المنطاد الصيني وحرب النجوم.. عودة بغلاف تقليدي
لسنوات طويلة، تركزت تكنولوجيا المراقبة على الأقمار الصناعية ومداراتها التي يمكن توقعها في الفضاء، لكن أداة تقليدية تعود بطريقة مختلفة.
هذه العودة رسمها ظهور مفاجئ لمنطاد ضخم في الأجواء الأمريكية، اتهمت واشنطن بكين بإرساله ووصفته بأنه "أداة تجسس"، لكن الصين ردت بأنه "مخصص للبحث العلمي ووصل الأجواء الأمريكية بالخطأ".
وتقول وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إنها تتتبع المنطاد -بحجم ثلاث حافلات- منذ عدة أيام، لكنها قررت عدم إسقاطه، معللة ذلك بأن المنطاد يحلق فوق ارتفاع حركة الطيران التجاري والعسكري، ولا يشكل تهديدا استخباراتيا ضخما.
واليوم الجمعة، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، إن المنطاد دخل المجال الجوي الأمريكي بالخطأ، لافتة إلى أنه "منطاد مدني يستخدم في الأغراض البحثية، لا سيما الأرصاد الجوية".
وتابعت "بسبب تأثره بالرياح الغربية ومع القدرة المحدودة على التوجيه الذاتي، انحرف المنطاد بعيدا عن مساره المخطط له. ويأسف الجانب الصيني لدخول المنطاد غير المقصود للمجال الجوي الأمريكي بسبب قوة قاهرة".
والمنطاد مملوء بالهيليوم، ويحوي ألواح طاقة شمسية توفر الطاقة، كما يمكن أن يحوي أيضا كاميرات، ورادار، ومستشعرات، ومعدات اتصالات.
ويحلق المنطاد، وفق تقديرات أمريكية، على ارتفاع ما بين 120 ألف قدم (37 كيلومترا) و80 ألف قدم (24 كيلومترا)، أي أعلى من مستوى تحليق المقاتلات، والطائرات التجارية، ما يجعله صعب الرصد.
أداة تقليدية
هذه القدرة الكبيرة على التحليق على ارتفاع كبير دون رصد، تجعل من المنطاد، الذي يعد أداة تقليدية جدا إذا صحت الاتهامات الأمريكية بأنه يحاول التجسس، بمثابة "شبح قديم يطل بوجه جديد".
هذا الشبح يمكن أن يعيد إلى الواجهة مصطلح حروب النجوم، وحروب الفضاء، ويحرك جهود تشكيل جناح دفاعي بالجيش الأمريكي معني بالفضاء، وكل ما يخرج من نطاق عمل المقاتلات والصواريخ البالستية، وفق مراقبين.
وكان مصطلح إنشاء قوة فضائية في الجيش الأمريكي مطروحا في فترة الرئيس السابق دونالد ترامب، لكن وكالة أنباء الصين الرسمية (شينخوا)، وصفت الخطوة في حينها، بأنها ستحول "حرب النجوم" إلى واقع.
وفي زمن الأقمار الصناعية، والتطورات الحديثة التي جعلت الأجهزة الإلكترونية ضخمة الإمكانات ومتناهية الصغر، كان يعتقد حتى وقت قريب أن الأدوات التقليدية مثل البالون باتت من الماضي.
لكن تحليل لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، قال إن هذه الأدوات القديمة للمراقبة، والتي تُعرف بـ"منصات الاستخبارات العائمة"، قد تسجل عودة مهمة في عالم اليوم، عبر الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.
ويقول بيتر لايتون، زميل في معهد "جريفيث آسيا" في أستراليا وضابط سابق في القوات الجوية الملكية الأسترالية، "يمكن أن تزن حمولات البالون في الوقت الحالي، وزنا أقل، وبالتالي يمكن أن تكون البالونات أصغر وأرخص وأسهل في الإطلاق" مقارنة بالأقمار الصناعية.
ميزة إضافية
بينما يقول بليك هيرزينجر، الخبير في السياسة الدفاعية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ في معهد "أمريكان إنتربرايز" في تصريحات صحفية، إنه "رغم سرعتها البطيئة، إلا أنه ليس من السهل دائمًا اكتشاف البالونات، ما يمنحها ميزة إضافية في عالم اليوم".
ويوضح: "بصمتها الحرارية منخفضة للغاية وانبعاثاتها تقترب من الصفر، وبالتالي من الصعب التعرف عليها ورصدها سواء بالطرق التقليدية أو التكنولوجيا الحديثة".
كما يمكن للبالونات أن تفعل بعض الأشياء التي لا تستطيع الأقمار الصناعية القيام بها، إذ يقول لايتون: "الأنظمة المعتمدة على الفضاء (الأقمار الصناعية) جيدة بنفس القدر، لكنها أكثر قابلية للتنبؤ بها وحركتها المدارية".
ويتابع "تتمثل ميزة المناطيد في إمكانية توجيهها باستخدام أجهزة الكمبيوتر الموجودة على متن الطائرة والاستفادة من الرياح ويمكنها الصعود والنزول بدرجة محدودة. هذا يعني أنها تستطيع التسكع ورصد الكثير من التفاصيل".
ويمضي موضحا "لا يمكن للقمر الصناعي أن يتسكع ولا التخفي أو تفادي الرصد".
وبصفة عامة، يعود استخدام البالونات كمنصات تجسس إلى الأيام الأولى للحرب الباردة، إذ استخدمت الولايات المتحدة المئات منهم لمراقبة خصومها.
aXA6IDMuMTM1LjE4NC4xOTUg جزيرة ام اند امز