«عاصفة الخرف» تهدد بلدة أمريكية.. ربع السكان فوق 65 عاما يعانون من المرض

في قلب ولاية تكساس الأمريكية، وتحديدًا في مدينة ريو غراندي الصغيرة، يلوح شبح مرض الخرف كأزمة صحية صامتة تهدد مستقبل آلاف السكان، حيث تسجل هذه البلدة الحدودية، التي لا يتجاوز عدد سكانها 15 ألف نسمة، واحدة من أعلى نسب الإصابة بالخرف في الولايات المتحدة.
وبحسب الباحثة الدكتورة غلاديس مايستر، مديرة برنامج أبحاث الخرف وألزهايمر في جامعة تكساس - وادي ريو غراندي، فإن واحدًا من كل 4 أشخاص فوق سن 65 في المدينة مصاب بالخرف، مقارنة بنسبة 1 من كل 10 على المستوى الوطني.
إلا أنها تؤكد أن هذه النسبة قد لا تعكس الحقيقة الكاملة، قائلة: "هذا فقط طرف جبل الجليد، فالوصول إلى الرعاية الصحية في هذه المنطقة محدود للغاية، وكثير من المصابين لا يملكون تأمينًا صحيًا ولا يتم تشخيصهم أصلًا".
تزايد الحالات وغياب التغطية الصحية
في ظل ضعف البنية التحتية الطبية، يتفاقم الوضع الصحي في ريو غراندي، حيث تشير شهادات السكان إلى أن كل أسرة تقريبًا باتت تضم فردًا مصابًا بالخرف أو ألزهايمر، وهو ما تؤكده أيضًا المساعدات الطبية الميدانية التي يشرف عليها أطباء مثل الدكتور جيمس فالكون ووالده الطبيب أنطونيو فالكون، وفقا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
الفقر والتلوث والحرارة.. مثلث الخطر
عوامل عديدة تتشابك لتفسير هذه الظاهرة، أبرزها الفقر. فمقاطعة ستار التي تقع فيها المدينة تسجل معدل فقر يقارب 30%، أي أكثر من ضعف المعدل الوطني.
وتؤكد الدراسات أن انخفاض الدخل والتهميش الاجتماعي وسوء جودة الهواء وندرة التفاعل الاجتماعي، جميعها تلعب دورًا في رفع خطر الإصابة بالخرف.
لكن الدكتور مايستر تشير إلى عامل آخر بالغ الخطورة يتمثل في الملوثات البيئية، مثل الزرنيخ والكادميوم، والتي رُصدت في المياه والمنازل القديمة.
وتربط الأبحاث بين هذه المواد السامة وانخفاض القدرات الإدراكية لدى الأطفال والمراهقين، فضلًا عن دورها في تحفيز تطور أمراض التنكس العصبي لدى البالغين.
من جهة أخرى، تسجل المنطقة معدلات حرارة مرتفعة تصل إلى 37 درجة مئوية في يوليو/ تموز، وهو ما يفاقم المخاطر الصحية، خاصة مع الأبحاث التي تؤكد أن الإجهاد الحراري يزيد احتمالات الوفاة أو التدهور المعرفي لدى المصابين بالخرف.
وتقول مؤسسة اكتشاف أدوية الزهايمر إن "الحرارة المفرطة تُجهد الجسم بشكل ينعكس سلبًا على وظائف الدماغ".
بعد عرقي وجيني محتمل
تُعد مقاطعة ستار ذات غالبية من أصول لاتينية، وهي مجموعة تُظهر الدراسات أنها أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 1.5 مرة مقارنة بمجموعات سكانية أخرى، لأسباب قد تشمل العوامل الوراثية وأمراض القلب والظروف الاقتصادية.
من أبرز القصص التي فجّرت حجم الكارثة، العثور على جثة امرأة مسنة تُدعى ماريا سوبرانو (84 عامًا) كانت تعاني من ألزهايمر، بعد اختفائها في مدينة روما بالمقاطعة ذاتها.
ويرجح أن إصابتها بالمرض ساهمت في ضياعها وعدم قدرتها على طلب المساعدة.
في ظل هذا الواقع، تحذّر الدكتورة مايستر من استمرار التجاهل قائلة: "نعيش عاصفة مثالية حيث تتلاقى الملوثات البيئية ودرجات الحرارة المرتفعة وتجارب الحياة القاسية لتهدد وظائف الدماغ".
وأضافت: "نحتاج إلى مزيد من الأبحاث والبنية التحتية لرعاية المصابين والوقاية من المرض".
وفي تطور تشريعي لافت، أقر مجلس النواب في تكساس مشروع قانون لإنشاء "معهد أبحاث ووقاية من الخرف في تكساس" بميزانية تُقدّر بـ3 مليارات دولار، بهدف دعم الأبحاث الطبية وتشجيع التعاون بين الجامعات والمؤسسات الطبية.
وتشير إحصاءات وزارة الصحة بولاية تكساس إلى أن نحو 459 ألف شخص بالولاية شُخّصوا بمرض ألزهايمر، ما يعادل نحو 12% من سكان الولاية فوق سن 65 عامًا، فيما لا تزال أرقام غير المشخّصين غير معروفة، وسط مخاوف من أن يكون الوضع في أماكن مثل ريو غراندي أسوأ بكثير مما تظهره التقارير.