. وتُعد هذه المشكلة عالمية منذ جائحة كوفيد-19؛ حتى أن المملكة المتحدة أوقفت نشر معدل البطالة الرسمي بسبب ضعف الاستجابة.
وقال ويليام بيتش، مفوض مكتب إحصاءات العمل بين 2019 و2023، في مقابلة الشهر الماضي: "أتذكر أنني حضرت مؤتمرًا دوليًا كان فيه كبير الإحصائيين في روسيا يشكو من عزوف الروس عن المشاركة في الاستطلاعات.
وأضاف: ماذا بوسعي أن أفعل؟ إذا لم تستطع فرض الاستجابة في روسيا، فلن تتمكن من فرضها في أي مكان آخر."