العلاقات العسكرية الأمريكية السعودية.. "صمام أمان" للأمن العالمي
أكثر من 7 عقود من العلاقات أثمرت تعاونا عسكريا شكل الملامح الكبرى للروابط الثنائية ومنح المشهد الدولي نوعا من التوازن الأمني
ما يميّز العلاقات العسكرية السعودية الأمريكية هو أن ميلادها وتطورها عبر السنين جاء مستقلا عن أي تطور في خارطة موازين القوى الدولية، أو عن احتياطات المملكة من النفط، وإنما ولدت وتطورت من رحم توافق دبلوماسي سرعان ما انبثق عنه تعاون عسكري.
أكثر من 7 عقود من العلاقات أثمرت تعاونا عسكريا شكل الملامح الكبرى للروابط الثنائية، ومنح المشهد الدولي عموما، والإقليمي (العربي) بشكل خاص، نوعا من التوازن على المستوى الأمني، في مقاربة عسكرية مثّلت "صمام أمان" للمنطقة العربية والعالم.
ففي خضم الأزمات والحروب التي تهز العالم من كل جانب، تطرح العلاقات العسكرية بين المملكة وواشنطن، نوعا من القوة المضادة لمساعي زعزعة الاستقرار، وتقسيم المنطقة على أساس طائفي يخدم أجندات إيران وميليشياتها المتناثرة في أكثر من دولة عربية بغية تشتيتها وتسميمها بالطائفية.
وفي خضم هذه الفوضى العارمة التي تثيرها العديد من الأطراف بحثا عن فراغ يمنحها تأشيرة الانقضاض على مناطق الضعف والهشاشة بالجسد العربي والعالمي، تبرز السعودية مركز ثقل يعدّل منسوب الفوضى والأطماع، ويخلق توازنا جد ضروري للاستقرار ولو النسبي.
وفي هذا الإطار، تأتي زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، اليوم الثلاثاء، إلى الولايات المتحدة، تفعيلا لإستراتيجية أمنية ثنائية ترمي لتحقيق الأمن الإقليمي والعالم المنشودين.
الرياض- واشنطن.. صمام أمن العالم منذ الأزل
آدم بارون الباحث الأمريكي في "مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية لشؤون العلاقات الخارجية"، اعتبر أن العلاقات العسكرية الأمريكية السعودية تكتسي أهمية بالغة للطرفين، وقد تعززت بشكل أكبر مع وصول دونالد ترامب للحكم عام 2016.
وأضاف بارون، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن أكثر ما عزز العلاقات الثنائية بين المملكة وواشنطن، وخصوصا على المستوى العسكري، هو توافق الرؤى بخصوص الملفات الكبرى، وعلى رأسها الدور الإيراني بالمنطقة، ومكافحة الإرهاب.
كما لفت إلى أن "هذه العلاقات تعززت عبر عقود التسليح الضخمة المبرمة بين الجانبين".
علاقات عسكرية متينة بدأت منذ الحرب العالمية الثانية، وتعززت بمرور الزمن، ونجحت في تجاوز الصعوبات والمطبات.
وتوجت العلاقات الثنائية، عقب زيارة أجراها ترامب للمملكة في مايو/ أيار الماضي، بإبرام صفقة تسليح اشترت بمقتضاها السعودية أسلحة أمريكية بقيمة أكثر من 100 مليار دولار.
مشتريات اتفق الجانبان على أن تقود نحو أخرى تتجاوز 300 مليار دولار على مدى عشر سنوات، لمساعدة الرياض في مواجهة إيران في المنطقة، وفق تصريحات إعلامية لمسؤول رفيع بالإدارة الأمريكية.
المحلل العسكري الأردني، مأمون أبو نوار، رأى أن "العلاقات الأمريكية السعودية متينة منذ خمسينيات القرن الماضي، وخصوصا في ما يتعلق منها بالتمارين العسكرية المشتركة».
وأضاف أبو نوار، وهو لواء طيار متقاعد من سلاح الجو الملكي الأردني، أنّ "الأمريكيين يعتبرون الاتصال العسكري إحدى أدوات السياسة الخارجية لبلادهم لتطوير العلاقات المستقبلية".
كما اعتبر، في حديث لـ" العين الإخبارية"، أن "الأمريكيين يدعمون التدخل السعودي في اليمن (عبر التحالف العربي الذي تقوده المملكة)، على مستوى التخطيط ودعم عمليات الصيانة في الغارات الجوية".
وخلص الخبير العسكري إلى أن "العلاقات العسكرية السعودية الأمريكية وثيقة جدا، وستستمر على هذا النحو لأن الطرفين حلفاء منذ القدم في المنطقة".
إيران.. دور تخريبي يعزز الجهود السعودية الأمريكية
وبسؤال أبو نوار عما إن كان للخلاف الإيراني السعودي دور في تعزيز العلاقات العسكرية بين الرياض وواشنطن، قال أبو نوار: "نعم ، بالفعل ، فهذا الموضوع طبيعي ومرتبط؛ لأن واشنطن فشلت في كبح جماح إيران بالمنطقة، والسعودية والولايات المتحدة تعتمدان على بعضهما البعض".
ولفت إلى أن «واشنطن بحاجة لحلفاء، والسعودية أحدهم».
وفي الواقع، فإن التحالف السعودي الأمريكي شكل على مر العصور درعا ضامنا للأمن في المناطق المهددة.
وكما جاء التحالف الراهن لمواجهة الأطماع الإيرانية المتفاقمة بالمنطقة، وخصوصا في اليمن حيث تحاول طهران عبر ميليشيا الحوثي الحصول على موطىء قدم بهذا البلد، وتجسيد أطماعها التوسعية، فإن التحالف بين الرياض والواشنطن لطالما حمل ذات الأهداف الضامنة للأمن الإقليمي والدولي.
ففي عام 1943، اتّفق رؤساء أركان الجيش الأمريكي على الحصول على قاعدة جديدة في الشرق الأوسط، تكون همزة وصل بين القاهرة وكراتشي، أكبر المدن الباكستانية، لتسهيل استهداف اليابان.
ووقع الاختيار على الظهران في المملكة، قبل أن تنضم الأخيرة لصف الحلفاء خلال الحرب، لتعلن السعودية، عام 1945، الحرب على ألمانيا.
وفى يونيو/ حزيران 1951، شهدت مدينة جدة التوقيع على اتفاقية دفاعية، استأجرت بموجبها واشنطن قاعدة الظهران الجوية، وقامت المملكة بمقتضاها بشراء معدات عسكرية من الولايات المتحدة، والحصول على تدريب لقواتها المسلحة على أيدي خبراء أمريكيين.
وفي حرب 1973، حظرت الرياض تصدير النفط، وفي قرار استثنائي سعت من خلاله المملكة إلى توظيف ثقل إمكاناتها لحماية المصالح العربية.
التسليح.. نقطة ارتكاز في العلاقات الثنائية
تعتمد الرياض فى تسليحها، بشكل رئيسي، على واشنطن، وهو ما تبلور من خلال عشرات الصفقات المبرمة بين الطرفين، حصلت بمقتضاها المملكة على احتياجاتها من الأسلحة، فضلا عن تحديث نظامها الدفاعي.
وفي ديسمبر كانون أول 2013، اشترت السعودية 15 ألف صاروخ من طراز ريثون المضاد للدبابات من واشنطن، في صفقة بأكثر من مليار دولار.
كما تعتمد المملكة على الولايات المتحدة في الرفع من الجاهزية القتالية لقواتها عبر تمرينات عسكرية مشتركة.