مقاربة حرب غزة وضمانات السلام.. الخارجية الأمريكية تكشف لـ«العين الإخبارية» المسار والإجراءات (مقابلة)
تقف أمريكا في كل التفاصيل تقريبا، سواء في الشرق الأوسط أو مجلس الأمن، وعندها تتقاطع أعمدة سياسة تتشابك بدورها مع الكثير من الحسابات.
فما الذي تحتاج إليه واشنطن مثلا حتى لا يعترض حقها في النقض (الفيتو) بمجلس الأمن مساعي وقف الحرب بغزة؟ وما الذي يعنيه استهداف مصالحها بالعراق واعتراضها صواريخ ومسيرات للحوثيين قرب اليمن؟
أسئلة عديدة تشكل مفتاح فهم المشهد الجيوسياسي المعقد في ظل حرب غزة ودعوات تجنيب المدنيين فاتورة التصعيد، وضرورة إدخال المساعدات، ومخاوف اتساع رقعة الصراع، وصولا إلى قمة السلام المرتقبة بمصر والجهود الإماراتية من أجل السلام.
استفهامات يجيب عنها المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية سام وريبورغ، في مقابلة مع «العين الإخبارية»، كشف فيها عن الخطوط العريضة للرؤية الأمريكية لحرب غزة وإمكانات السلام.
وفي ما يلي نص المقابلة:
"العين الإخبارية": ما الذي تحتاج إليه واشنطن حتى لا تستخدم الفيتو بشأن حرب غزة؟
ساميويل وربيرغ: يجب أن ندرك أن الأمم المتحدة وكل المؤسسات الدولية لديها دور في هذه الأزمة، ولكن ليست كل الحلول في نفس الوقت من مجلس الأمن الدولي من الأمم المتحدة.
بالنسبة لكل هذه المناقشات والمبادرات التي رأيناها هذا الأسبوع من قبل مجلس الأمن الدولي، فإن الولايات المتحدة لم تر الرؤية الكاملة بالنسبة لمسؤولية حماس عن بدء هذه الأزمة الأخيرة من هجماتها الإرهابية، وحق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
ومع ذلك ستبقى الولايات المتحدة منخرطة وفي تواصل مع كل الدول في مجلس الأمن والأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش، نريد أن نرى قرارا من مجلس الأمن، ولكن الولايات المتحدة ترى أنه من اللازم لأي قرار أو بيان أن يكون لديها تواصل، وأن يُحمل هذا القرار المسؤولية في المكان المناسب.
حركة حماس وعلى الرغم من سيطرتها على قطاع غزة منذ 16 عاما، لم ولن تقدم للشعب الفلسطيني شيئا إيجابيا، بل قدمت لهم الدمار.
"العين الإخبارية": غدا تنعقد قمة السلام في مصر بمشاركة عدد من الدول، بينها الإمارات. كيف تابعتم جهود الإمارات الدبلوماسية والإنسانية في ما يتعلق بالتصعيد الجاري؟
ساميويل وربيرغ: هناك دلائل واضحة على أهمية الإمارات ودورها بالنسبة للجهود اللازمة لوقف التصعيد والبحث عن السلام وعلاقات دبلوماسية جيدة مع كل الدول المجاورة ودول المنطقة، والدليل على ذلك، رأينا كيف كانت تتعامل الإمارات منذ سنوات مع المنطقة وكانت ولا تزال لديها علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وكل دول المنطقة.
وآخر دليل على ذلك، الاتصال الأخير بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وأيضا الزيارة المهمة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى أبوظبي.
ولذلك فإن الولايات المتحدة والإمارات في تواصل مستمر على كل المستويات ليس فقط عبر البيت الأبيض أو على مستوى الرئيسين، وإنما من خلال سفارتي البلدين في أبوظبي وواشنطن، فبيننا تواصل مستمر كل يوم وكل ساعة بخصوص كل الملفات الأخرى وليس فقط التصعيد الأخير.
"العين الإخبارية": استهداف البارجة الأمريكية قرب اليمن بصواريخ ومسيرات الحوثي يفاقم المخاوف من إمكانية دخول المليشيات على خط حرب غزة، ما تعليقكم؟
ساميويل وربيرغ: نعم لدينا قلق إزاء أي إمكانية لتصعيد آخر بالمنطقة خلال هذه الظروف الصعبة. لا نريد أن يحدث هذا. سنأخذ كافة الإجراءات لحماية أنفسنا، وحماية حلفائنا وشركائنا في المنطقة،
لا أريد أن أدخل في تفاصيل كثيرة حول ما إذا كانت هذه الصواريخ متوجهة إلى إسرائيل أو أماكن أخرى، ولكننا رأينا مرارا وتكرارا بعض هذه المجموعات الإرهابية والمتطرفة ومجموعات أخرى تحاول أن تستغل أي وضع في المنطقة.
سنقوم بحماية أنفسنا وسنأخذ كل الإجراءات. كما رأينا كانت لدينا الإمكانيات لإيقاف هذه الصواريخ وإسقاطها، وسنستمر في ذلك، كما سنستمر في التنسيق مع كل الحلفاء في المنطقة لمنع الحوثيين أو أي جماعة أخرى من التصعيد في المنطقة.
"العين الإخبارية": قلتم إن لديكم الإجراءات لحماية مصالحكم وحلفائكم بالمنطقة، ما هي طبيعة هذه الإجراءات؟
ساميويل وربيرغ: لدينا كل الإمكانية لنتخذ كل الإجراءات أمنيا وسياسيا ودبلوماسيا، وإرسال رسائل واضحة للحوثيين أو أي طرف من الأطراف يحاول استغلال الوضع.
"العين الإخبارية": هل يؤشر استهداف قاعدة عين الأسد في العراق لأكثر من مرة، إلى استئناف استهداف المصالح الأمريكية بهذا البلد بعد هدوء أكثر من عام؟
ساميويل وربيرغ: أؤكد أنه لدينا علاقة وطيدة وقوية مع قوات الأمن والبيشمركة في العراق، وسنناقش كل الإجراءات اللازمة لحماية أنفسنا وشركائنا في العراق.
وهنا أؤكد أن وجود الجيش الأمريكي في العراق هو بدعوة من الحكومة العراقية، ليس هناك أي تدخل أمريكي في الأراضي العراقية بدون السماح وبدون التنسيق مع الحكومة العراقية.
"العين الإخبارية": الرئيس الأمريكي جو بايدن زار إسرائيل وجدد دعمه المطلق لها في الحرب المتواصلة، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن أمضى أسبوعا في المنطقة زار خلالها إسرائيل مرتين، إلى أي مدى ضمنت واشنطن تجنب تل أبيب استهداف المدنيين في غزة؟
ساميويل وربيرغ: لا بد أن نبدأ بالأولويات لدينا. كأي دولة لدينا الأولوية الأولى وهي حماية المواطنين الأمريكيين (الرهائن)، وحتى الآن لا أؤكد العدد بالتحديد.
من اللازم أن نركز على هذا الموضوع، وهو إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين وأيضا الرهائن الآخرين من بعض الدول الأخرى، أما الأولويات الأخرى فهي إيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
لدينا الآن الاتفاق الأخير الذي توصلنا له بعد مباحثات بين الرئيس بايدن والمسؤولين في إسرائيل، حول إمكانية إيصال المساعدات أو على الأقل الـ20 شاحنة الأولى من مصر إلى القطاع عبر معبر رفح.
نحن نتابع المستجدات دقيقة بدقيقة بالنسبة لإمكانية إيصال هذه المساعدات.
وهذه المساعدات نعرف أنها ليست كافية، نحن نرى أنه من الممكن أن نبحث عن مئة شاحنة أو ألف، وهي أيضا ليست كافية. ولذلك سمعنا من الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة ستقدم 100 مليون دولار كمساعدة إنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكذلك الضفة الغربية.
وهذه المساعدات تتكون من مواد طبية وغذائية وغيرها، وفي نفس الوقت لدينا الدعم التاريخي لإسرائيل في الدفاع عن النفس.
نحن نرى منذ بداية هجوم حماس وحتى اليوم، وفي كل الشاشات الهجمات المستمرة من حماس إلى أماكن مدنية في إسرائيل
** وهل تتابعون القصف الإسرائيلي لليوم الرابع عشر على التوالي على قطاع غزة، والذى أوقع آلاف القتلى، مثلما تفعلون بالنسبة لإسرائيل؟
ساميويل وربيرغ: نحن نتابع كل التفاصيل، ولذلك الرئيس بايدن أراد من زيارته لإسرائيل بعث رسالة وجها لوجه، والاستماع من الإسرائيليين حول رؤيتهم وكيف ستقوم تل أبيب بالرد المناسب وحماية نفسها من هجمات حماس، وفي نفس الوقت تجنب الأضرار بالنسبة للمدنيين.
وماذا أخبره الإسرائيليون بهذا الشأن خاصة تجنب قصف المدنيين، ونحن نرى حتى اليوم وحتى اللحظة التي أتحدث فيها معك، قتلى وجرحى من المدنيين على الأرض؟
ساميويل وربيرغ: أؤكد أننا أرسلنا رسالة واضحة أنه لا بد أن تتخذ إسرائيل كل الإجراءات لتجنيب المدنيين الضرر.
هذه الرسالة ليست لمرة واحدة، وإنما سنستمر في الاستماع للرؤية الإسرائيلية بالنسبة لأي توصية لهذا الصراع، أو في ما يتعلق بأي تدخل بري إسرائيلي لغزة، لأن الولايات المتحدة ترى أنه ليس من الممكن أن نضع المسؤولية على الشعب الفلسطيني بسبب ما فعلته حماس، ولذلك نبذل كل ما في وسعنا لإيصال هذه المساعدات له.
"العين الإخبارية": هناك اتفاق على إدخال مساعدات إنسانية لغزة، وأنه ستدخل 20 شاحنة كدفعة أولى. هل برأيكم هذه المساعدات كافية لقطاع محاصر منقطع عنه الماء والكهرباء والغاز والوقود، فضلا عن خروج مستشفيات عن الخدمة؟
ساميويل وربيرغ: الولايات المتحدة لا ترى أن الـ20 شاحنة كافية أو حتى 100 أو 1000، نرى أنه من اللازم أن نقوم بتوفير كل المساعدة اللازمة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.
ولكن يجب أن نعرف أن الولايات المتحدة ليست لديها حدود مشتركة مع قطاع غزة، ولذلك نحن على تواصل مع الجانب المصري، دقيقة بدقيقة، ولدينا المبعوث الخاص للشؤون الإنسانية، وهو في تواصل مع الجانبين المصري والإسرائيلي، وكل الأطراف في المنطقة، ونحن في تواصل مع مصر.
مصر دولة لديها سيادة، وليس لواشنطن أن تفرض عليها الحاجة لفتح الممر بدون الاستعدادات والإجراءات اللازمة لحماية الجانب المصري، ولذلك نتوقع ونتمنى أن نرى دخول هذه المساعدات اليوم (الجمعة).
"العين الإخبارية": حماس اعتبرت الرهائن الأجانب "ضيوفا" لديها، وقالت إنها ستطلق سراحهم حين تسمح الظروف الميدانية بذلك، هل هناك أي وساطات في هذا الموضوع؟
ساميويل وربيرغ: هذا الموضوع حساس جدا، لأننا نبذل كل ما في وسعنا لإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين.
منذ سنوات قمنا بتصنيف حركة حماس، كمنظمة إرهابية، ولذلك لا يوجد لدينا تواصل مباشر.
لكن لدينا تواصل مباشر مع أطراف في المنطقة لديها تواصل مع الحركة. ولدينا إمكانية لإرسال رسائل عبر هذه الأطراف.
هذا الخطاب من حماس خاصة اعتبارها الرهائن الأجانب ضيوفا، أمر سخيف جدا، ونحن لا نصدق أي شيء منها.
"العين الإخبارية": ألا تخشون على هؤلاء الرهائن في ظل مؤشرات على اجتياح إسرائيلي بري للقطاع؟
ساميويل وربيرغ: هذا جزء من المناقشات مع الجانب الإسرائيلي، لا أريد أن أدخل في تفاصيل كثيرة حول الإجراءات التي نريد أن نراها من كل الأطراف فيما يتعلق بالمدنيين وكل الرهائن .
"العين الإخبارية": الولايات المتحدة هي الوسيط في مفاوضات السلام المتعثرة بالأساس بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هل يمكن القول بأن هذه الحرب كتبت شهادة وفاة هذه العملية أو أي دور لواشنطن؟
ساميويل وربيرغ: لا. بالعكس، سمعنا ذلك بشكل واضح من الرئيس بايدن في خطابه بالأمس في البيت الأبيض، بأن الحل الوحيد لهذا الصراع هو الدولة الفلسطينية، حيث يكون للشعب الفلسطيني نفس الحرية والكرامة والسلام بنفس ما لدى الإسرائيليين.
هذا الصراع وهذا العنف يدل على أن الحل الوحيد هو حل الدولتين، والرئيس بايدن يؤمن به منذ سنوات طويلة قبل أن يصبح رئيسا.
ولكن من الضروري أن ندرك من جانب الولايات المتحدة، أنه ليس من الممكن أن تلعب واشنطن دورا إيجابيا كوسيط بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إذا كانت لدينا علاقة مع جانب واحد فقط.
وهنا بكل أسف، نتحدث عن القرارات التي تم اتخاذها من قبل الإدارة الأمريكية السابقة (دونالد ترامب) من قطع العلاقات مع الجانب الفلسطيني وقطع المساعدات الإنسانية.
ولهذا فإن إدارة بايدن ومنذ الأسبوع الأول لها في الإدارة، اتخذت قرار استئناف العلاقة مع الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية وتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة والضفة الغربية.
يجب أن نبني على كل هذه الخطوات.
وهنا نتساءل هل لدينا الظروف المناسبة في هذه اللحظة لاستئناف أي حوار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؟ لا. ونحن ندرك ذلك، ولكن هذا لا يعني أن ننسى هذه الرؤية الإيجابية للبحث عن السلام في المنطقة.