طالبان ومكافحة الإرهاب.. بحث عن شرعية أم مواجهة حقيقية؟
بعد عام على توليها السلطة في أفغانستان، تكافح حركة طالبان على جميع الجبهات تقريبا بما في ذلك الحكم وإعادة بناء الاقتصاد، وضمان الأمن، وتحسين مصداقيتها داخليا وخارجيا.
وبحسب تحليل أعده محلل الأمن والسياسة محمد أمير رانا، ونشرته مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، فإنه إلى جانب التعهدات التي قطعوها في اتفاقية الدوحة، تحدثوا عن ادعاءات مطولة بشأن نظرتهم وسلوكهم المتجدد. لكن يتعامل المجتمع الدولي مع تلك الادعاءات بحذر.
وفيما يتعلق بالسلام والأمن يمكن لنظام طالبان إرساء "سلام بالقوة" في بلد طالته الحرب والصراع منذ فترة طويلة.
وأصبح تنظيم داعش ولاية خراسان تحديا حاسما لطالبان، فمنذ توقيع اتفاقية الدوحة بين ممثلي الولايات المتحدة وطالبان في فبراير/شباط عام 2020، كثف داعش خراسان هجماته داخل أفغانستان.
وشنت طالبان حملة قوية ضد التنظيم، لكن لا يزال مستوى التهديد يتصاعد تدريجيا. وقبل أيام فقط من الذكرى الأولى لسيطرة طالبان على السلطة تسبب مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في إحراج آخر للحركة.
ويرجع الفضل في مقتل الظواهري لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي كانت تناصر استراتيجية "ما وراء الأفق" لمكافحة الإرهاب لهزيمة الإرهابيين منذ انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.
لكن يتعرض هذا النهج في مكافحة الإرهاب للانتقادات على أساس أنه لا يمكن الفوز بالحرب من خلال القوة المحدودة عندما لا تتمكن الولايات المتحدة من هزيمة طالبان أولًا بمزيد من القوات والأصول في أفغانستان.
وأشار التحليل إلى أن نظام طالبان له أوجه القصور الخاصة به، حيث لا يبدو ثاقب الرؤية وربما لا يكون قادرا على إدراك الأفكار المعقدة المتعلقة بالاقتصاد وبناء المؤسسات والأمن الداخلي ومكافحة التهديدات التي تشكلها جماعات مثل داعش خراسان. وبدلًا من ذلك، تعتبر طالبان قوة عصابات أفضل في شن تحدي تمرد على الحكومة.
وطُرح سؤال حول ما إذا كان يمكن للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي (الناتو) مساعدة طالبان في مواجهة التهديدات المرتبطة بالإرهاب العالمي، لافتا إلى أنه من المفهوم أن طالبان تفتقر للمصداقية، وأنه سيكون من الصعب منحهم الثقة بدون الاعتراف بنظامهم والقلق من احتمال إساءة استخدامهم لموارد مكافحة الإرهاب.
ولفت إلى أن التهديدات الإرهابية محدودة النظام يمكن التعامل معها بفاعلية من خلال استخدام القوة المحدودة، لكن في هذا السيناريو يقاتل عدو الولايات المتحدة القديم، حركة طالبان، عدوه الجديد والأخطر، داعش خراسان، والمشكلة هي أن العدو القديم له أصدقاء مثل تنظيم القاعدة وجماعة تحريك طالبان باكستان الذين قد يشكلون تهديدا بالمستقبل.
في هذا السياق، ماذا يجب أن تكون الاستراتيجية؟ بحسب التحليل لا بد من مساعدة طالبان في محاربة داعش خراسان وإجبار الأول على الانفصال عن القاعدة وحركة طالبان باكستان.
وبالنسبة إلى طالبان، سيتطلب الانفصال عن تلك الجماعات بعض الحوافز، وطبقا للتحليل كان هذا أكبر عيوب اتفاقية الدوحة الموقعة بين الولايات المتحدة وطالبان.
وأوضح التحليل أن اتفاقية الدوحة كانت اعترافا بأن القاعدة موجودة في أفغانستان، وتعهدت طالبان بأنها لن تسمح للتنظيم أو أي جماعة إرهابية باستخدام أراضيها في شن هجمات إرهابية، لكن لم يكن لدى طالبان أدنى فكرة عن كيفية ضمان ذلك، ولم تكن الولايات المتحدة مهتمة بمثل تلك الخطط.
وكان يجب أن تطالب الولايات المتحدة بخطة من طالبان بشأن استراتيجيتها المحتملة للتعامل مع المتشددين الأجانب، "هل سيتم ترحيلهم (وهو أمر غير متوقع)؟ وإذا كان الجواب لا، هل سيتم وضعهم في معسكرات أو مستوطنات معزولة؟ كان يمكن التفكير في شيء مثل اتفاقية دايتون"، بحسب التحليل.
عندما وقعت البوسنة وكرواتيا وصربيا عام 1995 على اتفاقية دايتون، قدر العدد الإجمالي للمقاتلين الأجانب في البوسنة -الذين دخلوا البلاد من عام 1992 إلى 1994 وقاتلوا إلى جانب قوات الدفاع المدنية البوسنية- بـ5 آلاف.
وجرى دمج العديد من المقاتلين ككتيبة منفصلة داخل القوات المسلحة البوسنية، وكان مطلوبا من هؤلاء المقاتلين مغادرة البلقان بموجب شروط اتفاق دايتون، لكن ظلت الأغلبية هناك، وحصل ثلثهم على الجنسية البوسنية.
وقبل سيطرة طالبان على السلطة تفاوضوا على الشروط مع المسلحين الأجانب للبقاء في أفغانستان. وزعم متحدث سابق باسم حركة طالبان باكستان، إحسان الله إحسان، في سبتمبر/أيلول عام 2000 أن طالبان الأفغانية ألزمت المسلحين بتسجيل أنفسهم بهويتهم الكاملة.
ومع ذلك، أثبتت تقارير لاحقة أن المسلحين الأجانب رفضوا الفكرة، وتخلت طالبان عنها أيضا.
ولا يزال يمكن للولايات المتحدة التفكير في الخيارات، وبالتأكيد سيكون اختبارات مهمة لطالبان لإثبات صدقها في التعهدات التي قطعتها للمجتمع الدولي، بحسب التحليل.
aXA6IDMuMTM4LjEyNC4xMjMg
جزيرة ام اند امز