بعد تقدير استخباراتي.. واشنطن تأهبت لضربة نووية روسية في أوكرانيا
مع اندلاع الحرب في أوكرانيا كان الهاجس الأكبر الذي يهدد العالم هو الخوف من أن تلجأ روسيا لاستخدام أسلحة نووية.
وفي أواخر عام 2022، بدأت الولايات المتحدة "الاستعداد الصارم" لذلك الاحتمال الذي لو تحقق سيكون أول هجوم نووي في الحرب منذ إسقاط واشنطن قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناجازاكي قبل نحو ثمانين عامًا وفقا لما ذكره الكاتب الأمريكي جيم سكيتو في تقرير له على شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
وقال سكيتو إن كتابه الجديد "عودة القوى العظمى" الذي سيخرج للنور في 12 مارس/آذار الجاري سيكشف تفاصيل حصرية حول المستوى غير المسبوق من التخطيط للطوارئ داخل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي كانت تشعر بالقلق تحديدا من احتمال استخدام روسيا سلاحا نوويا تكتيكيا أو في ساحة المعركة.
ونقل الكاتب عن مسؤول كبير في إدارة بايدن قوله: "أعتقد أنه من حقنا الاستعداد بدقة وبذل كل ما هو ممكن لتجنب حدوث ذلك".
وأوضح أن ما دفع إدارة بايدن إلى التوصل إلى هذا التقييم هو مجموعة من المؤشرات والتحليلات إضافة إلى معلومات استخباراتية شديدة الحساسية.
وقال مسؤول كبير آخر إن مخاوف الإدارة "لم تكن افتراضية فحسب، بل كانت مبنية أيضًا على بعض المعلومات التي حصلنا عليها".
وأضاف "كان علينا أن نخطط بحيث نكون في أفضل وضع ممكن في حالة وقوع هذا الحدث الذي لم يعد من الممكن تصوره".
وخلال الفترة من أواخر صيف إلى خريف 2022، عقد مجلس الأمن القومي الأمريكي سلسلة من الاجتماعات لوضع خطط طوارئ "في حالة وجود مؤشر واضح للغاية على أنهم على وشك القيام بشيء ما، أو الهجوم بسلاح نووي، أو إذا فعلوا ذلك، كيف سنرد، وكيف سنحاول استباقه، أو ردعه".
وكانت هذه الفترة مدمرة للقوات الروسية حيث كانت القوات الأوكرانية تتقدم نحو خيرسون التي سيطرت عليها روسيا في الجنوب وكانت الوحدات الروسية بأكملها معرضة لخطر التطويق وهو ما أثار المخاوف من أن تكون هذه الخسائر "حافزا محتملا" لاستخدام الأسلحة النووية.
وأوضح مسؤول أمريكي أن تعرض أعداد كبيرة من القوات الروسية أو خسارة أراضٍ أوكرانية سبق وسيطرت عليها هو بمثابة "مقدمة لتهديد محتمل مباشر على الأراضي الروسية أو الدولة الروسية" الأمر الذي قد يجعل روسيا ترى أن "ضربة نووية تكتيكية" قد تكون "رادعا ضد المزيد من الخسائر".
وفي ذلك الوقت كانت روسيا تروج لقصة حول "القنبلة القذرة الأوكرانية" وهو ما أثار المخاوف لدى المسؤولين الأمريكيين من أن يكون المقصود منها أن تكون غطاء لهجوم نووي روسي.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2022، أجرى وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، اتصالات مع مسؤولي الدفاع في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وتركيا، تحدث فيها عن "قلق الكرملين بشأن الاستفزازات المحتملة من قبل أوكرانيا التي قد تنطوي على استخدام سلاح قذر".
ورفض مسؤولون أمريكيون وغربيون هذه التحذيرات لكنهم تخوفوا من الدافع وراءها كأن يكون "ذريعة للقيام بشيء مجنون أو كغطاء لشيء كانوا هم أنفسهم يتطلعون إلى القيام به" وفقا لأحد مسؤولي إدارة بايدن.
وبالتزامن تلقت وكالات الاستخبارات الغربية معلومات حول اتصالات بين المسؤولين الروس تناقش صراحة توجيه ضربة نووية.
وكانت الولايات المتحدة قد أثبتت من قبل قدرتها على الوصول إلى الاتصالات الداخلية الروسية حيث اعترضت قبل الحرب اتصالات بين قادة عسكريين روس حول الاستعدادات العسكرية.
ورغم المخاوف، لم تكتشف الولايات المتحدة معلومات استخباراتية تشير إلى اتخاذ روسيا أي خطوات لتعبئة قواتها النووية لتنفيذ هجوم.
ومع ذلك، لم يكن المسؤولون الأمريكيون متأكدين من أنهم سيعرفون إذا كانت روسيا تنقل أسلحة نووية تكتيكية وهي أسلحة صغيرة نسبيا يمكن تحريكها بهدوء وإطلاقها من أنظمة إطلاق تقليدية منتشرة في ساحة المعركة وذلك على النقيض من الأسلحة النووية الاستراتيجية.
وفي تلك الفترة، نقل وزير الخارجية أنتوني بلينكن المخاوف الأمريكية "بشكل مباشر" إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف واتصل رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي بنظيره الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف كما أرسل بايدن مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز إلى تركيا للتحدث إلى سيرغي ناريشكين، رئيس جهاز المخابرات الخارجية الروسية.
وعملت الولايات المتحدة بشكل وثيق مع حلفائها لوضع خطط طوارئ لهجوم نووي روسي ولإبلاغ التحذيرات إلى الجانب الروسي حول عواقب مثل هذه الضربة.
بالإضافة إلى ذلك، سعت الولايات المتحدة إلى الاستعانة بدول غير حليفة، خاصة الصين والهند، لإقناع روسيا بعدم شن مثل هذا الهجوم.
aXA6IDMuMTMzLjEwOC4yMjQg جزيرة ام اند امز